جواهر القران لأبي حامد الغزالي

 كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي

Translate اختر لغة الترجمة الترجمة

الاثنين، 23 أغسطس 2021

ج 3. كتاب : العجاب في بيان الأسباب شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي



ج 3. كتاب : العجاب في بيان الأسباب  شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي

صدقناك وإلا فلست بنبي فنزلت وقوله وبالذي قلتم أي القربان الذي تأكله النار
وذكر الثعلبي عن ابن الكلبي قال نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازورا وحيي بن أخطب قالوا يا محمد إنك تزعم أن الله بعثك إلينا رسولا وأنزل عليك كتابا 334 وإن الله أنزل علينا في الترواة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار فإن جئتنا به صدقناك فنزلت
وذكر الثعلبي عن السدي قال أمر الله بني إسرائيل في التوراة من جاءكم من أحد يزعم أنه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد فإذا أتياكم فآمنوا بهما فإنهما يأتيان بغير قربان قال الله قل يا محمد إقامة للحجة عليهم قد جاءكم أيها اليهود رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم وأراد بذلك أسلافهم فخاطبهم بذلك أنهم رضوا فعل أسلافهم
قال الثعلبي فمعنى الآية تكذيبهم إياك يا محمد مع علمهم بصدقك كقتل أسلافهم الأنبياء مع إتيانهم بالقربان والمعجزات
قلت إن ثبت هذا السدي نقله الذي من أنهم حذفوا من التوراة استثناء المسيح ومحمد أزال أشكالا كبيرا
264 - قوله تعالى لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذي أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا 186
تقدم قريبا في قصة أبي بكر مع فنحاص
وروينا في حديث الزهري جمع الذهلي من طريق الزهري عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن كعب بن الأشرف كان شاعرا وكان يؤذي النبي ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان النبي قدم المدينة وبها المشركون واليهود فأراد أن يستصلحهم وكانوا يؤذونه وأصحابه أشد الأذى فأمره الله بالصبر على ذلك منهم وأنزل ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيرا
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 335 عن معمر عن الزهري ولم يذكر أحدا قوله
وشاهده في صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله ركب على حمار وتحته قطيفة فذكر القصة وفيها وكان رسول الله وأصحابه
يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله تعالى ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذي أشركوا أذى كثيرا إلى آخر الآية
265 - قوله تعالى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب 187
يأتي في الذي بعده
266 - قوله تعالى لا تحسبن الذين يفرحون أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا الآية 188
1 - أخرج البخاري من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله فإذا قدم رسول الله من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا له وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت
وأخرجه أيضا مسلم وابن حبان من هذا الوجه
ورواه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقصر به لم يذكر عطاء بن يسار
أخرجه ابن مردويه في تفسيره من طريق الليث عنه عن زيد بن أسلم قال كان أبو سعيد وزيد بن ثابت عند مروان فقال يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ونحن نفرح بما أويتنا ونحب أن نحمد بما لم نفعل فقال أبو سعيد إن هذا ليس من ذلك إنما ذلك أن ناسا من المنافقين فذكر الحديث وفيه فإن كان فيهم نكبة فرحوا بتخلفهم وإن كان لهم نصر حلفوا لهم ليرضوهم ويحمدونهم 336 على سرورهم بالنصر
فقال مروان أين هذا من هذا فقال أبو سعيد وهذا يعلم ذلك فقال مروان أكذلك يا زيد قال نعم صدق أبو سعيد ثم قال أبو سعيد وهذا يعلم ذلك يعني رافع بن خديج ولكنه يخشى إن أخبرك أن تنزع قلائصه في الصدقة فلما خرجوا قال زيد بن ثابت لأبي سعيد ألا تحمدني على ما شهدت لك فقال شهدت بالحق فقال أولا تحمدني إذا شهدت بالحق
وأخرجه ابن مردويه والثعلبي من طريق عبد العزيز بن يحيى المدني عن مالك عن زيد بن أسلم عن رافع بن خديج أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان وهو أمير المدينة يومئذ فقال مروان لرافع في أي شيء أنزلت هذه الآية لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا فقال رافع أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله وأصحابه في سفر تخلفوا عنه فأنكر مروان ذلك وقال ما هذا فجزع رافع وقال لزيد بن ثابت أنشدك بالله هل تعلم ما قال رسول الله قال زيد نعم فخرجا من عند مروان فقال زيد لرافع وهو يمزح معه أما تحمدني لما شهدت لك فقال رافع وأي شيء هذا أحمدك على أن تشهد بالحق قال زيد نعم قد حمد الله
على الحق أهله
قلت عبد العزيز بن يحيى ضعيف جدا ورواية هشام أصح لأنها موافقة لرواية محمد بن جعفر بن أبي كثير المخرجة في الصحيح
ودلت هذه الرواية على أن مروان كان يكرر السؤال على هذه الآية لأن في الصحيح من طريق ابن أبي مليكة 337 أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن مروان قال لبوابه اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له لئن كان كل امرىء يفرح بما أتى وأجب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس ما لكم ولهذه إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه قال ابن عباس سألهم النبي عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بالذي سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه
وكذا أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم
ويمكن الجمع بين الحديثين بنزول الآية في حق المنافقين وفي أهل الكتاب
3 - قول آخر ذكر ابن إسحاق عن محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة قال في قوله تعالى ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية قال يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلال ويحبون أن يحمدوا أن يقول لهم الناس علماء وليسوا بأهل علم
4 - قول آخر قال عبد الرزاق عن الثوري عن أبي الجحاف عن مسلم البطين سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية والتي بعدها وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب و لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا فقالوا الأولى كتمانهم محمدا والثانية قولهم أنهم على دين إبراهيم
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شريك عن أبي الجحاف لفظه يقولون نحن على دين إبراهيم وليسوا كذلك
5 - قول آخر أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة إن أهل خيبر أتوا النبي 338 فقالوا إنا على رأيك ودينك وإنا لكم ود فأكذبهم الله وقال ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية
وأخرجه عبد بن حميد من رواية شيبان عنه نحوه
6 - قول آخر أخرج عبد بن حميد من طريق جويبر عن الضحاك كتب يهود المدينة إلى يهود العراق ويهود اليمن ويهود الشام ومن بلغهم كتابهم من أهل الأرض أن محمدا ليس بنبي واثبتوا على دينكم وأجمعوا كلمتكم على ذلك فاجتمعت كلمتهم على الكفر بمحمد والقرآن وفرحوا بذلك وقالوا الحمد لله الذي جمع كلمتنا ولم نتفرق ولم نترك ديننا وقالوا نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله وذلك قول الله تعالى ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من العبادة كالصوم والصلاة وغير ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور سألت الحسن عن قوله ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال هم يهود خيبر قدموا على النبي قالوا للناس حين خرجوا إليهم إنا قد قبلنا الدين ورضينا به فأحبوا أن يحمدوا بما لم
يفعلوا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق مغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي في هذه الآية قال ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب قال كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء فأدخلتهم الملوك عليهم فرخصوا لهم فأعطوهم فخرجوا وهم فرحون بما أخذوه
وأخرجا من طريق أبي المعلى سمعت سعيد بن جبير قال أولئك اليهود فرحوا بما أعطى الله تعالى آل إبراهيم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد 339 هم يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وجحودهم إياه
267 - قوله تعالى إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب 190
أخرج عبد بن حميد عن الحسن بن موسي عن يعقوب القمي عن جعفر بن
أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال انطلقت قريش إلى اليهود فسألوهم ما أتى به موسى من الآيات فذكروا عصاه ويده وأتوا النصارى فقالوا كيف كان عيسى فقالوا كان يبرىء الأكمه والأبرص فأتوا النبي فقالوا ادع لنا ربك يجعل لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا فأنزل الله تعالى هذه الآية
وأخرجه ابن أبي حاتم والطبراني من رواية يحيى بن عبد الحميد عن يعقوب موصولا يذكر ابن عباس فيه والمرسل أصح
268 - قوله تعالى فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم الآية 195
أخرج الترمذي والحاكم من طريق عمرو بن دينار عن أبي عمر بن أبي سلمة رجل من ولد أم سلمة قال قالت أم سلمة يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى في رواية الحاكم سلمة بن عمر بن سلمة
وقال عبد الرزاق في تفسيره أنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار سمعت رجلا من ولد أظنه قال أم سلمة فذكره
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبن أبي نجيح عن مجاهد قال قالت أم سلمة لا نستشهد ولا نقاتل ولا نقطع الميراث فنزلت أني لا أضيع الآية
269 - قوله تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد الآية 196
قال الثعلبي نزلت في مشركي العرب وذلك لأنهم كانوا في رخاء من العيش فقال بعض المؤمنين أعداء الله 340 فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع فنزلت
270 - قوله تعالى وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم الآية 199
نزلت في النجاشي وذلك أنه لما مات نعاه جبريل لرسول الله في اليوم الذي مات فيه فقال لأصحابه أخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم فقالوا ومن هو قال النجاشي فخرج إلى البقيع فكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه فكبر أربع تكبيرات واستغفر له وقال لأصحابه استغفروا له فقال المنافقون انظروا إلى هذا يصلي على حبشي نصراني لم يره قط ولم يكن على دينه فأنزل الله تعالى وإن من أهل الكتاب وينظر في تفسير البقرة من قوله ولله المشرق والمغرب
وأخرج الدارقطني في الأفراد من رواية معتمر عن حميد عن انس قال
قال النبي قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي فقال بعضهم لبعض يأمرنا أن نصلي على علج من الحبشة فأنزل الله وإن من أهل الكتاب الآية
قال الدارقطني تفرد به معتمر ولا نعلم رواه عنه غير أبي هاني أحمد بن بكار كذا قال وقد أخرجه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن حميد وله طريق أخرى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال لما مات النجاشي قال النبي استغفروا لأخيكم فقال بعض القوم يأمرنا أن نستغفر لهذا العلج يموت بأرض الحبشة فنزلت وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله الآية
وهو من رواية مؤمل بن إسماعيل عن حماد وفيه لين
وأخرجه عبد بن حميد عن سليمان 341 بن حرب عن حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن عائشة عن حماد
وقال عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة نزلت في النجاشي وأصحابه
وأخرج عبد بن حميد من رواية شيبان عن قتادة نحوه وزاد وكانوا على شريعة من الحق يقولون في عيسى ما قال الله عز و جل ويؤمنون برسول الله ويصدقون بما أنزل الله فيه وذكر لنا أن رسول الله صلى على النجاشي حين بلغه موته
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب
وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال لما قدم على النبي موت النجاشي قال اخرجوا فصلوا على أخ لكم فخرجنا وتقدم فصلى وصلينا فلما انصرف قال المنافقون انظروا إلى هذا خرج فصلى على علج نصراني لم يره قط فأنزل الله عز و جل فيه الآية
وأخرجه أيضا من رواية قطن بن خليفة عن عطية عن أبي سعيد نحوه
وأخرج الطبراني في الكبير من حديث وحشي بن حرب نحوه لكن قال فقال رجل يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره فقال ألا تسمعون إلى
قول الله تعالى وإن من أهل الكتاب الآية
2 - وأخرج سنيد من طريق ابن جريج نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه
271 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون 200
أخرج الحاكم 343 من طريق مصعب بن ثابت حدثني داود بن صالح قال قال أبو سلمة بن عبد الرحمن يا ابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا الآية قلت لا قال يا ابن أخي
إني سمعت أبا هريرة يقول لم يكن في زمان رسول الله غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة
قلت أورده الواحدي وليس من شرطه
آخر ما في سورة آل عمران

سورة النساء 272 - قوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب إلى قوله حوبا كبيرا 2
1 - نقل الواحدي عن الكلبي قال نزلت هذه الآية في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى رسول الله فنزلت الآية فقال العم أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله
وذكر مقاتل نحوه وسمى العم المنذر بن رفاعة
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير فذكر نحوه ولم يقل من غطفان
2 - قول آخر
أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر وحده المال فنزلت
273 - قوله تعالى ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب 2
قال السدي كان أحدهم يأخذ الشاة المسمنة من غنم اليتيم ويجعل بدلها الشاة المهزولة ويقول شاة بشاة ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح الدرهم الزيف ويقول بدرهم أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي 343 وذكر الطبري وغيره عن الزهري والنخعي والضحاك وغيرهم نحوه
274 - قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة الآية 3
1 - أخرج عبد بن حميد عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد واللفظ له وعبد الرزاق عن معمر كلاهما عن أيوب عن سعيد بن جبير قال بعث الله
محمدا والناس على أمر جاهليتهم إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عن شيء وكانوا يسألون عن اليتامى فنزلت هذه الآية فقصرهم على أربع فكما تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فكذلك خافوا أن لا تعدلوا بين النساء
ولفظ معمر خاف الناس أن لا يقسطوا في اليتامى فنزلت فانكحوا ما طاب لكم من النساء يقول ما أحل لكم مثنى وثلاث ورباع وخافوا في النساء مثل الذي خفتم في اليتامى
ووصله عبد بن حميد بذكر ابن عباس مختصرا أخرجه من طريق عبد الكريم الجزري عن سعيد عن ابن عباس قال كما خفتم في اليتامى فخافوا في النساء إذا اجتمعن عندكم
وأخرج ابن المنذر من طريق سماك بن حرب عن عكرمة كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر فيقول الآخر ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فيأخذ مال اليتيم فيتزوج به فنهوا أن يتزوج الرجل فوق الأربع
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن ابي طلحة عن ابن عباس كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء فيتزوجون ما شاؤا فربما عدلوا وربما لم يعدلوا فلما سألوا عن اليتامى فنزلت وآتوا اليتامى أموالهم بدل وإن خفتم
أن لا تقسطوا في اليتامى 344 فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعولوهن فلا تزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن لأن النساء كاليتامى في الصغر والعجز
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة نحو الأول وزاد في أوله كان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة فما دون ذلك فأحل الله أربعا فقصرهم على أربعة
2 - قول آخر أخرج البخاري من طريق ابن جريج أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق فكان يمسكها عليه ولم يكن لها في نفسه شيء فنزلت فيه وإن خفتم أن لا تقسطوا أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله هكذا أورده مختصرا من هذا الوجه وأورده هو ومسلم وغيرهما من طريق أبي أسامة عن هشام بلفظ أنزلت هذه
الآية في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ولها مال وليس لها أحد يخاصم دونها ولا ينكحها إلا لمالها فيضربها ويسيىء عشرتها فقال الله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم أي حل ودعوا هذه
وأورده أتم منه من طريق الزهري أخبرني عروة أنه سأل عائشة عن قوله تعالى وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى قالت يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط لها في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن فيبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن
قالت عائشة وقول الله في الآية الأخرى وترغبون 345 أن تنكحوهن رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال
قالت فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذ كن قليلات المال والجمال
275 - قوله ز تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة 4
1 - أخرج عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم من طريق هشيم عن سيار عن أبي صالح قال كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك ونزلت وآتوا النساء صدقاتهن نحلة الآية
2 - قول آخر نقل الثعلبي عن الكلبي وجماعة قالوا هذا خطاب للأولياء وذلك أن ولي المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرا وإن كان زوجها غريبا حملوها إليه على بعير ولا يعطونها من مهرها غير ذلك وكذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنتا هنيئا لك النافحة أي يأخذ في مهرها إبلا يضمها إلى إبله فيكثرها بها فنهاهم الله عن ذلك وأمر بأن يعطى الحق لأهله
3 - قول آخر نقل الثعلبي عن الحضرمي كان أولياء النساء يعطي هذا أخته على أن يعطيه الآخر أخته فنهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر عند العقد
4 - قول آخر قال الثعلبي قال آخرون الخطاب للأزواج أمروا بإيفاء نسائهم مهورهن التي هي أثمان فروجهن قال وهذا أوضح وأصح وهو أشبه بظاهر الآية وقول الأكثر
276 - قوله ز تعالى فكلوه هنيئا مريئا 4
قال الثعلبي قيل إن ناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته فقال الله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا
277 - قوله ز تعالى ولا تؤتوا السفهاء 346 أموالكم التي جعل الله لكم قياما الآية 5
1 - قال الثعلبي عن الحضرمي عمد رجل إلى أمرأته فدفع إليها ماله فوضعته في غير الحق فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس هو الأولاد وقاله طوائف
3 - قول آخر عن سعيد بن جبير هو مال اليتيم يكون عندك لا تعطه إياه وأنفق عليه حتى يبلغ
قال الطبري أضيفت الأموال إلى أولياء الأيتام لأنهم هم الذين يقومون عليها وهي بأيديهم
278 - قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم 6
قال الثعلبي نزلت في ثابت بين رفاعة فذكر قوله متى أدفع إليه ماله فنزلت فإن آنستم منهم رشدا الآية وسيذكر في الذي يليه
279 - قوله تعالى ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف 6
1 - قال الثعلبي نزلت في ثابت بن رفاعة وعمه وذلك أن رفاعة مات وترك
ابنه ثابتا وهو صغير فأتى عم ثابت النبي فقال إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله فأنزل الله تعالى وابتلوا اليتامى انتهى
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في ثابت بن رفاعة فذكر نحوه وقال فيه فنزلت فيه الآية كلها إلى قوله وكفى بالله حسيبا
قلت أخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن شيبان عن قتادة قال ذكر لنا أن عم ثابت بن وديعة لأبيه صار إلى النبي فقال إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله قال أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ولا تتخذ من ماله وفرا
ومن ثلاثة طرق 347 إلى الحسن العرني قال سأل رجل النبي فقال إن في حجري يتيما فآكل من ماله قال بالمعروف غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله
وقال البخاري حدثنا إسحاق أنا ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أنزلت في والي اليتيم
وأخرج أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا سأل رسول الله فقال ليس لي مال ولي يتيم فقال كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي أو تفتدي مالك بماله ورجاله إلى عمرو رجال الصحيح
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن نافع بن أبي نعيم
قال سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله تعالى ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قالا ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه يعني الولي بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء
280 - قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون الآية 7
قال الثعلبي نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها أم كجة وثلاث بنات له منها فقام ابنا عمه وهما وصياه قال ابن الكلبي هما قتادة وعرفطة وقال غيره سويد وعرفجة فلم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغيرة ولو كان ذكرا ويقولون لا يعطى إلا من يقاتل على ظهور الخيل ويحوز الغنيمة فجاءت أم كجة فقالت يا رسول الله إن أوس بن ثابت مات وترك علي ثلاث بنات وترك أبوهن مالا حسنا فأخذ أخواه المال ولم يعطياني شيئا وهن في حجري 348 ولا يطعماني ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأسا فدعاهما فقالا يا رسول الله ولدها لا تركب فرسا ولا تحمل كلا ولا تنكأ عدوا فقال انصرفوا حتى أنظر فأنزل الله للرجال نصيب الآية فأثبت لهن في الميراث حقا ولم يبين كم هو فأرسل إليهما فقال لا تفرقا من مال أوس شيئا حتى
أنظر فأنزل الله يوصيكم الله في أولادكم الآية فأرسل إليهما رسول الله ادفعا إلى أم كجة الثمن مما ترك وإلى بناته الثلثين ولكما باقي المال
قلت هذا السياق الذي أورده لم أره فيحتمل أن يكون لابن الكلبي وأما قوله وقال غيره سويد وعرفجة فوقع في تفسير مقاتل ترك ابني عمه عرفطة وسويد ابني الحارث وامرأته أم كجة وابنتين إحداهما صفية فذكر معنى القصة ونزول الآية الأولى
وأخرج سنيد والطبري من طريقه عن حجاج عن ابن جريج عن عكرمة في هذه الآية نزلت في أم كجة وبنت كجة وثعلبة وأوس بن ثابت وهما من الأنصار أحدهما زوجها والآخر عم ولدها فذكرها باختصار
وأخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج قال قال ابن عباس نزلت في أم كلثوم وبنت أم كجة وثعلبة بن أوس وسويد كان أحدهما زوجها والآخر عم ولدها فذكره باختصار زاد ابن المنذر وقال ابن جريج
قال آخرون أم كجة
ومن طريق أسباط بن نصر عن السدي كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الصغار إنما يرث من الولد من أطاق القتال فمات عبد الرحمن بن ثابت أخو حسان وترك امرأة يقال لها أم كجة وترك خمس جواري فجاء الورثة فأخذوا ماله فشكت أمهم ذلك لرسول الله 349 فنزلت آية الميراث فإن كن نساء فوق اثنتين كما قال
ومن طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير نحوه إلى قوله ولا الصغار فقال بعدها يجعلون الميراث لذوي الأسنان من الرجال فنزلت للرجال نصيب الآية ولم يسم أحدا منهم
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانوا لا يورثون النساء فنزلت وللنساء نصيب
وكذا أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق مختصرا
وأخرج ابن مردويه من طريق إبراهيم بن هراسة عن الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر جاءت أم كجة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إن لي ابنتين قد مات أبوهما وليس لهما شيء فأنزل الله للرجال نصيب الآية
وإبراهيم ضعيف
وقد أخرج أحمد الحديث من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن ابن عقيل عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله قتل سعد بن الربيع معك وترك اثنتين فأخذ عمهما المال الحديث فنزلت يوصيكم الله في أولادكم الآية
وسيأتي بيان ذلك قريبا وهذا أثبت من رواية ابن هراسة
281 - قوله تعالى وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولو لهم قولا معروفا 8
أخرج ابن أبي حاتم من طريق همام عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال كان الرجل ينفق على جاره وعلى قريبه فإذا مات فحضروا قال لهم وليه ما أملك منه شيئا فأمرهم الله أن يقولوا لهم قولا معروفا يرزقكم الله يغنيكم الله ويرضخ لهم من الثمار
وقال الفريابي نا قيس هو ابن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير كانت أموالهم الثمار فكان الوالي إذا اراد 350 القسمة أتى أولو القربى واليتامى والمساكين فيقول لهم مالي من هذا من وما أملك لهم أن يطعموا وأمرهم إذا حضروا أن يطعموا معروفا يقول لهم
الولي حين يطعمهم خذ بارك الله فيك قيس بن الربيع وهو سيىء الحفظ والمحفوظ عن سعيد بن جبير تفصيل أخرجه البخاري وابن المنذر من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت وإذا حضر القسمة الآية ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها الناس وهما واليان فوال يرث فذلك الذي يرزق ويكسو ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا يقول إنه مال يتيم ومالي فيه شيء
وأخرج البخاري والنسائي عن عكرمة عن ابن عباس قال هي محكمة وليست بمنسوخة
وتابعه سعيد عن ابن عباس وهذه المتابعة
وأخرج عبد الرزاق من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر عن ابن عباس أن المراد بذلك أن يوصي الميت لذوي قرابته واليتامى والمساكين
وجاء عن ابن عباس أنها منسوخة نسختها آية المواريث فإنها من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه وقد عرف السند
ومن طريق عطية العوفي عن ابن عباس وعطية يسمع من ابن عباس
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق إسماعيل بن ابن جريج وعثمان بن عطاء كلاهما عن عطاء وهو الخراساني 351 وإسماعيل وعطاء الخراساني ضعيفان مع الانقطاع بين عطاء هذا وابن عباس
282 - قوله ز تعالى وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم الآية 9
قال الفريابي حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال أتيت أنا والحكم سعيد بن جبير فسألته عن هذه الآية فقال هذا القول يقوله من حضر عند الميت إذا أوصى فيذكره بذوي قرابته يقول أعطهم صلهم برهم قال فأتينا مقسما فذكرنا له ذلك فقال ليس هكذا ولكن يقول من حضره اتق الله أمسك عليك مالك فليس أحد أحق بمالك من ولدك ولو كان من أوصى لهم من أقاربهم لأحبوا أن يوصى لهم
وأخرج عبد بن حميد عن قبيصة عن سفيان نحوه انتهى
ويمكن الحمل على الصنفين معا ويجمعهما أن كلا من الفريقين يحب إيثار قرابته وحرمان الأجانب
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هذا في الرجل يحضره الموت فيسمعه رجل يوصي بوصية تضر بورثته فيرشده ويوفقه ويذكره للصواب وأن ينظر لورثته كما لو كان هو الذي يوصي ويخشى على ورثته الضيعة
قلت وهذا منزع آخر وهو يشبه ما ثبت في الصحيحن من قصة إشارة النبي على سعد بن أبي وقاص أن يبقي لورثته
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أنها نزلت تنبيها للأوصياء على حفظ أموال اليتامى وهو حسن لكن يحتاج إلى حمل القول في قوله وليقولوا قولا سديدا على جميع الأعمال البدنية واللفظية والقلبية
283 - قوله تعالى إن الذين يأكلون 352 أموال اليتامى ظلما 10
نقل الثعلبي عن مقاتل بن حيان أنها نزلت في رجل من غطفان يقال له مرثد بن زيد ولي مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية
284 - قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاثنيين الآية 11
1 - قال البخاري في أول باب الفرائض باب قوله يوصيكم الله في أولادكم إلى قوله والله عليم حليم
حدثني إبراهيم بن موسى نا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم أخبرني محمد بن المنكدر عن جابر قال عادني النبي وأبو بكر ماشيين ووجدني لا أعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله فنزلت يوصيكم الله في أولادكم
وأخرجه مسلم من رواية حجاج عن بن محمد عن ابن جريج وقد اختلف الرواة عن ابن المنكدر فالأكثر أبهموا الآية وكشفها ابن جريج وابن عيينة فممن أبهمها سفيان الثوري ولفظه نزلت آية الميراث وكذا قال شعبة وقال مرة آية الفرائض فأما ابن عيينة فقال حتى نزلت يستفتونك الآية وكلها في الصحيح
ورواية أحمد بن حنبل عن ابن عيينة تشير إلى أن تعيين الآية من جهة ابن عيينة وأن آخر الحديث عنده كما عند الثوري وشعبة
قال أحمد عن ابن عيينة حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة وكان له أخوات ولم يكن له ولد
والذي يظهر أن من قوله يستفتونك إلى آخره من كلام ابن عيينة أدرج في الخبر لخلو رواية الباقين عن قوله وكان له أخوات إلى آخره فرأى البخاري أن تعيين ابن جريج 353 أولى بالقبول من تعيين ابن عيينة لقوله إلى قوله عليهم حليم وإن كان رجل يورث كلالة وقد فسرت الكلالة بمن لا ولد له ولا والد وهي منطبقة على حال جابر
وقد توبع ابن جريج على هذا التعيين قال عبد بن حميد نا عبد الرحمن بن سعد نا عمرو بن أبي قيس عن ابن المنكدر إلى آخره فنزلت يوصيكم الله الآية
وهذا من المواضع التي تواردوا بها على استغراب ما وقع عند البخاري ولم يقفوا على دقة نظره في ذلك
فإن قيل قد وقع في رواية بهز عن شعبة
قلت لابن المنكدر لما وقف عند قوله آية الميراث قلت له يستفتونك قل
الله يفتيكم في الكلالة قال هكذا أنزلت فإن ظاهره يساعد ابن عيينة قلت نعم ولعل هذا هو الذي غر ابن عيينة حتى جزم بذلك وليس صريحا في المراد فإنه يحتمل أنه أراد بقوله هكذا أنزلت أي كما حدثتك بغير تعيين ويحتمل أنه أشار إلى الآية بعينها ولكن لا يمتنع نزولها في عدة أسباب فقد تقدم في قوله وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ذكر قصة بنتي سعد بن الربيع
2 - وقد جاء عن جابر من وجه آخر في نزول آية الفرائض سبب آخر قال أبو داود حدثنا مسدد نا بشر بن المفضل نا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق فجاءت المرأة بابنتين فقالت يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أحد وقد استفاء عمهما مالهما كله ولم يدع لهما مالا إلا أخذه فما ترى يا رسول الله 354 فوالله لا تنكحان أبدا إلا ولهما مال فقال رسول الله يقضي الله في ذلك قال ونزلت سورة النساء يوصيكم الله في أولادكم الآية
فقال رسول الله ادعوا لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك
قال أبو داود أخطأ فيه هما ابنتا سعد بن الربيع وثابن بن قيس قتل يوم اليمامة النبي ثم ساق الحديث من طريق ابن وهب عن داود ابن قيس وغير واحد من أهل العلم عن ابن عقيل وقال فيه جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيهما من سعد إلى رسول الله
وكذا رواه شريك النخعي وعبيد الله بن عمرو الرقي كلاهما عن ابن عقيل
أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وقالوا امرأة سعد بن الربيع
ونقل الثعلبي القصة عن عطاء مرسلا وزاد فيها إنها لما شكت قال لها النبي ارجعي فلعل الله أن يقضي في ذلك فأقامت حينا ثم عادت وشكت وبكت فنزل يوصيكم الله الحديث
3 - سبب آخر لأول الآية المذكورة قال البخاري حدثنا محمد بن يوسف عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال كان المال للولد وكانت
الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس أو الثلث وجعل للزوجة الثمن أو الربع وللزوج الشطر أو الربع
4 - سبب آخر لبعضها فأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس لما نزلت آية 355 الفرائض قال بعضهم يا رسول الله أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم وكذلك الصبي وكانوا في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل ويعطونه الأكبر فالأكبر فنزلت فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما
285 - قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة الآية 19
1 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال كان الرجل إذا مات وترك زوجة ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها
وأخرج البخاري من طريق أبي إسحاق الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس
قال كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها هم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية في ذلك
وأخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي لعن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال وذلك أن الرجل كان يرث أمرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها يعني الذي كان الميت أعطاها فأحكم الله ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الليث عن سعيد بن أبي هلال قال زيد ابن أسلم في هذه الآية كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله فكان يعضلها حتى يرثها أو يزوجها ممن أراد وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تتزوج إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض
356 - ما أعطاها فنهى الله المؤمنين عن ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبا فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى تشيب أو تموت فيرثها وإن هي انفلتت فأتت أهلها من
قبل أن يلقى عليها ثوبا نجت فنزلت
وأخرج الطبري وابن مردويه من طريق محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال لما توفي أبو قيس ابن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته وكان لهم ذلك في الجاهلية فنزلت
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أخبرني عطاء أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل وترك امرأة حبسها أهلها على الصبي يكون فيهم فنزلت
وبه عن ابن جريج قال وقال مجاهد كان الرجل إذا توفي كان ابنه أحق بأمرأته ينكحها إن شاء لم يكن ابنها أو يزوجها من شاء أخاه أو أبن أخيه
وبه قال ابن جريج قال عكرمة نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم من الأوس توفي عنها أبو قيس بن الأسلت فجنح عليها ابنه فجاءت إلى رسول الله فقالت يا رسول الله لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأتزوج فنزلت
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج قال قال عكرمة فذكره إلا أنه قال مات الأسلت فجنح عليها ابنه أبو قيس وهذا منكر والمحفوظ
مات أبو قيس بن الأسلت فألقى عليها ابنه ثوبا
وقد جمع الثعلبي ما تقدم فنظمه في سياق واحد بزيادة ونقص فقال 357
قال المفسرون كان من أهل المدينة في الجاهلية في أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عصبته فألقى ثوبه عليها أو على خبائها فصار أحق بها من نفسها ومن غيره فإن شاء أن يتزوجها تزوجها بغير صداق إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها فلم يعطها منه شيئا وإن شاء عضلها ومنعها من الأزواج وطول عليها وضارها لتفتدي منه بما ورثت من الميت أو تموت هي فيرثها فإن ذهبت المرأة إلى منزل أهلها قبل أن يلقي عليها ابن زوجها ثوبه فهي أحق بنفسها فكانوا كذلك حتى توفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري وترك زوجته كبيشة بن معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له حصن فطرح ثوبه عليها فولي نكاحها ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها يضارها بذلك لتفتدي منه بمالها وكذلك كانوا يفعلون إذا كانت جميلة موسرة دخل بها وإلا طول عليها لتفتدي منه فأتت كبيشة رسول الله فقالت يا رسول الله إن أبا قيس توفي وولي ابنه نكاحي وقد أضربي وطول علي فلا هو ينفق علي ولا هو يدخل بي ولا هو يخلي سبيلي فقال لها اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك
أمر الله قال فانصرفت وسمع النساء بذلك فأتين رسول الله وهو في مسجد الفضيخ فقلن يا رسول الله ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحنا الأبناء وإنما نكحنا بنو العم فأنزل الله عز و جل هذه الآية
قلت وفي قوله إن المرأة كانت ترث زوجها مخالفة لما تقدم في قوله إنهم كانوا لا يورثون النساء 358
2 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع عن سالم هو الأفطس عن مجاهد في قوله إن ترثوا النساء كرها قال الرجل يكون في حجره اليتيمة هو يلي أمرها فيحبسها رجاء أن يتزوجها أو يزوجها ابنه إلى أن تموت فيرثها
286 - قوله ز تعالى ولا تعضلوهن 19
تقدم في الذي قبله
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان العضل في قريش بمكة ينكح الرجل المرأة الشريفة فقد لا توافقه فيشارطها على أن يطلقها ولا تتزوج إلا بإذنه فإذا خطبها الخاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل عن ابن البيلماني
نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية والأخرى في أمر الإسلام
وأخرجه الطبري من طريق ابن المبارك عن معمر وزاد يعني في الأولى لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها في الجاهلية والثاني ولا تعضلوهن في الإسلام
287 - قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف 22
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار قال توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت إني أعدك ولدا ولكن أتي رسول الله أستأمره فأتته فأخبرته فأنزلت هذه الآية
وأخرجه الفريابي والحسن بن سفيان والطبراني من طريق قيس بن الربيع
عن أشعث بسنده قال توفي أبو قيس فذكره فقالت إن أبا قيس توفي فقال لها خيرا وإن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي 359 قومه وإنما كنت أعده ولدا فقال لها أرجعي إلى بيتك فنزلت ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
وأخرج سنيد في تفسيره والطبري من طريقه عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عكرمة في هذه الآية قال نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد الله بنت ضمرة وكانت تحت أبيه الأسلت وفي الأسود بن خلف خلف على امرأة أبيه بنت أبي طلحة بن عبد العزى وفي صفوان بن أمية خلف على فاختة بنت الأسود بن المطلب تحت أبيه فقتل عنها
وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
نزلت في محصن بن أبي قيس بن الأسلت وفي امرأته هند بنت صبيرة وفي الأسود بن خلف وفي امرأته حبيبة بنت أبي طلحة بن عبد العزى وفي منظور بن سيار الفزاري وفي امرأته كندة بنت خارجة بن شيبان المري تزوجوا نساء آبائكم بعد الموت
ثم قال في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الآية
نزلت في محصن بن أبي قيس بن الأسلت وفي امرأته كبيشة بنت معن بن سعيد بن عدي بن ناصر من الأوس انتهى وهذا هو الصواب في تسمية ابن أبي الأسلت
زاد الثعلبي وفي أبي مقبل العدوي تزوج امرأة أبيه 288 قوله تعالى وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم الآية 23
أخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن عبد الرحمن وابن المنذر من طريق عبد الرزاق كلاهما عن ابن جريج سألت عطاء عن قوله وحلائل أبنائكم قال كنا نتحدث والله أعلم أن النبي لما نكح امرأة زيد بن حارثة قال المشركون 360 في ذلك فأنزل الله تعالى وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم
وقال يحيى بن سلام في تفسيره إنما قال من أصلابكم لأن الرجل كان يتبنى الرجل في الجاهلية فأحل الله نكاح نساء الذين تبنوا وقد تزوج النبي امرأة زيد بن حارثة بعدما طلقها وكان النبي قبل ذلك قد تبنى زيدا
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج لما نكح النبي امرأة زيد بن حارثة قالت قريش نكح امرأة ابنه فنزلت وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم
289 - قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم الآية 24
ذكر سبب الاستثناء
أخرج مسلم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الخليل علي أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقي عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناسا من أصحاب رسول الله تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أبي الخليل أبو غيره عن أبي سعيد قال نزلت في يوم أوطاس فذكر نحوه وزاد قال فاستحللناهن بملك اليمين
وعن الثوري عن عثمان ولم يذكر أبا علقمة
وقال الفريابي عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا كان المسلمون يصيبون نساء المشركين فيذكروا أن لهن أزواجا فيقول المسلم
قد نهى الله في ذلك قبل نزول والمحصنات من النساء إلا ما ملكت 361 أيمانكم فذكر ذلك لرسول الله فنزلت
2 - وأخرج عبد بن حميد وابن أبي خيثمة وأبو مسلم الكجي بسنده من طريق العباس بن أنس عن عكرمة إن هذه الآية والمحصنات من النساء نزلت في امرأة يقال لها معاذة كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له شجاع بن الحارث وكان معها ضرة لها قد ولدت من شجاع أولادا رجالا فانطلق شجاع يمير أهله من هجر فمر بمعاذة ابن عم لها فقالت له احملني إلى أهلي ليس عند هذا الشيخ خير فحملها فوافق ذلك مجيء الشيخ فلم يجدها فانطلق إلى النبي فقال
يا رسول الله أفضل العرب ... خرجت أبغيها الطعام في رجب
فقد تولت وألطت بالذنب ... وهن شر غالب لمن غلب
رأت غلاما واركا على القتب ... لها به وله بها أرب
فقال رسول الله عل عل فإن كان الرجل كشف لها ثوبا فارجموها وإلا ردوا على الشيخ امرأته
فانطلق مالك بن شجاع ابن ضرتها فطلبها فجاء بها فقالت له أمه يا ضار أمه ونزلت معاذة بيتها وولدت لشجاع وجعل شجاع يشبب بها في أبيات
قلت وقصتها شبيهة بقصة معاذة زوج الأعشى المازني وهي عند أحمد في المسند وما أدري أهما واحدة أو اتفق الاسم والقصة
290 - قوله ز تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة الآية 24
1 - قال مقاتل نزلت في المتعة فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ثم قال ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة أي إذا زدتم في الأجر وازددتم في الأجل 362 ثم نسخ ذلك
ويؤيده ما أخرجه الشيخان في الصحيحين عن ابن مسعود كنا نغزو وليس
لنا نساء فرخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل الحديث
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج نا إسحاق بن سليمان عن موسى ابن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس قال كانت متعة النساء في أول الإسلام كان الرجل إذا قدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ له متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته لذلك وكان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى الآية
وأخرج أبو عبيد في كتاب النكاح وابن المنذر من طريقه عن حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس يقول يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنى إلا شقي قال وقال كأني أسمع قوله الآن إلا شقي عطاء القائل
قال وقال عطاء وهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا قال وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم ليس بينهما نكاح قال وأخبرني أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا وقال عبد الأعلى عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة سألت ابن عباس عن المتعة فقال أما تقرأ سورة النساء قلت بلى قال فما تقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى قلت لا قال فقال ابن عباس والله
لهكذا أنزلها الله عز و جل أخرجه
وقال حبيب بن أبي ثابت أعطاني ابن عباس مصحفا فقال هذا على قراءة 363 أبي بن كعب فرأيت منه فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى أخرجه الطبري
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي عمر عن ابن عيينة هي المتعة أمروا بها قبل أن ينهوا عنها
2 - سبب آخر في قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة
أخرج الطبري من طريق سليمان التيمي عن حضرمي بن لاحق أن رجالا كانوا يفترضون المهر ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة فنزلت
291 - قوله تعالى ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما 27
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال كانت اليهود تزعم أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله فأنزل الله هذه الآية
ومن طريق السدي الذين يتبعون الشهوات هم اليهود والنصارى
292 - قوله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب الآية 32
1 - قال الترمذي حدثنا ابن أبي عمر نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث
فأنزل الله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
قال مجاهد وأنزل فيها إن المسلمين والمسلمات
وكذا أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة
قال الترمذي هذا مرسل يعني قول مجاهد وقد رواه بعضهم عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن أم سلمة قالت كذا وكذا
قلت أخرجه الفريابي عن الثوري كذلك قال قالت أم سلمة فذكره وسيأتي في سورة الأحزاب
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة 364 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن امرأة أتت النبي فقالت يا نبي الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين بشهادة رجل أفنحن في العمل كذا إن عملت امرأة حسنة كتب لها نصف حسنة فأنزل الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله الآية فإنه عدل مني وأنا صنعته
وقال مقاتل لما نزلت للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء نحن
كنا أحق أن يكون لنا سهمان ولهم سهم لأنا ضعاف الكسب والرجال أقوى على التجارة والطلب منا فإذ لم يفعل الله ذلك بنا فإنا نرجو أن يكون الوزر على نحو ذلك عنا وعنهم فنزلت
وأخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق خصيف عن عكرمة أن النساء سألت الجهاد فقلن وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال فنزلت
وقال عبد الرزاق عن معمر عن شيخ من أهل مكة كان النساء يقلن ليتنا كنا رجالا فنجاهد كما يجاهد الرجال ونغزو في سبيل الله فقال الله تعالى ولا تتمنوا
وأخرج عبد بن حميد من رواية شيبان عن قتادة كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء إلا الصبيان يجعلون الميراث لذوي الأسنان وقال النساء لو جعل نصيبنا من الميراث كنصيب الرجال وقال الرجال إنا لنرجوا أن نفضل بحسناتنا كما
فضلنا في مواريثنا فأنزل الله ولا تتمنوا الآية يقول أن المرأة تجزي بحسنتها كما يجزي الرجل
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي في هذه الآية قال إن الرجال قالوا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف علي أجر النساء كما لنا في السهام سهمان ونريد أن يكون لنا في الأجر أجران 365
وقالت النساء نريد أن يكون لنا أجر مثل أجرهم فإنا لا نستطيع القتال ولو كتب علينا القتال لقاتلنا فأبى الله ذلك وقال سلوا الله من فضله
2 - سبب آخر قال عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي لا تتمن زوجة أخيك ولا مال أخيك واسأل الله من فضله
293 - قوله تعالى ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم 33
1 - قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس فأمروا أن يورثوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس ثم نسخها وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق حصن عن أبي مالك في قوله والذين عاقدت أيمانكم قال هو حليف القوم يقول أشهدوه أمركم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدى عن أبي مالك في هذه الآية والذين عاقدت أيمانكم قال كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم فيعقدون له أنه رجل منهم إن كان ضر أو نفع أو دم فإنه فيه مثلهم ويأخذون له من أنفسهم مثل الذين يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا يا فلان أنت منا فانصرنا وإن كانت مشقة قالوا أعطنا أنت منا وإن نزل به امر أعطوه وربما منعه بعضهم ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا فتحرجوا من ذلك فسألوا النبي فأنزل الله تعالى والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم
وقال مقاتل كان الرجل يرغب في الرجل فيحالفه بأن يعاقده على أن يكون
معه وله سهم 366 من ميراثه كبعض ولده فلما نزلت آية المواريث ولم يذكر أهل العقد أنزل الله بعدها والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم يعني من الميراث الذي عاقدتموهم عليه فلم تزل حتى نسختها وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حجاج عن أبي جريج وعثمان بن عطاء كلاهما عن عطاء عن ابن عباس قال كان الرجل يعاقد الرجل فذكر نحوه وزاد كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة
2 - سبب آخر أخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم من طريق طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ولكل جعلنا موالي قال ورثة والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمة بالأخوة التي آخى النبي بينهم فنسختها هذه الآية ولكل جعلنا موالي ثم قال والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرفادة ويوصي لهم وذهب الميراث
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد نحوه
وكذا أخرجه عبد بن حميد عن قبيصة عن الثوري
3 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن داود ابن الحصين قال كنت أقرأ على أم سعد بنت سعد بن الربيع أنا وابن ابنها موسى ابن سعد وكانت يتيمة في حجر أبي بكر الصديق فقرأت عليها والذين عاقدت أيمانكم فقالت لا ولكن والذين عقدت أيمانكم قالت إنها نزلت في أبي بكر الصديق وولده عبد الرحمن حين أبى أن يسلم فحلف أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم 367 حين حمل على الإسلام بالسيف أمره الله أن يؤتيه نصيبه
ونقل الثعلبي عن أبي روق نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن وكان أبو بكر حلف أن لا يتبعه ولا يورثه شيئا من ماله فلما أسلم عبد الرحمن أمر أن يؤتى نصيبه
في المال
294 - قوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض الآية 34
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال جاءت امرأة إلى النبي تستعدي على زوجها أنه لطمها فقال رسول الله القصاص فأنزل الله تعالى الرجال قوامون على النساء الآية فرجعت بغير قصاص
وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر من طريق حماد بن سلمة
وأخرجه الواحدي من طريق هشام كلاهما عن يونس
وأخرج ابن المنذر من طريق جرير بن حازم كلاهما عن الحسن أن رجلا لطم امرأته فخاصمته إلى النبي فجاء أهلها معها فذكر نحوه وفيه فجعل رسول الله يقول القصاص القصاص ولا يقضي قضاء فأنزل الله هذه الآية فقال النبي أرادوا أمرا وأراد الله غيره
ونقل الثعلبي عن الكلبي قال نزلت في سعد بن الربيع وامرأته عميرة بنت محمد بن مسلمة وذكر نحو القصة الآتية عن مقاتل
ونقل عن أبي روق أنها نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبي وزوجها ثابت بن قيس بن شماس كانت نشزت عليه فلطمها فاستعدت عليه فنزلت
قلت وقد تقدم ذكر هذه الأخيرة في تفسير البقرة في قوله تعالى فيما افتدت به وكان ذلك 368 الخلع أول خلع في الإسلام
وقال مقاتل نزلت في سعد بن الربيع كان من النقباء وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وهما من الأنصار وذلك إنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى رسول الله فقال أفرشته كريمتي فلطمها فقال لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي ارجعا هذا جبريل أتاني فأنزل الله تعالى الرجال قوامون على النساء الآية فقال النبي أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير ورفع القصاص
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة صك رجل امرأته فأتت النبي فأراد أن يقيدها منه فنزلت
وأخرجه عبد بن حميد من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلغنا فذكر
نحوه وزاد في آخره أردنا وله طريق آخرى ذكرت في أواخر سورة طه
295 - قوله تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما أتاهم الله من فضله 37
قال ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان كردم بن زيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار وكانوا يخالطونهم ينصحون لهم من أصحاب رسول الله فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون فأنزل الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل 369 ويكتمون ما أتاهم الله من فضله أي من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد أخرجه الطبري
وأخرج الطبري أيضا من طريق سليمان التيمي عن الحضرمي بن لاحق في قوله تعالى الذين يبخلون الآية قال هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم فكتموا ذلك
ومن طريق مجاهد نحوه
ومن طريق السدي ومن طريق قتادة مثله
وقال مقاتل في قوله ويكتمون ما آتاهم الله من فضله إن رؤوس اليهود كعب بن الأشرف وغيره كانوا يأمرون سفلة اليهود بكتمان أمر محمد أن يظهروه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله تعالى الذي يبخلون ويأمرون الناس بالبخل الآية
296 - قوله ز تعالى وإن تك حسنة يضاعفها الآية 40
أخرج الطبري من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن عبد الله بن عمر قال نزلت هذه الآية في الأعراب من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فقال رجل فما للمهاجرين قال ما هو أعظم من ذلك وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم
297 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم
سكارى الآية 43
1 - قال عبد بن حميد نا أبو نعيم نا طلحة هو ابن عمرو عن عطاء هو ابن أبي رباح قال أول ما نزل في الخمر يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير 370 ومنافع للناس فقال بعض المنافقين نشربها لمنافعها وقال آخرون لا خير في شيد فيه إثم ثم نزلت يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقال بعض الناس نشربها ونجلس في بيوتنا وقال آخرون لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين فنزلت يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه فنهاهم فانتهوا
وأخرج هو والفريابي والطبري وأحمد والبزار وأصحاب السنن والحاكم كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي ابن أبي طالب أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من الصحابة
فأكلوا وشربوا حتى ثملوا فقدموا عليا فقرأ بهم في المغرب قل يا أيها الكافرون فخلط فأنزل الله تعالى يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون
وفي لفظ قال دعا رجل من الأنصار عليا وعبد الرحمن فأصابوا من الخمر فقدموا عليا في صلاة المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت
لفظ الفريابي عن الثوري
وأخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج كما سيأتي قال وقال عن عكرمة قرأ علي في آخر المغرب فقال في آخرها ليس لكم دين وليس لي دين
وأخرجه الطبري من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف ورجل آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولن وقال فيه 371 أن عبد الرحمن هو الذي صلى بهم وقال أصح طرقه لأن الثوري سمع من عطاء قبل اختلاطه وعبد الرحمن بن مهدي أثبت من الفريابي
وفي رواية ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن عطاء عن أبي عبد الرحمن قال صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ودعا أناسا من أصحاب رسول الله فطعموا وشربوا وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون فلم يقمها فأنزل الله تعالى الآية
وأخرجه عبد من طريق حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أصحاب رسول الله فأكلوا وشربوا حتى ثملوا فقدموا عليا فصلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد فنزلت
وفي رواية أبي داود عن علي أن رجلا دعاه وعبد الرحمن وفيه فقدموا عليا
وللترمذي والحاكم صنع لنا عبد الرحمن وفيه فقدموني
وللحاكم دعانا رجل من الأنصار وأبهمه الأكثر
وقال مقاتل بن سليمان صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص فأكلوا وسقاهم خمرا فحضرت الصلاة فأمهم علي فقرأ بقل يا أيها الكافرون فخلط فنزلت فتركوا شربها إلا من بعد صلاة الفجر إلى الضحى الأكبر ليصلوا الأولى وهم أصحياء ثم يشربونها من بعد صلاة
العشاء إلى ثلث الليل فيصبحون وهم أصحياء ثم أن رجلا من الأنصار يقال له عتبان ابن مالك دعا سعدا فأكلا وشربا ثم سكرا 372 فأخذ عتبان لحى البعير فكسر أنف سعد فأنزل الله عز و جل تحريم الخمر في المائدة بعد غزاة الأحزاب
وقال أبو داود الطيالسي نا شعبة أخبرني سماك بن حرب سمعت مصعب ابن سعد يحدث عن سعد هو ابن أبي وقاص قال نزلت في أربع آيات صنع رجل من الأنصار طعاما فدعا أناسا من المهاجرين وأناسا من الأنصار فأكلنا وشربنا حتى سكرنا ثم افتخرنا فرفع رجل لحى بعير ففزر به أنف سعد فنزلت
وأخرجه مسلم بطوله وأصحاب السنن وبقية طريقه تأتي في تفسير
المائدة
2 - قول آخر أخرج الطبري وابن المنذر من طريق سلمة عن الضحاك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال لم يعن بها الخمر إنما عنى بها سكر النوم
298 - قوله ز تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل 43
أخرج الطبري من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فتصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فلا يجدون ممرا إلا في المسجد فنزلت
299 - قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا 43
1 - قال مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كان بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله على التماسه وأقام وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله لناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه 373 علي فخذي قد نام فقال
حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فقال أبو بكر ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته
أخرجه البخاري ومسلم من طريق مالك وأخرجاه من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
وأخرجه الطبري من رواية عبيد الله بن عمر العمري عن عبد الرحمن بن
القاسم ووقع عنده فجاء أبو بكر فجعل يهمزني ويقرصني ولا أتحرك مخافة أن يستيقظ رسول الله وقد أوجعني ولا أدري كيف أصنع
ومن طريق أيوب عن ابن أبي مليكة مرسلا وفي آخره قال الناس ما رأينا امرأة قط أعظم بركة منها
حديث آخر أخرج أحمد وأبو داود والنسائي من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر أن رسول الله عرس بأولات الجيش ومعه عائشة زوجته فانقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فأنزل الله على رسول الله رخصة التطهر بالصعيد الطيب الحديث
وأخرجه النسائي وابن حبان وأبو داود من
طرق عن الزهري 374 وقال أبو داود قال ابن عيينة يعني عن الزهري مرة عن ابن عباس ومرة عن أبيه يعني عبد الله بن عتبة
قلت وهي رواية ابن ماجه وأخرجه الطبري من رواية الزهري عن عبيد الله عن أبي اليقظان وهي كنية عمار بن ياسر فذكره مختصرا وهو منقطع بين عبيد الله وعائشة
وفيه بعد قوله فتغيظ أبو بكر على عائشة وزاد فيه فدخل أبو بكر على عائشة فقال لها إنك لمباركة
2 - سبب آخر أخرج الطبري وابن مردويه من طريق الهيثم
ابن رزيق المالكي من بني مالك بن كعب بن سعد وعاش مئة وسبع عشرة سنة عن أبيه عن الأسلع بن شريك قال كنت أرحل ناقة رسول الله فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت أن اغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت ثم لحقت برسول الله وأصحابه فقال لي يا أسلع مالي أرى رحلتك تغيرت فقلت يا رسول الله لم أرحلها إنما رحلها رجل من الأنصار قال ولم قلت أصابتني جنابة فذكرت له القصة فأنزل الله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فساق الآية إلى قوله عفوا غفورا
3 - سبب آخر قال الفريابي أنا قيس بن الربيع عن ابن أبي ليلى عن المنهال ابن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي في قوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا 375 قال نزلت في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ثم يصلي
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق قيس وفيه ضعف وانقطاع
وأخرجا أيضا من طريق قيس بن الربيع عن خصيف عن مجاهد قال نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم يتوضأ ولم يكن له خادم فيناوله فأتى رسول الله فذكر ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية وفيه أيضا ضعف وانقطاع
4 - سبب آخر أخرج الطبري من طريق محمد بن جابر اليمامي عن
حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أصاب أصحاب رسول الله جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النبي وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط الآية
وقال مقاتل نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة وهو جريح فشق عليه الغسل وخاف منه شرا فنزلت وإن كنتم مرضى يعني من به جرح ونزلت وإن كنتم على سفر وأنتم أصحاء نزلت في عائشة أم المؤمنين
300 - قوله ز تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا إلى قوله من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه 44 - 46
أخرج الطبري من تفسير سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال قال عكرمة نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت
301 - قوله ز تعالى ليا بألسنتهم وطعنا في الدين 46
ذكر الثعلبي عن ابن عباس قال نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت ومالك بن دحشم كانا إذا تكلم رسول الله لويا لسانهما وعاباه
وذكر عنه أيضا 376 كانت اليهود يأتون رسول الله ويسألونه فيخبرهم ويظن أنهم يأخذون بقوله فإذا انصرفوا من عنده حرفوا كلامه وقالوا سمعنا وعصينا إلى قوله إلا قليلا
وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود فكان إذا كلم رسول الله لوى لسانه وقال راعنا يا محمد حتى نفهمك فنزلت
ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال في قوله راعنا ليا بألسنتهم قال كان الرجل من المشركين يقول أرعني سمعك
302 - قوله تعالى يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم الآية 47
أخرج الطبري من طريق السدي قال نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد ومن طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس نزلت في أحبار اليهود عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد في قصة
وأورده الثعلبي عن ابن عباس وزاد أن النبي كلمهم فقال معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئت به الحق فقالوا ما نعرف ذلك وأصروا على الكفر فنزلت
وقال الثعلبي فقال لما نزلت أتى عبد الله بن سلام رسول الله من قبل أن يأتي أهله فأسلم وقال يا رسول الله قد كنت أرى أن لا أصل إليك حتى يتحول وجهي من قفاي
303 - قوله تعالى إن الله لا يغفر إن يشرك به 48
يأتي في أواخر السورة
304 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم الآية 49
3771 7 - 1 أخرج الفريابي وعبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نزلت في اليهود كان يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون أنه لا ذنوب لهم وكذبوا قال الله تعالى إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ثم أنزل عز و جل الم تر إلى الذين يزكون أنفسهم الآية
وقال مقاتل منهم بحري بن عمرو ومرحب بن زيد
وقال ابن الكلبي نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله بأطفالهم فقالوا يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب قال لا قالوا والذي يحلف به ما نحن إلا كهيئتهم ما من ذنب نعمله بالليل إلا كفر عنا بالنهار وما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل
فهذا الذي زكوا به أنفسهم
2 - سبب آخر أخرج عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري في هذه الآية قال هم اليهود والنصارى الذين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة قال هم أعداء الله
اليهود زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه فقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وقالوا لا ذنوب لنا إلا كذنوب أبنائنا الأطفال
305 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت 51
قال مقاتل هم اليهود منهم أصبغ ورافع ابنا حريملة
306 - قوله تعالى ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى 378 من الذين آمنوا سبيلا 51
قال الطبري حدثنا محمد بن المثنى ثنا ابن أبي عدي عن داود عن عكرمة عن ابن عباس لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش أنت حبر أهل المدينة وسيدهم قال نعم قالوا ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السلطنة قال أنتم خير منه قال فأنزل الله إن شانئك هو الأبتر وأنزل ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا
وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه نحوه يذكر ابن عباس فيه
وأخرجه الطبري من طريق عبد الوهاب الثقفي ومن طريق خالد الواسطي كلاهما عن داود عن عكرمة نحوه وقال فيه فقال أنتم والله خير منه لم يذكر ابن عباس في السند
ومن طريق معمر عن أيوب عن عكرمة كذلك وقال فيه إن كعب بن الأشرف استجاشهم وأمرهم أن يقاتلوا محمدا قال وإنا معكم فقالوا له إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب فنخشى أن يكون هذا خترا منك فإن أردت أن نخرج فاسجد لهذين الصنمين ففعل ثم قالوا نحن أهدى أم محمد فذكر نحو ما تقدم
وأخرج والفاكهي في كتاب مكة وابن أبي حاتم من طريق ابن عيينة عن عمرو بن حصين عن عكرمة جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فذكر القصة نحو الأول
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال لما كان من أمر يهود بني النضير ما كان أتاهم 379 النبي يستعينهم في دم العامريين فهموا بقتله فاطلع الله ورسوله على ما هموا به هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم على المسلمين فقال له أبو سفيان يا أبا سعد إنكم قوم تقرؤون الكتاب فذكر نحو رواية أيوب عن عكرمة وفيه فقال كعب دينكم خير من دين محمد فأثبتوا عليه ألا ترون أن محمدا بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء فذلك حين يقول الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب الآية إلى قوله سبيلا
وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل بن يونس عن السدي عن أبي مالك أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف
وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان ومن قريظة حيي بن أخطب وأبو رافع سلام بن أبي الحقيق والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فقدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود فسلوهم أدينكم خيرا أم دين محمد فذكر الخبر
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أنها نزلت في كعب بن الأشرف وحيي
ابن أخطب ورجلين من اليهود فذكر القصة مختصرة
307 - قوله ز تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله الآية 54
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال أعطى رسول الله بضع سبعين 380 شابا فحسدته اليهود فنزلت هذه الآية
ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال قال أهل الكتاب زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا فنزلت
وقد تقدم في الذي قبله قول كعب بن الأشرف في ذلك
وقال عبد بن حميد حدثنا عمرو بن عون عن هشيم عن خالد الحذاء عن عكرمة أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله قال الناس في هذا الموضع محمد خاصة
وأخرج عبد بن حميد من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك في قوله تعالى أم يحسدون الناس قال يحسدون محمدا إذ لم يكن منهم فكفروا به
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في قوله وآتيناهم
ملكا عظيما أي في النساء فكان لداود تسع وتسعون امرأة ولسليمان مئة فما بال محمد لا يحل له ما أحل لهم
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف إلى أبي حمزة الثمالي قال يعني بالناس في هذه الآية نبي الله وحده قالت اليهود انظروا إلى هذا الذي ما شبع من الطعام لا والله ما له هم إلا النساء لو كان نبيا لشغله هم النبوة عن النساء حسدوه على كثرة نسائه وعابوه بذلك فأكذبهم الله تعالى فقال فقد آتينا آل إبراهيم إلى قوله ملكا عظيما فأخبرهم بما كان لداود وسليمان فأقرت اليهود لرسول الله إنه كان لسليمان ألف امرأة ثلثمائة مهرية وسبعمئة سرية وعند داود مئة امرأة فقال لهم ألف امرأة 381 عند رجل أكثر أم تسع نسوة وكان عنده يومئذ تسع لسوة فسكتوا قال الله عز و جل فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه يعني من آمن عبد الله بن سلام وأصحابه كذا قال وقال السدي الهاء راجعة إلى إبراهيم وذلك أنه زرع وزرع الناس فهلكت زروع الناس وزكا زرع إبراهيم فاحتاج الناس فكانوا يأتونه فقال من آمن أعطيته ومن لم يؤمن منعته منهم من آمن به ومنهم من أبى
308 - قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها الآية 58
أخرج الطبري من تفسير سنيد وهو الحسين بن داود عن حجاج بن محمد عن ابن جريج في هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة
العبدري قبض منه مفاتيح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح قال وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله من الكعبة وهو يتلو هذه الآية فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك
وقال سنيد أيضا حدثنا الزنجي بن خالد عن الزهري دفعه إليه وقال أعينوه وقال محمد بن إسحاق في السيرة النبوية حدثني محمد بن جعفر بن الزبير بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله لما نزل بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما فرغ من طوافه دعا عثمان بن أبي طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد فيها صمامة من عيدان 382 وكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف الناس له في المسجد
ثم قال ثم جلس رسول الله في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية فقال رسول الله أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم وفاء وبر
قال الأزرقي في كتاب مكة حدثنا جدي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد في هذه الآية إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال نزلت في عثمان بن طلحة قبض النبي مفتاح الكعبة يوم فتح مكة فدخل الكعبة وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع المفتاح إليه وقال خذوها يا بني
أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم
وذكر ابن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال قال شيبة بن عثمان دفع النبي إلي وإلى عثمان بن طلحة وقال خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم فبنو أبي طلحة هم سدنة الكعبة دون بقية بني عبد الدار
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية إن الله يأمركم قال لما فتح رسول الله مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال أرني المفتاح فأتاه به فلما بسط يده إليه قام العباس بن عبد المطلب فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله أرني المفتاح يا عثمان 383 فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى فكف عثمان يده ثم قال رسول الله يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فأتني المفتاح فقال هاك بأمانة الله قال فقام رسول الله ففتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها فقال رسول الله ما للمشركين قاتلهم الله ما شأن إبراهيم وشأن القداح ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه ثم غمس به تلك التماثيل وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت شوطا أو شوطين فنزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح فدعا رسول الله عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهله حتى فرغ من الآية
إلى أهلها حتى فرغ من الآية
وقال الثعلبي نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة فلما دخل النبي مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله المفتاح فقيل له إنه مع عثمان فطلب منه فأبى وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل رسول الله البيت وصلى فيه ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح فيجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله عز و جل هذه الآية فأمر رسول الله عليا 384 أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ففعل ذلك فقال له عثمان يا علي أكرهت وأذيت ثم جئت ترفق فقال علي لقد أنزل الله عز و جل في شأنك وقرأ عليه الآية فقال عثمان أشهد أن محمدا رسول الله وجاء فأسلم فجاء جبريل عليه السلام فقال ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة فإن السدانة في أولاد عثمان فهو اليوم في أيديهم
قلت كذا أورده الثعلبي بغير سند جازما به وتلقاه عنه غير واحد منهم الواحدي وفيه زيادات منكرة منها أن المحفوظ أن إسلام عثمان بن طلحة كان قبل الفتح بمدة قدم هو وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فأسلموا جميعا بين الحديبية والفتح
ومنها أنه أغلق الباب وصعد السطح والمعروف في كتب السير أن المفتاح كان
عند أمه وأن النبي لما طلب منه المفتاح امتنعت أمه من دفعه فدار بينهما في ذلك كلام كثير ثم كيف يلتئم قوله لوى علي يده مع كونه فوق السطح ثم قد أسند الطبري عن مكحول في قوله تعالى وأولي الأمر منكم قال هم أهل الآية التي قبلها إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها إلى آخر الآية
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال قال أبي هم الولاة
ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الولاة أن يعطوا النساء حقوقهن
قال الطبري والأولى أنه خطاب من الله لولاة الأمور أن تودي الأمانة إلى من ولوا أمره في حقوقهم وبالعدل بينهم والقسم بالسوية وأمر الرعية بطاعتهم فأوصى
الراعي بالرعية وأوصى الرعية بالطاعة
ثم 385 قال وأما من قال إنها نزلت في عثمان بن طلحة فجائز أن تنزل فيه وفي كل مؤتمن فدخل فيه ولاة الأمور وكل مؤتمن
309 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم 59
1 - أخرج البخاري ومسلم والثلاثة والطبري من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي في سرية ولم يسمه الطبري قال نزلت في رجل وقال الباقون عبد الله بن حذافة بغير زيادة في النسب
وأخرجه الطبري من تفسير سنيد قال نا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير مثله
قلت وهذا من أغلاط سنيد
قلت وإنما هو يعلى بن مسلم أخرجه الجماعة من رواية حجاج بن محمد كذلك كما تقدم وهو الصواب
وأخرج الشيخان وأحمد والطبري وغيرهم من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال بعث رسول الله سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فوجد عليهم في شيء فقال أليس أمركم الله أن تطيعوني قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها فقال بعضهم إنما فررتم إلى رسول الله من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله فرجعوا إلى رسول الله فأخبروه بذلك فقال لهم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف
2 - قول آخر أخرج 386 الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال بعث النبي خالد بن الوليد على سرية فيهم عمار بن ياسر فساروا قبل
القوم الذي يريدون حتى دنوا من الماء فعرسوا قربيا فبلغ العدو أمرهم فهربوا وبقي منهم رجل فجمع متاعه ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد فسأل عن عمار فأتاه فقال يا أبا اليقظان إن القوم سمعوا بكم فهربوا ولم يبق غيري وقد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله فهل ذاك نافعي غدا وإلا هربت فقال عمار بل ينفعك فأقم فلما أصبح خالد أغار بجنده فلم يجد إلا الرجل وماله فأخذوه وأخذوا ماله فبلغ عمارا الخبر فأتى خالدا فقال عمار خل عن الرجل فقد أسلم وهو في أماني فقال خالد فيم أنت تجير علي وأنا أمير عليك فاستبا فلما رجعا إلى المدينة أجاز النبي أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير فقال خالد يا رسول الله يسبني هذا العبد فقال النبي لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله فغض عمار وقام فقال النبي لخالد قم فاعتذر إليه فقام فأخذ بثوبه واعتذر إليه فرضي عنه فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
هكذا رواه أسباط عن السدي مرسلا ووصله ابن مردويه من طريق الحكم ابن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وهكذا ساقه مقاتل بن سليمان بطوله وأكثر ألفاظه
3 - قول آخر 387 أخرج الطبري من طرق عن مجاهد ومن طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس ومن طريق عطاء بن أبي رباح ومن طريق الحسن البصري ومن طريق أبي العالية قالوا كلهم معنى وأولي الأمر منكم أولي العلم والفقه زاد أبو العالية ألا ترى أنه يقول ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
4 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ليث بن أبي سليم قال سأل مسلمة يعني ابن عبد الملك ميمون بن مهران عن هذه الآية من أولو الأمر قال أصحاب السرايا على عهد رسول الله
ومن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال هم أبو بكر وعمر
واختار الطبري اختصاصها بولاة الأمور
وسبقه الشافعي وقرره تقريرا حسنا فقال كان من حول مكة من العرب لم
يكن يعرف الإمارة وكانت تأنف أن تعطي بعضها بعضا طاعة الإمارة فلما دانت لرسول الله بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير النبي فأمروا أن يطيعوا أولى الأمر
310 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية 60
1 - أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره والطبري من طريق داود بن أبي هند عن عامر هو الشعبي في هذه الآية ألم تر إلى الذين يزعمون قال كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فكان المنافق يدعو اليهودي إلى اليهود لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة وكان اليهودي يدعو إلى 388 المسلمين لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة فأنزل الله هذه الآية إلى قوله ويسلموا تسليما
وفي رواية فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك يعني المنافقين وما أنزل من قبلك يعني اليهود يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت يعني الكاهن وقد أمروا أن يكفروا به أمر هذا في كتابه وهذا في كتابه أن يكفروا بالكاهن
وفي رواية كان بين رجل ممن يزعم أنه مسلم وقال فيها أحاكمك إلى أهل دينك لأنه علم أن النبي لا يأخذ الرشوة في الحكم فاختلفا ثم اتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة وفيها يعني الذي من الأنصار والثاني مثل الثاني وزاد ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وتلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية
ومن طريق سليمان التيمي قال زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم كانت بينه وبين رجل من اليهود ودارأة في حق فقال اليهودي انطلق إلى نبي الله فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم والحسن بن سفيان والطبراني من طريق صفوان بن عمرو وعن عكرمة عن ابن عباس قال كان أبو برزة الأسلمي يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه فتنافر إليه ناس من أسلم
قلت كذا وقع في هذه الرواية أبو برزة براء ثم زاي منقوطة ووقع في غيرها
أبو بردة بدال بدل الزاي وضم أوله وهو أولى فما أظن أبا برزة الأسلمي الصحابي المشهور إلا غير هذا الكاهن
وقد أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن 389 السدي قال كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل الرجل من بني قريظة قتلته بنو النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم ناس من بني قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النبي فقال النضيري يا رسول الله إنما كان نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم ذاك فقالت قريظة لا ولكن إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبوننا في الجاهلية فقد جاء الله بالإسلام فأنزل الله يعيرهم بما فعلوا فقال وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس فعيرهم ثم ذكر قول النضيري فذكر القصة الآتية في سورة المائدة إلى أن قال فتفاخرت قريظة والنضير قالت كل
فرقة نحن أكرم منكم ودخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي فقال المنافق من قريظة والنضير وانطلقوا إلي أبي بردة ينفر بيننا وقال المسلمون لا بل ينفر بيننا النبي فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوه فقال أعظموا اللقمة يقول أعظموا الخطر فقالوا لك عشرة أوساق فقال لا بل مئة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير فأبوا أن يعطوه فوق العشرة أو ساق وأبى أن يحكم بينهم وأنزل الله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وهو أبو بردة الأسلمي
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس 390 قال كان الجلاس بن الصامت قبل توبته فيما بلغني ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم هذه الآية
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية قال والطاغوت رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا بل نحاكمكم إلى كعب فنزلت
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ومن طريق الربيع بن
أنس وغيرهما نحو ذلك
وأخرج عبد بن حميد وغيره من طريق قتادة قال ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار يقال له قيس وفي رجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق فساقوا إلى كاهن ليحكم بينهما وتركا النبي فعاب الله ذلك عليهما وكان اليهودي يدعو إلى نبي الله وقد علم أنه لا يجوز عليه وجعل الأنصاري يأبى وهو يزعم أنه مسلم ويدعو إلى الكاهن فنزلت
3 - قول آخر قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي انطلق بنا إلى محمد وقال المنافق بل نأتي كعب بن الأشرف وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله فلما رأى المنافق ذلك أتى معه النبي واختصما إليه 391 فقضى رسول الله لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال ننطلق إلى عمر بن الخطاب فأقبلا إلى عمر فقال
اليهودي اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه فلم يرض بقضائه وزعم أنه مخاصم إليك وتعلق بي فجئت معه فقال عمر للمنافق أكذلك فقال نعم فقال لهما رويدكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر البيت وأخذ السيف فاشتمل عليه ثم خرج إليهما فضرب به المنافق حتى برد وقال هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله وهرب اليهودي ونزلت هذه الآية وقال جبريل عليه السلام إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق وسيأتي في السبب الآتي شبيه بهذه القصة
311 - قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله الآية 64
تقدم في الذي قبله من طريق الكلبي أن تلك الآية وما قبلها وماا بعدها أيضا إلى قوله ويسلموا تسليما كلها في قصة اللذين تحاكما إلى الكاهن وبهذا جزم مجاهد أخرج الطبري وغيره من طريق ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد في قوله وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وفي قوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله الآية قال هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب بن الأشرف فنزلت في ذلك هذه الآية إلى قوله تعالى ويسلموا تسليما
وأخرج الطبري من طريق ابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي نحوه إلا أنه قال إلى الكاهن
312 - قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك إلى قوله
ويسلموا تسليما 65
1 - تقدم قبل هذا النقل عمن قال إنها نزلت في تحاكم 392 إلى الكاهن وهو ظاهر السياق فإن الآيات المذكورة متعاطفة بعضها على بعض وأولها قصة المتحاكمين علي الاختلاف في ذلك
2 - وجاء عن جماعة أن هذه الآية الأخيرة نزلت في قصة أخرى قال الإمام أحمد والبخاري جميعا حدثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن أبيه أنه كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى النبي في شراج الحرة التي يسقون بها فقال النبي للزبير اسق ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري وقل يا رسول الله إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله ثم قال للزبير اسق ثم احبس الماء حتي يرجع إلى الجدر فاستوعى للزبير حقه وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي فيه سعة للأنصاري وله فلما أحفظه الأنصاري استوعى للزبير حقه في صريح الحكم قال الزبير والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية
وأخرجه البخاري ومسلم من طريق الليث عن الزهري عن عروة عن
عبد الله بن الزبير خاصم فذكر الحديث
وكذا أخرجه البزار وابن حبان
وأخرجه النسائي والطبري والإسماعيلي وغيرهم من طريق ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد والليث عن ابن شهاب عن عروة حدثه أن عبد الله بن الزبير حدثه عن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلا من الأنصار
قيل إن ابن وهب كمل رواية يونس الليث على رواية يونس والليث لا يقول عن الزبير وإنما قال إن الزبير كما تقدم
وأخرجه الطبري وغيره من رواية 393 عبد الرحمن بن إسحاق وغيره عن الزهري عن عروة أرسلوه ولفظ عبد الرحمن خاصم الزبير رجل من الأنصار وفيه يا زبير اشرب ثم خل سبيل الماء فقال الأنصاري وهو من بني أمية بطن من الأنصار اعدل يا نبي الله وإن كان ابن عمتك وفيه احبس الماء إلى الكعبين وفيه فنزلت
فلا وربك إلى آخرها
وغفل الحاكم فقال بعد أن أخرجه من طريق ابن أخي الزهري عن عمه عن عروة عن عبد الله بن الزبير عن الزبير صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولا أعلم أحدا أقام هذا الإسناد يذكر عبد الله بن الزبير غير ابن أخيه وهو عنه ضعيف طريق أخرى سمي فيها خصم الزبير
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي نا عمرو بن عثمان نا أبو حيوة عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب في هذه الآية فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية قال اختصم الزبير بن العوام حاطب بن أبي بلتعة في ماء فقضى النبي أن يسقي الأعلى قبل الأسفل
وقال الثعلبي قال الصالحي اسمه ثعلبة بن حاطب ثم ساق القصة وزاد في آخرها ثم خرجا على المقداد فقال لمن كان القضاء يا ثعلبة قال قضى لابن عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي فقال قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله
ثم يتهمونه في قضاء بينهم وايم الله لقد أتينا ذنبا مرة في حياة موسى فدعاه موسى إلى التوبة فقال اقتلوا أنفسكم القصة فنزلت
طريق أخرى قال ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سلمة رجل من ولد أم سلمة عن أم سلمة أن الزبير خاصم فقضى رسول الله للزبير فقال الرجل إنما قضى له 394 أنه ابن عمته فأنزل الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك الآية أخرجه الطبري والطبراني ورجاله ثقات إلا أن بعض أصحاب ابن عيينة أرسلوه
وأخرجه الفريابي عن ابن عيينة لم يقل عن أم سلمة وكذا أخرجه عبد بن حميد عن أبي نعيم عن ابن عيينة
3 - سبب آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال اختصم رجلان إلى النبي فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه ردنا إلى عمر فقال النبي نعم انطلقا إليه فلما أتيا عمر قال الرجل يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله على هذا فقال ردنا إلى عمر فردنا إليك قال أكذلك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا
على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله فقال يا رسول الله قتل عمر صاحبي ولوما أنني أعجزته لقتلني فقال رسول الله ما كنت أظن أن عمر يجترئ على قتل مسلم فأنزل الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم وأهدر دم ذلك الرجل ويرى عمر من قتله وستأتي بقية هذا الخبر في الذي بعده
وتقدم من طريق الكلبي في الذي قبله وفيه تقوية لقول من قال إن الآيات كلها أنزلت في حق المتخاصمين إلى الكاهن كما تقدم وبهذا جزم الطبري وقواه بأن الزبير لم يجزم بأن الآية نزلت في قصته بل أورده ظنا
قلت لكن تقدم في حديث أم سلمة الجزم بذلك ويحتمل 395 أن تكون قصة الزبير وقعت في أثناء ذلك فتناولها عموم الآية والله أعلم
وقد تقدم أن القصة المذكورة نزل فيها ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت
طريق أخرى فيها أن الذي ترافعا إليه عمر
قال الحافظ بن الحافظ إبراهيم بن دحيم في مسنده نا شعيب بن شعيب نا أبو المغيرة نا عتبة بن ضمرة حدثني أبي أن رجلين اختصما إلى النبي فقضى للمحق على المبطل فقال المقضي عليه لا أرضى حتى ترضى فقال صاحبه
فما تريد قال أن نذهب إلى ابي بكر الصديق فذكرا ذلك له فقال الذي قضى له النبي اختصمنا إلى النبي فقضى لي عليه فقال أبو بكر فأنتما على ما قضى به النبي فأبى صاحبه أن يرضى وفيه أنه رد به إلى عمر ثم ذكر قصة عمر في قتله
313 - قوله ز تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا لقتلنا أنفسكم إلى قوله مستقيما 66 - 68
أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود فقال اليهودي والله لقد كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا
فقال والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا فأنزل الله في هذا ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا
ومن طريق أبي إسحاق السبيعي لما نزلت ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم الآية
قال رجل لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النبي فقال
إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي
وذكر مقاتل 396 بن سليمان إن الرجل المذكور هو عمر بن الخطاب ولفظه
لما نزلت قال عمر بن الخطاب لو فعل ربنا لفعلنا الحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك فقال النبي فذكره
وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن سعد عن سفيان هو الثوري في قوله تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم الآية قال نزلت في ثابت بن قيس
وقال مقاتل أيضا لما نزلت إلا قليل منهم قال رسول الله لعمار ابن ياسر وعبد الله بن مسعود وثابت بن قيس بن شماس هم من أولئك القليل
314 - قوله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية 69
أخرج الطبري من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال جاء رجل من الأنصار إى النبي وهو محزون فقال له النبي يا فلان مالي أراك محزونا قال يا نبي الله شيء فكرت فيه نحن نغدو عليك ونروح ننظر في وجهك ونجالسك غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك فلم يرد عليه شيئا فأتاه جبريل بهذه الآية ومن يطع الله والرسول الآية قال فبعث إليه النبي فبشره
ومن طريق أبي الضحى عن مسروق قال قال أصحاب محمد يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإنك لو مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله ومن يطع الله الآية
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أن رجالا قالوا هذا نبي الله نراه في الدنيا وأما في الآخرة فيرفع فلا نراه فنزلت إلى قوله رفيقا
ومن طريق السدي في هذه الآية قال ناس من الأنصار 397 يا رسول الله إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع فنزلت
ومن طريق الربيع بن أنس قال إن أصحاب النبي قالوا قد علمنا أن النبي له فضل علي من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا فأنزل الله في ذلك فقال إن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه
وروينا في المعجم الأوسط للطبراني في ترجمة أحمد بن عمرو الخلال عن
عبد الله بن عمران نا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وأهلي وولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين فإني دخلت إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه رسول الله شيئا حتى نزل جبريل هذه الآية ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الآية
قلت رجاله موثقون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم معا من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال أتى فتى النبي فقال يا نبي الله إن لنا منك نظرة في الدنيا وفي يوم القيامة لا نراك فإنك في الدرجات 398 العلا فأنزل الله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم
وذكر الثعلبي بغير إسناد قال نزلت في ثوبان مولى رسول الله وكان
شديد الحب لرسول الله قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فعرف الحزن في وجهه فقال له يا ثوبان ما غير لونك فقال يا رسول الله لا بي مرض ولا وجع غير إني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك هناك لأني عرفت إنك ترفع مع النبيين وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا فأنزل الله تعالى هذه الآية ثم قال رسول الله عند ذلك والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله والناس أجمعين
وقال مقاتل بن سليمان قال رجل من الأنصار يسمى عبد الله بن زيد ابن عبد ربه وهو الذي رأى الأذان مع عمر يا رسول الله إنا إذا خرجنا من عندك إلى أهلينا اشتقنا إليك فلم ينفعنا شيء حتى نرجع إليك فذكرت درجتك في الجنة فكيف لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة
فنزلت هذه الآية قال فلما توفي النبي وهو في حديقة أتاه ابنه فأخبره فقال عند ذلك اللهم لا أرى شيئا بعد حبيبي أبدا فعمي مكانه وذلك من شدة حبه لرسول الله
315 - قوله ز تعالى وإن منكم لمن ليبطئن 72
أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله وإن منكم لمن ليبطئن قال هو فيما بلغنا عبد الله بن أبي 399 رأس
المنافقين وبذلك جزم مقاتل بن سليمان
وأخرج عبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نزلت في المنافقين
316 - قوله ز تعالى فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة
قال الثعلبي معناه أنه يؤمر بالإيمان ثم بالقتال
قال وقال بعضهم معناه نزلت هذه الآية في المؤمنين المخلصين
317 - قوله ز تعالى وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله 75
أخرج عبد بن حميد من رواية سعيد عن قتادة كان بمكة رجال ونساء وولدان من المسلمين فأمر الله نبيه أن يقاتل حتى يستنقذهم
وأخرج من رواية أبي يونس القوي قلت لسعيد بن جبير في قوله والمستضعفين
قال كان بمكة ناس مظلومون مقهورون
318 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة الآية 77
1 - أخرج الطبري والفاكهي في كتاب مكة و الحسن بن سفيان في مسنده وابن أبي حاتم من رواية الحسين بن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس إن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي بمكة فشكوا إنا كنا في عز و نحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة فقال إني أمرت بالعفو فلا تقتلوا القوم فلما حوله الله تعالى إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله تعالى هذه الآية
وأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال فلما كتب عليهم إذا فريق منهم يكره ذلك فذكر الخبر
ومن طريق سنيد بسنده إلى عكرمة 400 نحوه
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة وعبد ابن حميد من طريق شيبان كلاهما
عن قتادة قال ذكر لنا أن أناسا من الصحابة وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة فزعموا إلى القتال وسرعوا فيه حتى قالوا للنبي ذرنا نتخذ معنا معاول للمشركين فنهاهم عن ذلك وقال لم أؤمر بالقتال فلما كانت الهجرة أمروا بالقتال فكره ذلك بعض وقالوا فيه ما تسمعون فقال الله تعالى قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وهما من بني زهرة وقدامة بن مظعون والمقداد بن الأسود وذلك أنهم استأذنوا في قتال كفار مكة لما يلقون منهم من الأذى فقال لم أؤمر بالقتال فلما هاجر إلى المدينة وأذن بالقتال كره بعضهم ذلك
وذكر مقاتل المذكور أن من هذا الفريق طلحة بن عبيد الله
كذا قال ولعله كان ممن قال ذلك أولا وأما الفريق الذين قالوا لم كتبت علينا القتال فاللائق أنهم ممن لم يرسخ الإيمان في قلبه وطلحة كان من الراسخين
ونقل الثعلبي عن الكلبي قال نزلت فذكر نحو مقاتل إلا تسمية طلحة
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ألم تر إلى
الذين قيل لهم كفوا أيديكم الآية نزلت في يهود
ومن طريق عطية العوفي عن ابن عباس نحوه وزاد أن تصنعوا كصنيعهم
319 - قوله تعالى أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة الآية 78
1 - قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس لما استشهد الله من المسلمين من استشهد يوم أحد قال المنافقون 401 الذين تخلفوا عن الجهاد لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فأنزل الله عز و جل هذه الآية
2 - قول آخر قال الطبري حدثنا علي بن سهل ثنا مؤمل بن إسماعيل نا أبو همام ثنا كثير أبو الفضل ح وقال ابن أبي حاتم نا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان نا عيسى نا حميد الرؤاسي واللفظ له قال ثنا كثير
الكوفي ثنا مجاهد أبو الحجاج قال كان قبل أن يبعث النبي
وفي رواية مؤمل كان فيمن كان قبلكم امرأة وكان لها أجير فولدت فقالت لأجيرها انطلق فاقتبس لي نارا فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب فقال أحدهما لصاحبه ما ولدت فقال ولدت جارية فقال أحدهما لصاحبه لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمئة ويتزوجها الأجير ويكون موتها بعنكبوت فقال الأجير أما والله لأكذبن حديثكما فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال ألا تراني أتزوجها بعد ما تزني بمئة قال مجاهد ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها
وقال مؤمل في روايته فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له ما ولدت هذه المرأة قال جارية قال أما إن هذه الجارية فذكره لكن قال وأخذ شفرة فدخل فشق بطن الصبية فصاحت الصبية فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت وفي رواية مؤمل وخرج على وجهه فركب البحر وخيط بطن الصبية وعولجت فبرئت فكانت تبغي فأتت ساحلا من سواحل فأقامت فيه تبغي ولبث الرجل ما شاء الله ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير
وفي رواية عيسى 402 وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله أن يلبث وأصاب الأجير مالا فأراد أن يطلع أرضه فينظر من مات منهم ومن حي فأقبل حتى نزل على عجوز وقال للعجوز ابغي لي أحسن امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها فانطلقت العجوز إلى تلك المرأة وهي أحسن جارية في البلد فدعتها إلى الرجل وقالت تصيبين منه معروفا
وفي رواية مؤمل فقال لامرأة من أهل الساحل ابغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها فقال ها هنا امرأة من أجمل الناس لكنها تبغي قال ائتيني بها
إلى هنا انتهى ما وجد من أسباب النزول لشيخ الإسلام العالم العلامة الحافظ الشيخ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بخطه
انتهى ذلك وكتبه من أوله إلى أثناء قوله نساؤكم حرث أني شئتم من خط الشيخ الإمام العامل العالم العلامة كمال الدين ومن أثناء قوله نساؤكم حرث لكم إلى هنا من خط الشيخ الإمام الحافظ مؤلف هذا الكتاب شيخ الإسلام الشيخ شهاب الدين أمده الله بالرحمة والرضوان عبد الحق بن محمد السنباطي غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولمن دعا لهم بالغفرة ولجميع المسلمين وكان الفراغ من كتابة ذلك في الليلة المسفر صباحها عن الساد من شهر شوال المبارك سنة تسع وثمانين وثمانمئة بخير بمحمد وآله وصحبه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

أقسام الكتاب 1 2 3
 

ج 2 .كتاب : العجاب في بيان الأسباب شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي

 ج 2 .كتاب : العجاب في بيان الأسباب  شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي


قلت تقدم إن عبد الغني واه وذكره مقاتل بن سليمان قال سبب نزولها أن عبد الله بن سلام ومن آمن معه من اهل التوراة استأذنوا النبي في قراءة التوراة في الصلاة فقال خذوا سنن محمد و شرائعه
كذا أورده ابن ظفر والذي في تفسير مقاتل أن عبد الله بن سلام و سلام بن قيس وأسدا و أسيدا ابني كعب و يامين بن يامين وهم مؤمنو أهل التوراة وزاد في آخره فإن قرآن محمد نسخ كل كتاب كان قبله
وقد أخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس وإن كان فيه انقطاع فهو أمثل من هذا فأخرج من طريق سنيد واسمه حسين بن داود قال حدثني حجاج هو ابن محمد عن ابن جريج قال قال ابن عباس في قوله ادخلوا في السلم كافة قال هم أهل الكتاب
و من طريق عبيد بن سليمان سمعت الضحاك يقول مثله و به إلى ابن جريج عن عكرمة قوله ادخلوا في السلم كافة قال نزلت في ثعلبة و عبد الله بن سلام و ابن يامين و أسد وأسيد ابني كعب وسعية بن عمرو و قيس بن زيد وكلهم
من يهود قالوا يا رسول الله يوم السبت يوم كنا نعظمه 176 على ذلك واستظهر الطبري بحديث أبي هريرة المخرج أصله في
الصحيحين فساق من طريق معمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في هذه الآية فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه قال قال رسول الله نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا و أوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه فهذا اليوم الذي هدانا الله له و الناس لنا فيه تبع غدا لليهود بعد غد للنصارى
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن ابيه رفعه نحن الآخرون السابقون فذكر فيه الهداية للجمعة وزاد فيه و اختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع و لا يسجد و منهم من يسجد و لا يركع ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي
123 - قوله تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء وزلزلوا الآية 214
1 - قال الواحدي قال قتادة و السدي نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد و الشدة و الخوف و الحر و البرد و ضيق
العيش وأنواع الأذى فكان كما قال الله تعالى و بلغت القلوب الحناجر
قلت أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة و أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال
أصابهم هذا يوم الأحزاب حين قال قائلهم ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا
2 - قال الواحدي وقال عطاء لما دخل رسول الله وأصحابه المدينة اشتد الضرر عليهم فإنهم خرجوا بلا مال و تركوا ديارهم وأموالهم 172 بأيدي المشركين و آثروا رضي الله و رسوله وأظهرت لهم اليهود العداوة و أسر قوم من الأغنياء النفاق فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم أم حسبتم أن تدخلوا الجنة الآية
124 - قوله تعالى يسألونك ماذا ينفقون الآية 215
1 - قال مقاتل نزل الأمر بالصدقة قبل أن ينزل لمن الصدقة فسأل عمرو
بين الجموح فنزلت
وقال الثعلبي نزلت في عمرو بن الجموح كان شيخا كبيرا فقال
يا رسول الله بماذا نتصدق و على من ننفق فنزلت
كذا ذكره بغير إسناد و عزاه الواحدي لرواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و ذكره ابن عسكر في ذيل الأعلام بلفظ نزلت في عمرو بن الجموح سأل عن مواضع النفقة فنزلت يسألونك ماذا ينفقون ثم سأل بعد ذلك
كم النفقة فنزلت الآية الأخرى قل العفو و نسبه إلى ابن فطيس
2 - قول آخر أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي بسنده الواهي عن عطاء عن ابن عباس نزلت في رجل أتى النبي فقال أن لي دينارا فقال أنفقه على نفسك قال إن لي دينارين قال أنفقهما على أهلك قال فإن لي ثلاثة قال أنفقها على خادمك قال فإن لي أربعة قال أنفقها على والدتك قال فإن لي خمسة قال أنفقها على قرابتك قال فإن لي ستة قال أنفقها في سبيل الله هو أحسنها و هذا سياق منكر و المعروف في هذا المتن غير هذا السياق وهو ما أخرجه أحمد و أبو داود و النسائي و صححه ابن حبان و الحاكم عن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى النبي فقال يا رسول الله معي دينار قال أنفقه 173 على نفسك قال يا رسول الله عندي آخر قال أنفقه على ولدك قال عندي آخر قال أنفقه على زوجتك قال عندي آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت
أبصر ووقع عند أبي داود بلفظ تصدق و عند غيره بلفظ أنفق و قدم أبو داود الولد على الزوجة و النسائي الزوجة على الولد وهكذا ذكره الثعلبي عن أبي هريرة لكن زاد بعد الولد الوالدين ثم القرابة و الباقي سواء إلا أنه لم يذكر الخادم و ليس عندهم أن هذه الآية نزلت في ذلك و قال قتادة في سبب نزولها أهمتهم النفقة فسألوا نبي الله فنزلت ما أنفقتم من خير وأخرج الطبري نحوه عن مجاهد
125 - قوله تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم الآية 216
هي نحو قوله تعالى في سورة النساء فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية الآية
وكأن هذه سابقة على آية البقرة فإن فيها نوع تسلية و ترغيب في امتثال الأمر بالقتال
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال كره المسلمون القتال فقال الله تعالى عسى أن تكرهوا القتال وهو خير لكم يقول إن في القتال الغنيمة و الظهور والريادة أي اجتماعا وافتراقا و في تركه يفوت ذلك
126 - قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية 217
أخرج الطبراني في المعجم الكبير من طريق سليمان التيمي عن الحضرمي هو ابن لاحق وهو اسم بلفظ النسب ثقة عن أبي السوار العدوي هو حسان
بن حريث على الراجح ثقة أيضا عن جندب بن عبد الله عن النبي أنه بعث رهطا و بعث عليهم أبا عبيدة 174 ابن الجراح فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله فجلس و بعث عبد الله بن جحش مكانه و كتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا و كذا و قال لا تكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك فلما قرأ الكتاب استرجع ثم قال سمعا و طاعة لله و رسوله فخبرهم الخبر و قرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان و مضى بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه و لم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى فقال المشركون للمسلمين قتلهم في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام الآية فقال بعضهم إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله عز و جل إن الذين آمنوا و الذين هاجروا و جاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله
الآية
وهذا سنده حسن وقد علق البخاري طرفا منه في كتاب العلم من صحيحه
وأخرجه الطبري من هذا الوجه وهذه القصة ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي قال حدثني الزهري و يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله عبد الله بن جحش مقفلة من بدر الأولى و بعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد و كتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى
يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما امره به و لا يستكره من أصحابه أحدا و ذكر أسماءهم فالأمير عبد الله بن جحش و عكاشة بن محصن و عتبة بن غزوان و سعد بن أبي وقاص و عامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن البكير و سهيل بن بيضاء قال فلما سار عبد الله 175 بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه إذا نظرت في كتابي فسر حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا و تعلم لنا من أخبارهم فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال سمع وطاعة ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله أن أمضي إلى نخلة إلى آخره فمن كان منكم يريد الشهادة و يرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فإني ماض لأمر رسول الله فمضى و مضى أصحابه معه فلم يتخلف عنه أحد و سلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد و عتبة بعيرا لهما كان يعتقبان عليه فتخلفا في طلبه و مضى عبد الله ومن معه حتى نزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا و أدما و تجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن
الحضرمي و عثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي و أخوه نوفل بن عبد الله و الحكم بن كيسان مولاهم فلما رآهم القوم خافوهم و قد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن و كان قد حلق رأسه فلما رأوه آمنوا و قالوا قوم عمار فلا بأس علينا منهم و تشاور القوم وذلك آخر يوم من جمادى فقال القوم و الله إن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم و لئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم فهابوا الإقدام عليهم ثم تشجعوا عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان و الحكم وأفلت نوفل فأعجزهم و قدم عبد الله بن جحش و أصحابه بالغنيمة و الأسيرين على رسول الله بالمدينة قال ابن إسحاق و قد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله مما غنمتم الخمس وذلك قبل أن يفرض الخمس من الغنائم فعزل خمس الغنيمة و قسم سائرها بين أصحابه فلما قدموا على رسول الله قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير و الأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فسقط في أيدي القوم و ظنوا أنهم قد هلكوا و عنفهم المسلمون فيما صنعوا و قالوا لهم صنعتم ما لم تؤمروا به وقالت قريش قد استحل محمد و أصحابه الشهر الحرام فسفكوا فيه
الدم الحرام و أخذوا فيه الاموال و أسروا فقال من بمكة من المسلمين إنما أصابوا ما أصابوا في جمادى و قالت اليهود تتفاءل على المسلمين عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب و الحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب فجعل الله ذلك عليه و بهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه إلى آخر الآيات فلما نزل القرآن بهذا فرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه و قبض رسول الله الخمس ورواه شعيب عن الزهري مختصرا ومن طريقه أخرجه الواحدي و فيه و كان ابن الحضرمي اول قتيل قتل من المشركين بيد المسلمين فركب وفد من كفار قريش حتى قدمواعلى النبي فقالوا أتحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال الآية
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وعن عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس 176 نحو رواية شعيب باختصار و لم يذكر عروة وزاد الزهري وكان فيما بلغنا يحرم القتال في الشهر الحرام ثم أحل له بعد
وأخرج عبد بن حميد من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة فذكر القصة مختصرة و عنده إن رجلا من المشركين آذى رسول الله فقتله رجل من المسلمين فأنكروا عليه من كان معه و في آخره فقال المسلمون لأهل السرية قد عوفيتم من الإثم فليس لكم أجر فأنزل الله إن الذين آمنوا و الذين هاجروا الآية
ومن طريق حميد بن عبد الرحمن عن أبي مالك في هذه القصة و المسلمون يرون أنه آخر يوم من جمادى الآخرة و هو أول يوم من رجب و فيه فقال المشركون تزعمون أنكم تحلون الحلال و تحرمون الحرام و قد قتلتم في الشهر الحرام
و عند الفريابي من طريق مجاهد في هذه الآية نزلت في رجل من بني سهم كان في سرية فمر بابن الحضرمي وهو يحمل خمرا من الطائف إلى مكة و كان بين قريش و المسلمين عهد وفي الشهر الحرام فنزلت تقول الكفر و الصد عن سبيل الله وما ذكره كل ذلك أكبر من قتل ابن الحضرمي
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي هذه القصة بطولها نحو سياق ابن إسحاق و قال في أسمائهم أبو حذيفة بن عتبة و عامر بن فهيرة بدل عكاشة و خالد و قال فيه وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل بطن ملل وهو بفتح الميم و اللام بعدها لام أخرى وقال عبد الله بن المغيرة والمغيرة بن عثمان بدل عثمان بن عبد الله بن المغيرة و نوفل أخيه و قال فيه وانفلت المغيرة و قال فكانت أول غنيمة غنمها
الصحابة و قال 178 فيه فطلبوا أن يفادوا بالأسيرين فقال النبي
حتى ننظر ما فعل سعد ورفيقه وقال فيه فقالوا يزعم محمد أنه يتبع طاعة الله وهو اول من استحل الشهر الحرام
وذكر ابن ظفر انه وقع في رواية قتادة عبد الله بن واقد كذا قال و المحفوظ واقد بن عبد الله كما تقدم و نقل حديث جندب من كتاب الأحكام لإسماعيل القاضي فقال بدل أبي عبيدة بن الجراح عبيدة بن الحارث بن المطلب
127 - قوله تعالى إن الذين آمنوا و الذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله الآية 218
تقدم في قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
و نقل ابن ظفر عن الزهري قال
لما فرج الله عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من الغم لقتالهم في الشهر الحرام طمعوا في الثواب فقالوا يا نبي الله أنطمع أن تكون هذه غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين فنزلت هذه الآية
128 - قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر الآية 219
أسند الإمام أحمد عن أبي هريرة قال حرمت الخمر ثلاث مرات قدم رسول الله المدينة وهم يشربون الخمر و يأكلون الميسر فسألوا رسول الله عن ذلك فأنزل الله تعالى يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس الآية فقال الناس لم تحرم علينا إنما قال فيهما إثم فكانوا يشربون الخمر حتى كان يوم من الأيام صلى رجل المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون الآية فكانوا يشربونها حتى يأتي أحدهم الصلاة 179 وهو مفيق فنزلت يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان الآية فقالوا انتهينا يا رب و في رجاله أبو المعشر المدني وهو ضعيف و له شاهد من حديث ابن عمر و ستأتي بقية طرقه في تفسير سورة النساء و تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى
وقال مقاتل في تفسيره نزلت في عبد الرحمن بن عوف و علي بن أبي طالب و عمر بن الخطاب ونفر من الأنصار أتوا رسول الله فقالوا أفتنا في الخمر و الميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فأنزل الله تعالى يسألونك عن الخمر و الميسر الآية
وقال الثعلبي نزلت في عمر بن الخطاب و معاذ بن جبل و نفر من الأنصار قالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر و الميسر
129 - قوله ز تعالى و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو 219
تقدم و قال الثعلبي حثهم رسول الله على الصدقة و رغبهم فيها فقالوا ماذا ننفق
وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح إلى يحيى بن أبي كثير أنه بلغه أن معاذ بن جبل و ثعلبة أتيا رسول الله فقالا يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا فأنزل الله الآية
ومن طريق ابن أبي ليلى عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال ما يفضل عن أهلك
وقال مقاتل بن سليمان أمر النبي بالصدقة قبل أن تنزلت الصدقات في براءة فقال عمرو بن الجموح كم ننفق و على من ننفق فقال قال تعالى
قل العفو يقول فضل قوتك فإن كان الرجل من اهل الذهب و الفضة أمسك الثلث وتصدق بسائره و إن كان من أهل 180 الزرع و النخل أمسك بما يكفيه في سنته و تصدق بسائره و إن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه في يومه و تصدق بسائره فما زالوا على ذلك حتى نزلت آية الصدقات في براءة
130 - قوله تعالى و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير و إن تخالطوهم فإخوانكم الآية 220
أخرج أحمد و النسائي و عبد بن حميد و الحاكم من طريق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لما نزلت ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد و اللحم ينتن فذكر ذلك للنبي فنزلت
لفظ إسرائيل عند أحمد و لفظ النسائي من رواية أبي كدينة نحوه وزاد و نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما اجتنب الناس مال اليتيم و طعامه
فشق ذلك على الناس فشكوا إلى النبي ذلك فأنزل الله تعالى و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير إلى قوله حكيم
وأخرجه سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة النهدي عنه عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير مرسلا لم يذكر ابن عباس وهو أقوى فإن عطاء ابن السائب ممن اختلط وسالم أتقن منه
ووافق الثوري على إرساله قيس بن الربيع عن سالم و سياقه أتم و لفظه كان اهل البيت يكون عندهم الأيتام في حجورهم فيكون لليتيم الصرمة من الغنم و يكون الخادم لأهل ذلك البيت فيبعثون خادمهم فيرعى للأيتام و تكون لأهل البيت الصرمة من الغنم و الخادم للأيتام فيبعثون خادم الأيتام يرعى عليهم فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعا و يكون الطعام للأيتام 181 و الخادم لأهل البيت أو يكون الخادم للأيتام و الطعام لأهل البيت فيأمرون الخادم فتصنع الطعام فيضعون
أيديهم جميعا فلما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية قالوا هذه موجبة فاعتزلوهم وفرقوا ما كان من خلطه فشق ذلك عليهم و شكوا للنبي فقالوا إن الغنم ليس لها راع و الطعام ليس له من يصنعه فقال قد سمع الله قولكم فإن شاء أجابكم فنزلت و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم
وعن قيس عن أشعث بن سوار عن الشعبي لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما اعتزلوا أموال اليتامى حتى نزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم و الله يعلم المفسد من المصلح و هذا مرسل يعضد الأول
وجاء من وجه ثالث مرسل أيضا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة فذكر نحو الأول و قال في روايته فلم يخالطوهم في مأكل و لا مشرب و لا مال فشق ذلك على الناس فأنزل الله تعالى و يسألونك عن اليتامى الآية
وأخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد بن شيبان النحوي عن قتادة لكن قال في روايته كان قد نزل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن فكانوا لا يخالطوهم
وجاء من وجه رابع مرسل ذكر الثعلبي من طريق العوفي بسنده عن ابن عباس قال كانت العرب في الجاهلية يعظمون شأن اليتيم و يشددون أمره حتى كانوا لا يؤاكلونهم و لا يركبون له دابة و لا يستخدمون له خادما و كانوا يتشاءمون بملابسة
أموالهم فلما جاء الإسلام سألوا عن ذلك فنزلت هكذا حكاه الثعلبي عن ابن عباس 182 من رواية عطية عنه و حكى مثله عن السدي و الضحاك و حكى عن ابن عباس من رواية على بن أبي طلحة عنه لما نزل و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن الآية و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية اعتزلوا أموال اليتامى إلى آخره قال و عن قتادة و الربيع بن أنس مثله
و أخرج عبد بن حميد من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح قال لما نزل في اليتامى ما نزل اجتنبهم الناس فلم يؤاكلوهم و لم يشاربوهم و لم يخالطوهم فأنزل الله تعالى إصلاح لهم خير فخالطهم الناس في الطعام و فيما سوى ذلك
وقال مقاتل بن سليمان لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما أشفق المسلمون فذكر نحو ما تقدم فقال ثابت بن رفاعة الأنصاري
قد سمعنا ما انزل الله عز و جل فعزلناهم و الذي لهم فشق علينا و عليهم فهل يصلح لنا خلطهم فيكون البيت و الطعام واحدا و الخدمة و ركوب الدابة فنزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم يقول ما كان لليتيم فيه صلاح فهو خير
131 - قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن و لأمة مؤمنة خير من مشركة 221
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدي نزلت في عبد الله بن رواحة و كانت له أمة سوداء و أنه غضب عليها فلطمها ثم فزع فأتى النبي فاخبره فقال ما هي يا عبد الله قال تصلي و تصوم و تحسن الوضوء و تشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقال يا عبد الله هذه مؤمنة فقال و الذي بعثك بالحق لأعتقنها و أتزوجها فطعن عليه ناس من المسلمين و قالوا نكح أمة و كانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين 183 و ينكحوا المشركات رغبة في أحسابهم فنزلت
ومن طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن نزلت في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي في عناق ان يتزوجها و هي امرأة مسكينة من قريش و كانت ذات حظ من جمال و هي مشركة و أبو مرثد يومئذ مسلم فقال يا رسول الله إنها تعجبني فأنزل الله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن إلى آخر الآية
وبه إلى مقاتل بن حيان بلغنا في قوله ولأمة مؤمنة خير من مشركة إنها كانت أمة لحذيفة سوداء فأعتقها و تزوجها
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس بعث رسول الله رجلا من
غني يقال له مرثد بن ابي مرثد حليفا لبني هاشم إلى مكة ليخرج ناسا من المسلمين بها أسرا فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها عناق و كانت خليلة له في الجاهلية فلما أسلم أعرض عنها فأتته فقالت ويحك يا مرثد ألا تخلو فقال إن الإسلام قد حال بيني و بينك و حرمه علينا و لكن إن شئت تزوجتك إذا رجعت استأذنت رسول الله في ذلك فقالت له أبي تتبرم ثم استغاثت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله فأعلمه بالذي كان من أمره و أمر عناق و ما لقي بسببها فقال يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها فنهاه عن ذلك و نزلت و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن الآية
و ذكره مقاتل بمعناه و طوله وقال في أوله كان أبو مرثد رجلا صالحا و اسمه أيمن و كان المشركون أسروا أناسا من المسلمين فكان أبو مرثد 184 ينطلق إلى مكة مستخفيا فيرصد المسلم ليلا فإذا خرج إلى البراز خرج معه من يحفظه فيتركه عند البراز فينطلق أبو مرثد فيحمل الرجل على عنقه حتى يلحقه بالمدينة فانطلق مرة فلقي عناق فذكر قصتها و قوله إن أبا مرثد اسمه أيمن منكر و المعروف أن اسمه
كناز بفتح الكاف و تشديد النون و آخره زاي منقوطة
132 - قوله تعالى و يسألونك عن المحيض قل هو أذى الآية 222
أخرج مسلم من طريق ثابت البناني عن أنس إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها و لم يشاربوها و لم يجامعوها في البيوت فسئل النبي فأنزل الله تعالى يسألونك عن المحيض قل هو أذى الآية فأمرهم أن يؤاكلوهن و يشاربوهن و أن يكونوا معهن في البيوت و أن يفعلوا كل شيء ما خلا النكاح فقالت اليهود ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه فجاء عباد بن بشر وأسيد بن حضير فأخبراه بذلك و قالا يا رسول الله أفلا ننكحهن في المحيض فتمعر وجه رسول الله حتى ظننا أنه قد غضب عليهما فقاما فاستقبلهما هدية من لبن فأرسل النبي في آثارهما فسقاهما فعلمنا أنه لم يغضب عليهما
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة كان أهل الجاهلية إذا حاضت المرأة لم يجامعوها في بيت و لم يؤاكلوها في إناء فأنزل الله تعالى في ذلك و حرم فرجها و أحل ما سوى ذلك
وقال مقاتل بن سليمان
نزلت هذه الآية في عمر بن الدحداح الأنصاري و هو من بلى حي من قضاعة فلما نزلت فاعتزلوا النساء أخرجوهن من البيوت و الفرش كفعل العجم و لم يؤاكلوهن في إناء 185 واحد فقال ناس للنبي قد شق علينا اعتزال الحائض و البرد شديد فقال إنما امرتم باعتزال الفرج و قرأ عليهم ولا تقربوهن حتى يطهرن
وقال الواحدي قال المفسرون فذكر هذا لكن قال فيه فسأل أبو الدحداح عن ذلك رسول الله فذكره
و أخرج أيضا من طريق سابق بن عبد الله البربري بإسناده إلى جابر عن
رسول الله في قوله عز و جل و يسألونك عن المحيض قالت اليهود
من أتى امرأته من دبرها كان ولده أحول و كان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن فجاؤوا إلى رسول الله فسألوه عن إتيان الرجل امرأته و هي حائض و عما قالت اليهود فأنزل الله تعالى و يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن يعني الإغتسال فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله يعني القبل
وقال نساؤكم حرث لكم وإنما الحرث حيث ينبت الولد و يخرج منه
قلت و هذا مع انقطاعه فيه نكارة في سياقه
133 - قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم 223
1 - نزلت في حيي بن أخطب و اليهود قالوا للمسلمين إنه لا يحل لكم أن تأتوا النساء إلا مستلقيات و إنا نجد في كتاب الله أن جماع المرأة غير مستلقية ذنب فنزلت
ذكره مقاتل بن سليمان و أصله في الصحيحين من حديث محمد بن المنكدر عن جابر و لفظه كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته في قبلها من دبرها إن الولد يكون أحول فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
وفي رواية لمسلم من طريق سهيل 186 بن أبي صالح عن ابن المنكدر قالت اليهود إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول
وفي لفظ إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء ولدها أحول وفي هذه الطريق إن شاء مجبية و إن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد أخرجه
مسلم من رواية النعمان بن راشد عن الزهري عن محمد بن المنكدر بهذا قال أبو حامد بن الشرقي تفرد بن النعمان بن راشد عن الزهري و هذا الحديث يساوي مئة حديث
وأخرج أبو داود و الدارمي وإسحاق في مسنده من طرق عن ابن إسحاق والحاكم واللفظ له عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه فأسأله
فيمن أنزلت و فيم أنزلت فقلت يا أبا عباس أرأيت قول الله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله قال من حيث أمركم الله أن تعتزلوهن قال ابن عباس إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة يتلذذون بهن مقبلات و مدبرات فلما قدموا المدينة تزوجوا إلى الأنصار فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة فأنكرن ذلك و قلن هذا شيء لم نكن نؤتى عليه فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله فأنزل الله تعالى في ذلك نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال مقبلة و مدبرة و إنما يعني موضع الولد للحرث يقول ائت الحرث أنى شئت وأول الحديث عند أبي داود إن ابن عمر و الله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود الحديث
وقال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت هذه الآية في المهاجرين لما 187 قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم و بين الأنصار و اليهود من بين أيديهن و من خلفهن إذا كان المأتي واحدا في الفرج فعابت اليهود ذلك
إلا من بين أيديهن خاصة و قالوا إنا نجد في كتاب الله أن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات دنس عند الله ومنه يكون الحول و الخبل فذكر المسلمون ذلك لرسول الله و قالوا إنا كنا في الجاهلية و بعدما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا و إن اليهود عابت علينا فأكذب الله اليهود و أنزل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول الفرج مزرعة الولد فأتوا حرثكم كيف شئتم من بين يديها و من خلفها في الفرج
و أخرج أحمد و الترمذي و النسائي و ابن حبان من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال هلكت قال وما ذاك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه شيئا فأوحي إلى رسول الله هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول أقبل و أدبر و اتق الدبر و الحيضة و قد تقدم مرسل سابق
البربري في الذي قبله
و أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني بالحرث الفرج يقول تأتيه كيف شئت مستقبله و مستدبره و على ما أردت بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره
طرق أخرى قال عبد بن حميد ثنا هاشم بن القاسم عن المبارك هو ابن فضالة عن الحسن إن اليهود كانوا قوما حسدا فقالوا يا أصحاب محمد و الله ما لكم أن تأتوا النساء إلا من وجه واحد فكذبهم الله تعالى 188 و أنزل نساؤكم حرث لكم فخلى بين الرجال و بين نسائهم فيتفكه الرجل من امرأته يأتيها إن شاء من قبل قبلها و إن شاء من قبل دبرها غير أن المسلك واحد قال و ثنا عوف عن الحسن قال قالت اليهود للمسلمين إنكم تأتون نساءكم كما تأتي البهائم بعضها بعضا تبركونهن فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فلا بأس أن يغشى الرجل المرأة كيف شاء إذا أتاها في الفرج
ومن طريق شيبان عن قتادة نحو الأول إلى قوله و بين نسائهم
ومن طريق حصين بن عبد الرحمن عن مرة الهمداني قال قال ناس من اليهود لناس من المسلمين يأتي أحدكم امرأته باركة فقالوا نعم قال فذكر ذلك
النبي فنزلت
و أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن علي حدثه أنه بلغه أن ناسا من أصحاب النبي جلسوا يوما و رجل من اليهود قريب منهم فجعل بعضهم يقول إني لآتي امرأتي و هي مضطجعة و يقول الآخر إني لآتيها و هي قاعدة و يقول الآخر إني لآتيها و هي على جنب أو وهي باركة فقال اليهودي ما أنتم إلا أمثال البهائم و لكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم الآية
ومن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة جاء رجل إلى ابن عباس فقال أتيت أهلي في دبرها و سمعت قول الله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم فظننت أن ذلك لي حلال فقال لا يا لكع إنما قوله أنى شئتم قائمة و قاعدة و مقبلة و مدبرة في القبل لا تعدوه إلى غيره
طريق أخرى عن ابن عباس أخرجها الطبري من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكره أن تؤتى المرأة في دبرها و يقول إنما الحرث من القبل الذي يكون 189 منه النسل و الحيض وينهى عن إتيان المرأة في دبرها و يقول إنما أنزلت هذه الآية فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول من أي وجه شئت و عنه أيضا قال ذاك ظهرها لبطنها غير معاجزة يعني الدبر
حديث آخر في ذلك عن أم سلمة أخرج أحمد و اللفظ له و الترمذي و عبد ابن حميد و غيرهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن سابط هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن قال قلت لها إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي أن أسألك عنه قالت سل يا ابن أخي كما بدا لك قال أسألك عن إتيان النساء في أدبارهن فقالت حدثتني أم سلمة قالت كانت الأنصار لا تجبي و كانت المهاجرون تجبي فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فجباها فأتت أم سلمة فذكرت ذلك لها فلما أن جاء النبي استحيت الأنصارية فخرجت فذكرت ذلك أم سلمة لرسول الله فقال ادعوها لي فدعيت فقال نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا قال و الصمام السبيل الواحد
وأخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة و سياقه أخصر من هذا وفي رواية أبي جعفر الطبري حفصة بنت عبد الرحمن بن ابي بكر عن أم سلمة قالت تزوج رجل امرأة فأراد أن يجبيها فأبت عليه و قالت حتى أسأل رسول الله قالت فذكرت ذلك لي فذكرته لرسول الله فقال أرسلي إليها فلما جاءته قرأ عليها نساؤكم
حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا صماما واحدا و في رواية له قدم المهاجرون فتزاوجوا 190 في الأنصار و كانوا يجبون و كانت الأنصار لا تفعل ذلك
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق الحسن بن صالح عن ليث عن عيسى بن سنان عن سعيد بن المسيب فأتوا حرثكم أنى شئتم فإن شئتم فاعزلوا و إن شئتم فلا تعزلوا
وأخرج الواحدي من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث بن أبي سليم عن أبي صبيح عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال نزلت في العزل قلت هو سند ضعيف
وقد أخرج عبد بن حميد و الطبري من رواية زائدة بن عمير سألت ابن عباس عن العزل فقال نساؤكم حرث لكم الآية لفظ عبد و في رواية الطبري فقال إن شئت فاعزل و إن شئت فلا تعزل
3 - قول آخر قال البخاري في التفسير من صحيحه
حدثنا إسحاق يعني ابن راهويه أنا النضر بن شميل أنا عبد الله بن عون عن نافع قال كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه قال فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان فقال تدري فيم أنزلت قلت لا قال نزلت في كذا و كذا ثم مضى
وعن عبد الصمد حدثني أبي هو عبد الوارث بن سعيد حدثني أيوب عن نافع عن ابن عمر في قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم قال يأتيها في
ورواه محمد بن يحيى بن سعيد عن أبيه هو القطان عن عبيد الله يعني ابن عمر عن نافع عن ابن عمر انتهى ما ذكره البخاري
وقد أشكل على كثير من الناس و جزم الحميدي في الجمع بين الصحيحين بأن الظرف الذي عبر عنه بقوله يأتيها في هو الفرج و ليس 191
كما قال الحميدي و قد بينت في تغليق التعليق ما هو مراد البخاري بإيراد الطرق الثلاثة عمن نقلها عنهم
بيان طرق البخاري
أما طريق إسحاق فرويناها في مسنده و في تفسيره قال أنا النضر بن شميل فساقه كما ساقه البخاري سواء إلى قوله حتى انتهى إلى قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال أتدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن
وأما الرواية الثانية فأخرجها إسحاق أيضا في مسنده و تفسيره
قال انا عبد الصمد بن عبد الوارث فساقه كما ساقه البخاري إلى قوله يأتيها في فقال في روايته يأتيها في الدبر و هكذا أخرجه أبو جعفر بن جرير الطبري في التفسير عن أبي قلابة عبد الملك الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد
الوارث به سندا و متنا
وأما الرواية الثالثة فرويناها في المعجم الأوسط للطبراني قال نا علي بن سعيد أنا أبو بكر محمد بن ابي غياث الأعين نا محمد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا أبي عن عبيد الله بن عمر بن نافع عن ابن عمر قال إنما نزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم على رسول الله رخصة في إتيان الدبر
قال الطبراني لم يروه عن عبيد الله إلا يحيى القطان تفرد به ابنه محمد انتهى
و أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده عن أبي بكر الأعين وأخرجه أبو نعيم في المستخرج عن أبي عمرو بن حمدان وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن جعفر المزكي كلاهما عن الحسن بن سفيان
وقد تابع النضر بن شميل على روايته عن ابن عون إسماعيل بن إبراهيم بن
مقسم المعروف بابن علية و إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي 192
أما ابن علية فقال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره حدثنا يعقوب ابن إبراهيم الدورقي نا ابن علية عن ابن عون فذكر مثل رواية النضر سواء
واما رواية الكرابيسي فأخرجها ابن جرير أيضا عن إبراهيم بن عبد الله قال نا أبو عمر الضرير نا إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن ابن عون عن نافع قال كنت أمسك المصحف على ابن عمر إذ تلا هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال نزلت هذه الآية في الذي يأتيها في دبرها
الرد على حصر الطبراني
وقد توبع يحيى بن قطان على روايته لهذا الحديث عن عبيد الله بن عمر بخلاف ما زعم الطبراني أنه تفرد به عن عبيد الله بن عمر فأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي بشر الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد نا أبو ثابت محمد بن عبد الله المدني حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن
عبيد الله بن عمر بن حفص و ابن أبي ذئب ومالك بن أنس فرقهم كلهم عن نافع قال قال لي ابن عمر أمسك علي المصحف يا نافع فقرأ حتى أتى على نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال لي تدري يا نافع فيم نزلت هذه الآية
قال قلت لا قال نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم الآية قلت له من دبرها في قبلها قال لا إلا في دبرها
وتابع الدراوردي عن ابن أبي ذئب أبو صفوان الأموي أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط و ابن مردويه في التفسير كلاهما من طريق محمد بن علي بن زيد الصائغ المكي عن يعقوب بن حميد نا أبو صفوان هو عبد الله بن سعيد 193 بن عبد الملك عن ابن أبي ذئب به
و رويناه في الجزء الثاني من رواية حامد الرفاء تخريج الدارقطني قال الرفاء حدثنا أبو أحمد بن عبدوس نا علي بن الجعد نا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال وقع رجل على امرأته في دبرها فأنزل الله تعالى نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنا شئتم قال فقلت لابن أبي ذئب ما تقول أنت في هذا قال ما أقول فيه بعد هذا
ورواه عن مالك أيضا إسحاق بن محمد القروي أخرجه الثعلبي من طريق محمد بن عيسى الطرسوسي عن إسحاق و لفظه كنت أمسك المصحف على ابن عمر فقرأ هذه الآية فقال تدري فيم نزلت قلت لا قال نزلت في رجل أتى امرأته في دبرها على عهد رسول الله فشق ذلك عليه فنزلت
رواه آخرون عن نافع وهم خمسة
ورواه عن نافع غير من تقدم ذكره جماعة
1 - منهم ابنه عبد الله
2 - و عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر
3 - و هشام بن سعد
4 - وأبان بن صالح
5 - وإسحاق بن عبيد الله بن أبي فروة
1 - أما حديث عبد الله بن نافع فأخرجه أحمد بن أسامة بن أحمد التجيبي في فوائده من طريق أشهب حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن
عمر قال أصاب رجل امرأته في دبرها فأنكر الناس ذلك فأنزل الله عز و جل نساؤكم حرث لكم الآية و به إلى نافع عن ابن عمر أنه كان إذا قرأ السورة لا يتكلم حتى يختمها فقرأ سورة البقرة فمر بهذه الآية فقال أتدري فيم نزلت فذكر ما تقدم
وبه إلى أشهب قال لي عبد الله بن نافع لا بأس به إلا أن يتركه أحد تقذرا
2 - وأما عمر بن محمد فقال عبد الرزاق في تفسيره نا سفيان الثوري عن عمر بن محمد بن زيد عن نافع 194 عن ابن عمر في قوله تعالى أتأتون الذكران من العالمين و تذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم أي مثله من النساء
قال سلمة بن شبيب الراوي عن عبد الرزاق و به يحتج أهل المدينة
وأخرجه أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده بسنده إلى سلمة بن شبيب و نقل عن أصبغ بن الفرج أنه احتج بها لذلك
وذكر أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن عن محمد بن كعب القرظي إنه احتج على الجواز بهذه الآية وزاد ولو لم يبح ذلك من الأزواج ما قبح انتهى
وكذا نقل عن زيد بن أسلم و ابن الماجشون
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان الأصبهاني في فوائده من طريق عصام بن زيد عن الثوري عن عمر بن محمد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتأول هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي حيث شئتم
3 - وأما رواية هشام بن سعد فأخرجها الطبراني و ابن مردويه من طريق هارون بن موسى عن أبيه
وأخرجها أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده من طريق معن بن عيسى كلاهما عن هشام بن سعد عن نافع قال قرأ ابن عمر هذه السورة فمر بهذه الآية نساؤكم حرث لكم الآية فقال تدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال في رجال كانوا يأتون النساء في أدبارهن
4 - وأما رواية أبان بن صالح فأخرجها الحاكم في تاريخه من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن إبان بن صالح عن نافع قال كنت أمسك المصحف على ابن عمر فذكر الحديث بطوله نحو ما تقدم وهو في القطعة التي انقطعت روايتها من صحيح ابن خزيمة أخرجه الحاكم عن
أبي علي الحافظ 195 النيسابوري عن ابن خزيمة وقال أبو علي لم أكتبه إلا عن ابن خزيمة
5 - وأما رواية إسحاق بن أبي فروة فأخرجها أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده من طريق أبي علقمة القروي عنه عن نافع قال لي ابن عمر أمسك علي المصحف فذكر الحديث بطوله نحو رواية الدراوردي عن شيوخه الثلاثة
عود إلى رواية مالك
وأما رواية مالك فرواها عنه جماعة غير من تقدم
فأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق زكريا بن يحيى الساجي نا محمد بن الحارث المدني نا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال يا نافع أمسك علي المصحف قال فقرأ عبد الله بن عمر حتى بلغ نساؤكم حرث لكم الآية فقال يا نافع أتدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فسأل النبي فأنزل الله عز و جل الآية قال الدارقطني هذا ثابت عن مالك
وأخرج أيضا من طريق إسحاق بن محمد القروي عن مالك نحوه لكن قال أنزلت في الذي يأتي امرأته في دبرها
وأخرجه دعلج في غرائب مالك و الثعلبي في التفسير من طريق إسحاق
المذكور
ثلاثة رووا الحديث عن ابن عمر غير نافع
ورواه عن عبد الله بن عمر جماعة غير نافع
منهم زيد بن أسلم أخرجه النسائي و الطبري و الحاكم من طريق سليمان بن بلال عنه عن عبد الله بن عمر قال أتى رجل امرأته في دبرها في عهد رسول الله فوجد من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله الآية
قال ابن عبد البر الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة من رواية نافع فغير نكير أن يرويها زيد بن أسلم أيضا
قلت و قد رواها 196 غير نافع وزيد فأخرج النسائي و الطبري
والطحاوي و الدارقطني من طريق ابن القاسم قلت لمالك فقال لي اشهد على ربيعة يحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل عبد الله بن عمر فقال لا بأس به
وعند الطبري أن أناسا يروون عن سالم كذب العبد على أبي فقال مالك أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم عن ابن عمر مثل ما قاله نافع
وقد أنكر عبد الله بن عباس على عبد الله بن عمر هذا القول و نسبه إلى الوهم في الفهم فقال فيما أخرجه أبو داود و غيره من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عنه قال ابن عمر و الله يغفر له قد أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار فذكر القصة و في آخرها فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات و مدبرات و مستلقيات يعني موضع الولد أي من قبل دبرها أي في قبلها و قد تقدم في طرق القول الأول بأنها تكون باركة أو منبطحة و هذا الذي صار إليه اكثر العلماء و المبين يقضي على المجمل و الله أعلم
وقد جاء عن أبي سعيد الخدري كنحو ما رواه نافع و غيره عن ابن عمر
أخرجه أبو يعلى و الطحاوي في مشكل الآثار و الطبري و ابن مردويه في تفسيريهما من طريق عبد الله بن نافع نا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله فقالوا أثفر فلان امرأته فأنزل الله عز و جل الآية و القول في هذا كالقول في حديث ابن عمر لأنه إذا أولج و هي باركة صار ذكره كالثفر للدابة سواء كان الإيلاج في القبل أم الدبر فحمله على القبل موافق للروايات الأولى و هي أصح و أشهر 197 و الله أعلم
وجاء نحو ذلك من مرسل خصيف عن مجاهد أخرجه عبد بن حميد من
طريقه ولفظه كانوا يجتنبون النساء في المحيض فلا يجامعوهن في فروجهن و يأتونهم في أدبارهن فسألوا النبي عن ذلك فأنزل الله نساؤكم حرث لكم الآية هكذا قال خصيف و المحفوظ عن مجاهد التشديد في ذلك لا الرخصة
134 - قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم الآية 224
1 - قال ابن الكلبي نزلت في عبد الله بن رواحة تنهاه عن قطيعة ختنه بشير بن النعمان و ذلك أن ابن رواحة حلف أن لا يدخل عليه أبدا و لا يكلمه ولا يصلح بينه و بين امرأته و يقول قد حلفت بالله أن لا أفعل و لا يحل لي إلا أن أبر في يميني فأنزل الله تعالىالآية
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في أبي بكر الصديق و في ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر و كان أبو بكر حلف أن لا يصله حتى يسلم و كان الرجل إذا حلف قال لا يحل لي إلا أن أبر وكان هذا قبل أن تنزل الكفارة
وعن ابن جريج نزلت في أبي بكر حين حلف أن لا ينفق على مسطح حين خاض مع أهل الإفك أخرجه الطبري
وأخرج الطبري من طريق عمرو عن أسباط عن السدي أما قوله
عرضة فيعرض بينك و بين الرجل الامر فتحلف بالله لا تكلمه و لا تصله و إما إن تبروا فالرجل يحلف لا يبر ذا رحمه فيقول قد حلفت فأمر الله أن لا يعرض بيمينه بينه و بين ذي رحمه و ليبره و لا يبالي بيمينه و أما وتصلحوا فالرجل يصلح بين الإثنين فيعصيانه فيحلف أن لا يصلح بينهما و ينبغي له أن يصلح ولا يبالي بيمينه قال و هذا قبل أن تنزل الكفارة
ومن طريق علي بن 198 أبي طلحة عن ابن عباس المعنى لا تجعلني عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير و لكن كفر عن يمينك و اصنع الخير
ومن طريق العوفي عن ابن عباس كان الرجل يحلف على الشيء من البر و التقوى لا يفعله فنهى الله عن ذلك بهذه الآية
ومن طريق سعيد بن جبير و مجاهد ومكحول و إبراهيم النخعي نحو ذلك
قال عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في هذه الآية و لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا هو الرجل يحلف على الأمر الذي لا يصلح ثم يعتل بيمينه يقول الله أن تبروا و تتقوا يقول هو خير من أن تمضي على ما لا يصلح فإن حلف كفر يمينه وفعل الذي هو خير
وعن معمر و عن قتادة نحوه
و أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق و أخرجه أيضا من طريق إسرائيل عن السدي عن من حدثه عن ابن عباس قال هو الرجل يحلف لا يكلم قرابته أو مسلما أو لا يتصدق أو لا يقرض أو لا يصلح بين اثنين يقول قد حلفت فلا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم و كفر عن يمينك و عن إسرائيل عن منصور عن إبراهيم نحوه
وأخرج عبد أيضا من طريق الربيع بن أنس كان الرجل يحلف أن لا يصل رحمه و لا يصلح بين الناس فنزلت
2 - و جاء في سبب ذلك قول آخر أخرجه الطبري من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة في هذه الآية قالت لا تحلفوا بالله و إن بررتم
قال الطبري أولى الأقوال تأويل من قال لا تجعلوا الحلف بالله حجة لكم في ترك فعل الخير فيما بينكم و ذلك أن العرضة في اللغة القوة و المراد بها هنا الحجة فالمعنى لا تجعلوا 199 اليمين بالله حجة لأيمانكم أن لا تفعلوا الخير فليفعل ويحنث ثم يكفر
وقد ذكرت الكفارة في آية المائدة و قوله بعدها لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم إشارة إلى أن الكفارة إنما تجب في اليمين التي يوقع القصد إليها لا التي تقع من غير قصد إلى اليمين أو عن خطأ أو نسيان و نحو ذلك
135 - قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية 226
قال عبد بن حميد نا يونس عن شيبان عن قتادة كان أهل الجاهلية يعدون الإيلاء طلاقا فحد لهم أربعة أشهر فإن فاء فيها كفر يمينه و كانت امرأته و إن مضت أربعة أشهر و لم يفئ بها فهي تطليقه
وذكر الثعلبي عن سعيد بن المسيب كان الإيلاء من ضرار أهل الجاهلية كان أحدهم لا يريد المرأة و لا يحب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها أبدا فكان يتركها كذلك لا أيما و لا ذات بعل و كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية و الإسلام فجعل الله الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر و أنزل للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية
وذكر الواحدي من طريق الحارث بن عبيد نا عامر الأحول عن عطاء عن ابن عباس قال كان إيلاء أهل الجاهلية السنة و السنتين وأكثر من ذلك فوقت الله بأربعة
أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء
136 - قوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء 228
يأتي كلام قتادة و مقاتل بن حيان في ذلك في قوله تعالى الطلاق مرتان إن شاء الله
137 - قوله زتعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن 228
قال عبد الرزاق أنا معمر عن 2000 قتادة في قوله لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر فنهاهن الله عن ذلك
ورواه عبد من طريق شيبان و الطبري من طريق سعيد كلاهما عن قتادة ولفظه لتذهب بالولد إلى غير أبيه فكره الله ذلك لهن
و في رواية له و تكتم ذلك مخافة الرجعة فنهى الله عن ذلك
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في هذه الآية نزلت في رجل يريد أن يطلق امرأته فيسألها حل بك حمل فتكتمه إرادة أن تفارقه فيطلقها و قد كتمته حتى تضع
138 - قوله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان الآية 229
قال مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل الى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها و قال و الله لا آويك إلي و لا تحلين أبدا فأنزل الله عز و جل الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هكذا ذكره مرسلا و كذا سمعناه عاليا في مسند عبد بن حميد نا جعفر بن عون عن هشام و لفظه كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها ليس لذلك شيء ينتهي إليه فقال رجل من الأنصار فذكره و فيه فذهبت إلى رسول الله تشكو ذلك فأنزل الله الطلاق مرتان الآية فاستقبل الناس أمرا جديدا من كان يطلق و من لم يطلق
ووصله يعلى بن شبيب عن هشام موصولا يذكر عائشة وقع لنا بعلو في
جزء لوين
201 - و أخرجه الترمذي عن قتيبة عنه و فيه يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها و هي امرأته إذا ارتجعها و هي في العدة و إن طلقها مئة مرة أو أكثر فذكر نحو رواية جعفر لكن لم يقل من الأنصار و فيه فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي فأخبرته فسكت حتى نزلت الطلاق مرتان الآية قالت عائشة فاستأنفت الناس الطلاق مستقبلا من كان طلق و من لم يكن طلق
ثم أخرجه من رواية عبد الله بن إدريس عن هشام مرسلا أيضا و قال هذا أصح من حديث يعلى بن شبيب
قلت ووصل الطبري رواية ابن إدريس و لفظه قال رجل لامرأته على عهد النبي لا أؤيك و لا أدعك تحلين أطلقك فإذا دنا أجل عدتك راجعتك فأتت
النبي فأنزل الله الطلاق مرتان الآية
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان الطلاق ليس له وقت حتى انزل الله الطلاق مرتان
وأخرجه الطبري من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال
كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم امرأته ثم يراجعها لا حد في ذلك هي امرأته ما راجعها في عدتها فجعل الله حد ذلك ثلاثة قروء و جعل حد الطلاق ثلاث تطليقات
ونقل الثعلبي عن مقاتل بن حيان و الكلبي قالا
كان الرجل في أول الإسلام إذا طلق امرأته و هي حبلى فهي أحق برجعتها ما لم تضع ولدها إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بقوله الطلاق مرتان الآية
قال الكلبي و طلق إسماعيل بن عبد الله الغفاري زوجته قتيلة و هي حبلى
وقال مقاتل هو مالك بن الأشتر رجل من أهل الطائف قالا جميعا و لم يشعر 202 الرجل بحبلها و لم تخبره فلما علم بحبلها راجعها و ردها إلى بيته
فولدت فماتت و مات ولدها و فيها أنزل الله و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء الآية
و أخرج الطبري من طريق يزيد النحوي عن عكرمة و الحسن البصري قالا في قوله تعالى و بعولتهن أحق برهن الآية كان الرجل إذا طلق امرأته كان أحق برجعتها و لو طلقها ثلاثا فنزلت الطلاق مرتان فنسخ ذلك فإذا طلقها الثالثة لم تحل له رجعتها إلا ما دامت في عدتها
139 - قوله ز تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله 229
قال ابن جريج نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس و في حبيبة قال و كانت اشتكته إلى رسول الله فقال تردين عليه حديقته فقالت نعم فدعاه فذكر ذلك له فقال و يطيب لي ذلك قال نعم قال قد فعلت فنزلت ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الآية إلى قوله فلا تعتدوها
أخرجه سنيد في تفسيره عن حجاج عنه و الطبري من طريق وذكره الثعلبي بغير إسناد فقال نزلت هذه الآية في جميلة بنت عبد الله بن أبي وفي زوجها
ثابت بن قيس وكان يحبها حبا شديدا و تبغضه بغضا شديدا فكان بينهما كلام فشكت إلى أبيها فذكر القصة مطولة إلى أن قال خذ منها ما أعطيتها و خل سبيلها ففعل فكان أول خلع في الإسلام و أنزل الله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا
وأصل قصة ثابت بن قيس بن شماس و حبيبة بنت سهل عند مالك في الموطأ من رواية عمرة بنت عبد الرحمن عنها
وعند أبي داود من وجه آخر عن عمرة عن عائشة جاءت حبيبة بنت سهل
203 - وله قصة أخرى مع جميلة بنت أبي أخت عبد الله في الخلع أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن رباح عن جميلة
وقال ابن عباس أول خلع وقع في الإسلام أخت عبد الله بن أبي الحديث أخرجه الطبري أيضا كذا سماه و نسبها و يؤكد ما ذكره من أنها بنت عبد الله بن أبي لا أخته قوله إنها شكت إلى أبيها لأن والد عبد الله لم يكن موجودا إذ ذاك
140 - قوله ز تعالى فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره الآية 230
قال الثعلبي نزلت هذه الآية في تميمة و قيل عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك القرظي كانت تحت رفاعة بن وهب بن عقيل فطلقها ثلاثا فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير النضري فطلقها فأتت نبي الله فقالت إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير و إنما معه مثل هدبة الثوب و لقد طلقني قبل أن يمسني أفأرجع الى ابن عمي فتبسم رسول الله فقال تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا الحديث قال فلبثت ما شاء الله ثم رجعت فقالت إن زوجي كان قد مسني فقال لها النبي كذبت بقولك الأول فلن نصدقك فلبثت حتى قبض النبي فأتت أبا بكر فردها ثم أتت عمر فردها وقال لها لأن رجعت لأرجمنك
قلت و أصل القصة في الصحيحين و ليس في شيء من طرقه إن الآية نزلت فيها وإنما أوردته تبعا للثعلبي لاحتمال أن يكون وقعت له رواية
وقال مقاتل نزلت في تميمة بنت وهب بن عتيك النضري و في زوجيها رفاعة و عبد الرحمن بن الزبير القرظيين تزوجها عبد الرحمن بعد أن طلقها رفاعة يقول فإن طلقها الزوج الثاني عبد الرحمن فلا جناح عليهما يعني الزوج الأول رفاعة و لا على المرأة تميمة أن يتراجعها بعقد جديد ومهر جديد
قلت الأصل في القصة ماأخرجه الشيخان في الصحيحين و اللفظ لأحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي فقالت إن رفاعة طلقني البتة و إن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني و إنما عنده مثل هذه الهدبة و أخذت هدبة من جلبابها وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له فقال يا أبا بكر ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله فما زاد رسول الله على التبسم فقال رسول الله كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته و يذوق عسليتك أخرجه البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه مختصرا و اتفقا عليه من رواية القاسم عن عائشة
وأخرجه مالك في الموطأ عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد
الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله ثلاثا فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فأعرض عنها فلم يستطع أن يمسها فطلقها فأراد رفاعة أن ينكحها فذكر ذلك لرسول الله فنهاه عن تزويجها وقال لا تحل لك حتى تذوق العسلية
هكذا أخرجه مرسلا ورواه إبراهيم بن طهمان و عبد الله بن وهب عن مالك فقالا في آخر السند عن أبيه وهو عبد الرحمن بن الزبير صاحب القصة
141 - قوله ز تعالى ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا 231
قال عبد الرزاق 204 أنا معمر عن قتادة كان الرجل يحلف بطلاق امرأته فإذا بقي من عدتها شيء أرجعها ليضرها بذلك و يطيل عليها فنهاهم الله عن ذلك و أمر أن يمسكوهن بمعروف أو يسرحوهن بمعروف
وأخرج الطبري بسند صحيح عن الحسن البصري كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها يضارها بذلك فنهاهم الله عن ذلك
ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه
ومن طريق مجاهد نحوه
وقيل الرجعة تأخير زمن العدة وهو أظهر في المضارة
ومن طريق الربيع بن أنس نحوه بالزيادة
ومن طريق الضحاك نحوه وزاد أنها نزلت في رجل من الأنصار اسمه ثابت ابن يسار
142 - قوله ز تعالى ولا تتخذوا آيات الله هزوا 231
أخرج الطبري بسند صحيح عن الزهري عن سليمان بن أرقم أن الحسن حدثه أن الناس كانوا في عهد رسول الله يطلق الرجل أو يعتق فيقال له ما صنعت فيقول كنت لا عبا قال الحسن وهو قول الله تعالى ولا تتخذوا آيات الله هزوا
قلت وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر فإن سليمان بن أرقم أصغر من الزهري
ومن طريق الربيع بن أنس كان الرجل يطلق أو يتزوج أو يعتق أو يتصدق فيقول إنما فعلت لاعبا فنهوا عن ذلك فقال تعالى و لا تتخذوا آيات الله هزوا
143 - قوله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن الآية 232
1 - أخرج البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان عن يونس بن عبيد عن الحسن وهو البصري قال في قوله تعالى فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا الآية قال حدثني 205 معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال كنت زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وأفرشتك و أكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا و الله لا تعود إليها أبدا قال
و كان رجلا لا بأس به و كانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية فقلت الآن أفعل يا رسول الله فزوجتها إياه
وأخرجه البخاري أيضا و الطبري و الدارقطني من طريق عباد بن راشد عن الحسن حدثني معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إلي و كنت أمنعها من الناس فأتاني ابن عم لي فخطبها مع الخطاب فأنكحتها إياه فاصطحبا ما شاء الله ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فخطبها مع الخطاب فقلت منعتها الناس زوجتك بها ثم طلقتها طلاقا له رجعة ثم تركتها حتى انقضت عدتها فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها لا أزوجك أبدا فأنزل الله الآية إلى قوله أزواجهن فكفرت عن يميني وأنكحتها
وأخرجه عبد بن حميد وأبو مسلم الكجي من رواية مبارك بن فضالة عن الحسن عن معقل بن يسار إنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها و هويته فخطبها مع الخطاب فقال له يا لكع أكرمتك بها فطلقتها و الله لا
ترجع إليك أبدا أحرما عليك قال فعلم الله حاجته إليها و حاجتها إليه فأنزل الله هذه الآية قال فسمع ذلك معقل بن يسار فقال سمعا لربي و طاعة 206 فدعا زوجها فقال أزوجك و أكرمك فزوجها إياه
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الحسن مرسلا
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الحسن و قتادة قالا في قوله تعالى فلا تعضلوهن نزلت في معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها فذكر القصة بنحوه
وأخرجه البخاري و الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن معقل باختصار و أرسله قتادة مرة أخرى وأفاد الطبري من طريق ابن جريج أن اسم أخت معقل جمل
ومن طريق الثوري عن أبي إسحاق السبيعي هي فاطمة بنت يسار
وأخرج الفريابي و عبد بن حميد من طريق مجاهد هذه القصة مختصرة مرسلة
وأخرج الفريابي أيضا عن قيس بن الربيع عن خصيف عن مجاهد و عكرمة قالا في هذه الآية كان الرجل يطلق امرأته فيندم و تندم حتى يحب أن ترجع إليه و تحب هي ذلك فيأنف الولي فقال الله عز و جل فلا تعضلوهن الآية
وأخرج عبد بن حميد من طريق عبيدة بن معتب نحو هذا و فيه فيقول أولياؤها و الله لا ترجعين أبدا إليه لقد استخف بحقنا بطلاقك فنزلت و أخرج
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق أسباط بن عمرو عن السدي عن رجاله قال نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري كانت له بنت عم فطلقها زوجها تطليقة فانقضت عدتها ثم رجع يريد خطبتها فأبى جابر و قال طلقت بنت عمنا و تريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيته فنزلت هذه الآية
144 - قوله ز تعالى و الذين يتوفون 207 منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا 234
قال عبد بن حميد نا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في
هذه الآية قال كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجب ذلك عليها فأنزل الله الآية التي بعد والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول الآية قال جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر و عشرين يوما وصية إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت فالعدة كما هي واجبة عليها قال و قال عطااء عن ابن عباس نسخت هذه الآية عدتها تعتد حيث شاءت قال عطاء ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت و لا سكنى لها
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله يعني و لا ترث ثم أنزل الله تعالى بعد والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا فهذه عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها و أنزل ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد الآية بين الله ميراث المرأة و تركت الوصية لها و النفقة عليها
ومن طريق ابن جريج عن عطاء وهو الخراساني عن ابن عباس نحوه
ومن طريق قتادة كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كانت لها السكنى و النفقة حولا من مال زوجها ما لم تخرج ثم نسخ ذلك بعد يعني بقوله تعالى هذه الآية وكذا جاء عن جماعة من التابعين و ستأتي بقية القول فيه في الآية الأخرى
ونقل ابن ظفر عن و ابن عباس كان الرجل إذا مات و ترك امرأته اعتدت في بيته سنة ينفق عليها من ماله ثم نزل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا الآية فصارت هي عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملا
145 - قوله ز تعالى ولا جناح 208 عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء 235
قال عبد بن حميد عن يونس عن شيبان عن قتادة كان الرجل يأخذ عهد المرأة في مرضه أن لا تنكح زوجا غيره فنهى الله عن ذلك وأحل القول بالمعروف
وقال ابن ظفر قيل كان السبب في نزولها أن الفاجر كان يدخل على المعتدة فتظهر له شدة الرغبة في التزويج فيطالبها بتعجيل الوقاع
قلت وهو موافق لمن فسر السر هنا بالزنا و قد نقلوه عن أكثر العلماء
وقال الشعبي هو أن يأخذ ميثاقها على أن لا تتزوج غيره ففسر المواعدة
بالمعاهدة و السر بالتزويج
146 - قوله ز تعالى و متعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين 236
قال ابن ظفر إن هذه الآية لما نزلت قال قائل إن أردنا الإحسان متعناهن فنزل حقا على المتقين فقالوا حينئذ كلنا نتقي الله أو نحوه
قلت و سيأتي من أخرجه في الآية الأخرى من عند الطبري
وقال مجاهد نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة و لم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فقال له النبي أطلقتها قال نعم إني لم أجد نفقة قال متعها بقلنسوتك أما إنها لا تساوي شيئا و لكن أردت أن أحيي سنة
147 - قوله ز تعالى حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى 238
أخرج الطبري من طريق شعبة أخبرني عمرو بن أبي حكيم سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت كان رسول الله يصلي الظهر
بالهاجرة و لم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها قال فنزلت 209 حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى قال و قال إن قبلها صلاتين و بعدها صلاتين يعني ليليتين و نهاريتين ومن طريق ابن أبي ذئب عن الزبرقان إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى فقال زيد هي الظهر فقام رجلان منهما فلقيا أسامة بن زيد فسألاه فقال هي الظهر إن رسول الله كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف و الصفان الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم فقال رسول الله لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم فنزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وعلى الصلاة الوسطى
قلت و قد اختلف في تعيين الوسطى على أقوال كثيرة أصحها أنها العصر و جمع الحافظ شرف الدين الدمياطي فيها كتابا اتصلت روايته و ليس هذا محل بسط ذلك
148 - قوله تعالى وقوموا لله قانتين 238
أخرج الشيخان في صحيحهما و آخرون عن زيد بن أرقم كان أحدنا يكلم صاحبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت و نهينا عن الكلام
وأخرج النسائي و الطبري من طريق كلثوم بن المصطلق عن ابن مسعود قال
إن النبي كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة فأتيته ذات يوم
فسلمت فلم يرد علي وقال إن الله يحدث في أمره ما يشاء و إنه قد أحدث أن لا يتكلم في الصلاة أحد إلا بذكر الله و ما ينبغي من تسبيح و تحميد وقوموا لله قانتين
ومن طريق زر بن حبيش عن ابن مسعود و له طرق عند الطبري منها طريق السدي في خبر ذكره عن مرة عن ابن مسعود كنا نقوم في الصلاة و نتكلم و يسأل الرجل صاحبه عن حاجته و يخبره و يرد عليه حتى دخلت فسلمت فلم يردوا علي فاشتد علي فلما قضى النبي صلاته قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة و القنوت السكوت وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن ابن مسعود
وأخرج الفريابي عن الثوري عن منصور عن مجاهد كانوا يتكلمون في الصلاة يكلم الرجل بحاجته حتى نزلت وقوموا لله قانتين فقطعوا الكلام و القنوت السكوت و القنوت الطاعة
وأخرجه عبد بن حميد من رواية الثوري ومن طريق أبي معشر عن محمد ابن كعب قال كان أصحاب رسول الله يتكلمون في الصلاة إذا أرادوا الحاجة كما يتكلم اليهود حتى نزلت حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و قوموا لله قانتين قال فتركوا الكلام
149 - قوله تعالى والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية 240
أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق مقاتل بن حيان في قوله تعالى والذين يتوفون منكم الآية إن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة و له أولاد رجال و نساء و معه أبوان و امرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي فأعطى الوالدين و أعطى أولاده بالمعروف و لم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول
وقال مقاتل 211 بن سليمان في تفسيره عن حكيم بن الأشرف فذكر نحوه وزاد في آخره و ذلك قبل أن تنزل آية المواريث ثم نزلت والذين يتوفون منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا و نزلت آية المواريث فجعل للمرأة الثمن أو الربع و كان ميراثها قبل ذلك نفقة سنة و قد تقدم في قوله تعالى
والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا نحو هذا عن ابن عباس و هذه الآية التي هنا سابقة في النزول و التي هناك سابقة في رسم المصحف و قد قال عثمان لعبد الله بن الزبير لما سأله عن ذلك يا ابن أخي لا أغير شيئا منه مكانه يعني بقاء رسمها بعد التي نسختها
150 - قوله ز تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين تقدم في الآية التي قبلها التي في آخرها حقا على المحسنين 241
قال الطبري حدثني يونس أنا ابن وهب قال قال ابن زيد بن أسلم لما نزلت ومتعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين قال رجل إن أحسنت فعلت فقال الله عز و جل وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين
وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير بسند صحيح قال لكل مطلقة
متاع بالمعروف قال الطبري في الأولى حكم عير الممسوسة إذا طلقت و في هذه بيان حكم جميع المطلقات
151 - قوله ز تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة 245
1 - قال مقاتل بن سليمان نزلت في أبي الدحداح و اسمه عمر
وذلك أن النبي قال من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة فقال أبو الدحداح إن تصدقت بحديقتي فلي مثلها 212 في الجنة قال نعم قال و أم الدحداح معي قال نعم قال و الصبية قال نعم و كان له حديقتان فتصدق بأفضلهما واسمها الجنينة فضاعف الله صدقته ألفي ألف ضعف فذلك قوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثير فرجع أبو الدحداح إلى حديقته فوجد أم الدحداح و الصبية في الحديقة التي جعلها صدقة فقام على باب الحديقة و تحرج أن يدخلها قال يا أم الدحداح قالت لبيك يا أبا الدحداح قال إني قد جعلت حديقتي هذه صدقة و اشترطت مثلها في الجنة و أم الدحداح معي و الصبية معي فقالت بارك الله في ما اشتريت فخرجوا منها و سلم الحديقة
للنبي فقال النبي صلى الله عليه و سلم كم من نخلة تدلي عذوقها في الجنة لأبي الدحداح لو اجتمع على عذق فيها أهل منى أن يقلوه ما أقلوه
وأصح من ذلك ما وقع في حديث ابن مسعود بعكس ذلك وهو أن الآية سبب لتصدق أبي الدحداح بذلك فأخرج الطبري و ابن أبي حاتم و الطبراني
من طريق خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله ابن مسعود قال لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال أبو الدحداح يا رسول الله أو إن الله يريد منا القرض قال نعم يا أبا الدحداح قال يدك قال فتناول يده قال فإني قد أقرضت ربي حائطي حائطا فيه ستمائة نخلة ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط و أم الدحداح فيه في نخلها فناداها يا أم الدحداح 213 قالت لبيك قال اخرجي فإني قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمائة نخلة
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن ابيه نحوه
ولأبي الدحداح قصة أخرى رواها الواحدي بسند صحيح على شرط مسلم لكن لا تتعلق بسبب النزول
2 - قول آخر قال ابن حبان في النوع الثاني من القسم الأول من
صحيحه أخبرنا حاجب بن أركين نا أبو عمر الدوري حفص بن عمر نا أبو إسماعيل المؤدب عن عيسى بن المسيب عن نافع عن ابن عمر قال لما نزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل الآية قال رسول الله رب زد امتي فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية فقال رب زد أمتي فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
وأخرج الطبراني في الأوسط حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي نا حفص ابن عمر به و قال لم يروه عن نافع إلا عيسى بن المسيب و لا عنه إلا أبو إسماعيل المؤدب تفرد به حفص كذا قال و لم ينفرد به حفص لمتابعة إسماعيل بن إبراهيم ابن بسام عن أبي إسماعيل أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة عن إسماعيل
وأخرجه الخطيب في المؤتلف من طريق الحسن بن علي بن يسار العلاف عن حفص
و لم ينفرد به أبو إسماعيل فقد أخرجه أبو بكر بن مردويه من وجه آخر عن عيسى فظهر ان المنفرد به عيسى وهو ضعيف عند اهل الحديث حتى أن ابن حبان ذكره في الضعفاء و لكن له شاهد من رواية ابن المنذر عن سفيان و لفظه 214 لما نزلت من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال النبي رب زد أمتي فنزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل الآية فقال رب زد أمتي فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية فقال ربي زد أمتي فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
و على تقدير أن يكون محفوظا فتضم هذه الآية إلى الآيات التي وقعت في
ترتيب السور متقدمة على سبب نزول المتأخرة كما جاء في قوله تعالى و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا فإنها في النزول متأخرة عن الآية الاخرى و هي و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج وهذه الثانية في ترتيب سورة البقرة متأخرة عن الاخرى و قد تقدم الكلام عليهما بما يدل لما قلته
152 - قوله ز تعالى و لو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد 253
أخرج ابن عساكر في ترجمة معاوية من تاريخ دمشق بسند فيه راو ضعيف جدا قال قال النبي لمعاوية أتحب عليا قال نعم قال إنه سيكون بينكما قتال قال فما بعده قال عفو الله قال رضيت بقضاء الله قال فنزلت ولو شاء الله ما اقتتلوا و لكن يفعل الله ما يريد انتهى و فيه نكارة من أن سياق
الآيات ظاهر أن الضمير لمن في قوله قبلها و لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات و لكن اختلفوا و المراد بهم ما صرح به في الآية المذكورة فمنهم من آمن و منهم من كفر
153 - قوله ز تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم 255
215 - أخرج ابن أبي حاتم و أبو نعيم في الحلية في ترجمة سعيد بن جبير من طريق أشعث القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد قال قالت بنو إسرائيل لموسى هل ينام ربك فقال موسى اتقوا الله فقالوا أيصلي ربك قال اتقوا الله فقالوا هل يصبغ ربك قال اتقوا الله قال فأوحى الله إليه أن بني إسرائيل سألوك أينام ربك فخذ زجاجتين فضعهما على كفيك ثم قم الليل قال ففعل موسى ذلك فلما ذهب من الليل الثلث نعس موسى فوقع لركبته ثم ضبطهما فقام فلما أدبر الليل نعس أيضا فوقع لركبته فسقطت الزجاجتان فانكسرتا فأوحى الله لو كنت أنام لسقطت السماوات على الأرض و لهلك كل شيء
كما هلك هاتان قال أشعث و فيه نزلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم الحديث
154 - قوله ز تعالى من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه 255
قال الثعلبي قال المفسرون سبب نزولها ان الكفار كانوا يعبدون الأصنام و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فأنزل الله لاإله إلا هو الحي القيوم إلى آخرها فبين الله أن لا شفاعة إلا لمن أذن له هذا يصلح في هذا الكتاب و أما الذي قبله فليس هو سبب نزولها على النبي و إنما هو سبب محصل ما اشتملت عليه على موسى
وقد ذكر الواحدي نظائر لذلك و ليس من شرطه و سيأتي بعض ذلك قريبا
155 - قوله تعالى لا إكراه في الدين الآية 256
1 - أخرج أبو داود و النسائي و الطبري و أحمد و صححه ابن
حبان من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى لا إكراه في الدين كانت المرأة من الانصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد 216 لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار فقالت الأنصار يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله تعالى لا إكراه في الدين قال سعيد بن جبير فمن شاء دخل في الإسلام و من شاء لحق بهم
و أخرجه الطبري من طريق أبي عوانة عن أبي بشر سألت سعيد بن جبير عن قوله لا إكراه في الدين قال نزلت في الانصار قلت خاصة فذكره و قال في آخره قالوا يا رسول الله أبناؤنا و إخواننا فيهم فسكت عنهم فأنزل الله الآية فيهم فقال قد خير أصحابكم فإن اختاروهم فهم منهم قال فأجلوهم معهم
طريق أخرى أخرج الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عامر الشعبي كانت المرأة من الانصار نحوه إلى قوله لتهودنه فجاء الإسلام و طوائف من أبناء
الأنصار على دينهم فقالوا إنما جعلناهم على دينهم و نحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا فإذا جاء الله بالإسلام فلنكرهنهم فنزلت لا إكراه في الدين فكان فصل ما بين من اختار اليهودية و الإسلام فمن لحق بهم اختار اليهودية و من أقام اختار الإسلام
و في لفظ له من هذا الوجه فكان فصل ما بينهم إجلاء رسول الله بني النضير فلحق بهم من لم يسلم و بقي من أسلم وفي رواية له أيضا لحق بخيبر
2 - قول آخر أخرج الطبري و إسماعيل القاضي في أحكام القرآن و أبو
داود في الناسخ و المنسوخ من طريق أسباط عن السدي في هذه الآية قال نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين كان له ابنان فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما باعوا و أرادوا 217 أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا و ذهبا معهم إلى الشام فأتى أبوهما رسول الله فقال يا رسول الله أن ابني تنصرا و خرجا أما أطلبهما فقال لا إكراه في الدين و لم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب فقال أبعدهما الله هما أذل من كفر فوجد أبو الحصين في نفسه فأنزل الله فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم إلى قوله تسليما ثم نسخ لا إكراه في الدين فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة
طريق أخرى قال عبد بن حميد نا روح بن عبادة عن موسى بن عبيدة أخبرني عبد الله بن عبيدة أن رجلا من أصحاب رسول الله من بني سالم بن عون كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي فقدما المدينة في نفر منهم يحملون
الطعام فرآهما أبوهما فالتزمهما و قال و الله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي بعد أن قدما المدينة فقال يا رسول الله أيدخل بعضي النار و أنا أنظر فأنزل الله تعالى لا إكراه في الدين
طريق أخرى قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير في قوله لا إكراه في الدين نزلت في رجل من بني سالم بن عوف من الأنصار يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان و كان هو مسلما فذكر نحورواية السدي
3 - قول آخر أخرج الطبري و عبد بن حميد من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان اليهود أرضعوا رجالا من الأوس فلما أمر النبي بإجلائهم قال أبناؤهم من الأوس لنذهبن معهم و لندينن بدينهم فمنعهم أهلوهم و أكرهوهم على الإسلام ففيهم نزلت هذه الآية لا إكراه في الدين
ومن رواية لعبد من هذا الوجه كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة
و في رواية الفريابي من بني النضير و في أخرى عند الواحدي قريظة
و النضير
و أخرج الطبرسي من طريق أخرى عن ابن ابي نجيح عن مجاهد و عن وائل عن الحسن أن اناسا من الانصا ر ارتضعوا في بني النضير
4 - و أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس نزلت لا إكراه في الدين لما دخل الناس في الدين و أعطى أهل الكتاب الجزية
و قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانت العرب لا دين لهم فأكرهوا بالسيف و لا يكره اليهود و لا النصارى و لا المجوس إذا أعطوا الجزية
و نقل الثعلبي عن قتادة عن الضحاك و عطاء و أبي روق إن معنى الآية أن العرب كانت أمة واحدة أمية ليس لهم دين و لا كتاب فلم يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف فلما أسلموا طوعا أو كرها أمر الله أن يقاتل أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية فمن أدى الجزية لم يكره على الإسلام
و عن مقاتل بن سليمان كان النبي لا يقبل الجزية إلا من اهل الكتاب فلما دخل العرب في الدين قبل الجزية من المجوس قال منافقوا أهل المدينة زعم محمد أنه لا يقبل الجزية إلا من اهل الكتاب فما بال المجوس فذكر ذلك للنبي فأنزل
الله تعالى 219 لا إكراه في الدين يعني بعد إسلام العرب
156 - قوله ز تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور الآية 257
أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر عن عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد أو مقسم في هذه الآية قال
كان قوم آمنوا بعيسى و قوم كفروا به فلما بعث الله محمدا آمن به الذين كفروا بعيسى و كفر به الذين آمنوا بعيسى فقال الله تعالى الله و لي الذين آمنوا الآية
هذه رواية بهز و أخرجه من رواية معتمر عن منصور عن رجل عن عبدة بن أبي لبابة قال في هذه الآية الله ولي الذين آمنوا كان أناس آمنوا بعيسى لما جاءهم محمد آمنوا به فأنزلت فيهم
و نقله الثعلبي عن ابن عباس بلفظ هم قوم كفروا بعيسى ثم آمنوا بمحمد فأخرجهم الله من كفرهم بعيسى إلى الإيمان بمحمد المصطفى في الأنبياء
157 - قوله ز تعالى و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات 257
قال المقاتلان هم اليهود كانوا آمنوا بمحمد قبل أن يبعث لما يجدونه في كتبهم من نعته أي صفته فلما بعث كفروا به
158 - قوله تعالى و إذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى الآية 260
ذكر الواحدي ما أورده أئمة التفسير في ذلك عن ابن عباس و الحسن بن عكرمة و قتادة و عطاء الخراساني و الضحاك و ابن جريج و ابن إسحاق في كتاب المبتدأ و هذا ليس من أسباب النزول التي يكثر السؤال عنها و يبني عليها الأحكام أهل الكلام حيث يكون الحكم عاما أو يختص بها من نزلت بسببه و إنما هو من ذكر أسباب ما وقع 220 في الأمم الماضية و قد أخل بالكثير من هذا أوله القصة التي قبل هذه في الذي أنزلت فيه أو كالذي مر على قرية و قد استدركت كثيرا مما فاته من ذلك من غير استيعاب بخلاف ما هو صريح في سبب نزول الآية المخصوصة فإنني استوعبته بحسب الطاقة و الكثير منه مما استدركته عليه
وهو في تسمية الذين قال أنه نقل عنهم هذه القصة تابع للثعلبي فإنه نسب ذلك ذهولا ومراده أن الرواية عنهم على سبيل التوزيع عليهم وقد نبهت على الأول حيث وقع غالبا
ومحصل القول في السبب الذي حمل إبراهيم عليه السلام على السؤال خمسة أقوال
1 - أحدها أنه تيقن لكنه بالمشاهدة أراد أن يزداد يقينا
وأخرج عبد بن حميد بن سلم بن قتيبة عن أبي هلال و عن روح عن عوف و اللفظ له كلاهما عن الحسن قال إن كان إبراهيم عليه السلام لموقنا بأن الله يحيى الموتى و لكن لا يكون الخبر عند ابن آدم كالعيان و إن الله أمره أن يأخذ أربعة من الطير إلى آخره
الثاني أن إبليس أراد ان يشككه ففزع إلى سؤال ربه
فأخرج أبو الشيخ في التفسير من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان نا أبي قال كنت جالسا مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة إن الذين يغرقون في البحر تتقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون به فتخمد تلك النار فتجيء الريح فتسقي ذلك الرماد عن الأرض فإذا جاءت 221 النفخة خرج أولئك و أهل القبور سواء أورده الواحدي عقب رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم التي أخرجها الطبري قال مر إبراهيم عليه السلام
بحوت ميت نصفه في البر و نصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله و ما كان في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال يا رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن الآية
الثالث أن إبراهيم عليه السلام أتى على دابة توزعتها السباع و الدواب فقال رب أرني كيف تحيي الموتى
أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة و من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال مر إبراهيم على دابة ميت قد بلي و تقسمته السباع و الرياح فقام ينظر فقال سبحان الله كيف يحيى الله هذا و قد علم أن الله قادر على ذلك فأراد أن يشاهد الكيفية
و أما ابن جريج فأخرج الطبري من تفسير سنيد عن حجاج عنه قال بلغني أن إبراهيم بينما هو يسير إذا هو بجيفة حمار فذكر نحوه وفيه فعجب ثم قال رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع رب أرني و في آخره قال بلى و لكن ليس الخبر كالمعاينة و هذا يمكن أن يرجع إلى الذي قبله
و ذكره مقاتل بمعناه لكن في آخره ليسكن قلبي بأنك أريتني الذي أردت
السبب الرابع أورده الطبري من طريق محمد بن إسحاق قال لما جرى بين إبراهيم و بين قومه ما جرى و خرج من النار قال له نمرود أرأيت إلهك هذا الذي تدعو إلى عبادته ما بلغ من قدرته قال ربي الذي يحيي و يميت قال أنا أحيي و أميت فذكر ما قص الله تعالى فقال إبراهيم 222 عند ذلك رب أرني كيف تحيي الموتى إلى قوله ليطمئن قلبي عن غير شك في قدرة الله و لكنه أحب أن يعلم ذلك و تاق إليه قلبه هكذا سياق الطبري بسنده و ذكره الواحدي عن ابن إسحاق بلفظ إن إبراهيم لما احتج على نمرود قتل نمرود رجلا و أطلق رجلا ثم قال قد أمت و أحييت فقال له إبراهيم فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود هل عاينت هذا الذي تقوله فلم يقدر أن يقول نعم فانطلق إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الإحتجاج و يخبر عن مشاهدة
وهذا أخرجه الطبري أيضا و فيه أن نمرود لما قال أنا أحيي و أميت قال له إبراهيم كيف تحيي و تميت قال آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته و أعفو عن الآخر فأكون قد أحييته فقال له إبراهيم عند ذلك فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فائت بها من المغرب فبهت عند ذلك نمرود
ووقعت عليه الحجة
السبب الخامس أخرجه الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له فيبشر إبراهيم عليه السلام بذلك فأذن له فأتى إبراهيم و ليس في البيت فدخل داره و كان إبراهيم أغير الناس إذا خرج أغلق الباب فلما جاء فوجد في داره رجلا ثار إليه ليأخذه و قال له من أذن لك أن تدخل داري فقال ملك الموت أذن لي رب هذه الدار فقال إبراهيم صدقت و عرف انه ملك الموت قال من أنت قال أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلا فحمد الله 223 قصة في سؤاله ملك الموت أن يريه صورته حين يقبض الكافر و في حين يقبض المؤمن قال و قام إبراهيم يدعو ربه يقول رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك قال أو لم تؤمن أي تصدق بأني خليلك قال بلى و لكن ليطمئن قلبي بخلولتك
ثم أخرج من طريق عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال ليطمئن قلبي بالخلة ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن
عباس في قوله ولكن ليطمئن قلبي أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك و تعطيني إذا سألتك
قلت و هذا يمكن أن يرد إلى الخلة لأن ذلك من شأن الخليل و يجوز أن يكون سببا آخر و يؤخذ من هذين الأمرين أن ابن عباس حمل السؤال على الكيفية لا على أصل إحياء الموتى لأنه كان يتيقن أن الله يحيى الموتى فسأله أن يريه الكيفية و على هذا فقوله في الحديث المخرج في الصحيح نحن أولى بالشك من إبراهيم معناه أنه ليس في القصة ما يقتضي أنه حصل عنده شك في القدرة و إنما أراد الإستظهار على من ينكرها إذا شاهد كيفيتها فأخبر عن معاينة و تقدير الخبر نحن أحق بالشك من إبراهيم أن لو شك و منهم من قال المراد بقوله نحن خطاب من خطابهم و التقدير أنتم و إنما عبر بنحن تأنيسا لهم بإيهام دخوله معهم
159 - قوله تعالى الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله الآية 262
قال الثعلبي قال الكلبي نزلت في عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف أما عبد الرحمن بن عوف فإنه جاء إلى النبي بأربعة آلاف درهم 224 و أربعة آلاف أقرضها ربي فقال له رسول الله بارك الله لك فيما أمسكت و فيما أعطيت و أما عثمان فقال علي جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك فجهز المسلمين
بألف بعير بأقتابها و أحلاسها و تصدق برومة ركية كانت له على المسلمين فنزلت فيهما هذه الآية
و قال مقاتل بمعناه مختصرا
و قال ابن ظفر نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و علي و عبد الرحمن أما أبو بكر فأنفق جميع ماله و أما الباقون فأنفق نصف ما عنده و كذا ابن عوف وأما عثمان فاشترى بئر رومة و جهز جيش العسرة و أما علي فباع حائطا له باثني عشر ألفا فتصدق بجميعها و أصبح يوما و ليس عنده سوى أربعة دراهم فتصدق بها و كان كثير الإيثار على نفسه و قال أبو سعيد الخدري رأيت رسول الله رافعا يديه يدعو لعثمان بن عفان و يقول يا رب عثمان بن عفان رضيت عنه فارض عنه فما زال رافعا يده حتى طلع الفجر فأنزل الله عز و جل فيه
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله الآية
160 - قوله تعالى و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون الآية 267
قال عبد بن حميد أنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي مالك عن البراء قال نزلت فينا هذه الآية كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرة نخله وقلته فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام إذا جاع أحدهم أتى القنو فضربه فيسقط من البسر و التمر ما يأكله و كان أناس ممن لا يرغب في الخير يجيء أحدهم بالقنو فيه الحشف 225 و بالقنو فيه الشيص وبالقنو وقد انكسر فيعلقه قال فنزلت يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من الأرض و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون
وهكذا أخرجه الترمذي و ابن أبي حاتم من رواية عبيد الله بن موسى
وأخرجه ا الروياني و الحاكم في المستدرك من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء نحوه و لفظه نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا عند جذاذ النخل من حيطانها يخرجون أفناء من التمر و البسر فيعلقونها على حبل بين أسطوانتين في المسجد فيأكل منه فقراء المهاجرين الحديث فنزلت
و أخرج الحاكم من طريق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن جابر
قال امر النبي بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزلت
و أخرجه الفريابي و عبد بن حميد عن قبيصة عن الثوري به عن جعفر عن ابيه مرسلا لم يذكر جابر وزاد فيه فقال رسول الله لا يجزين هذا التمر فنزلت و أمر النبي الذي يخرص التمر أن لا يجيزه
و أخرج عبد بن حميد و النسائي من طريق أبي أمامة بن سهل كان المنافقون يتلومون شرار ثمرهم الصدقة فنزلت
و أخرجه ابن أبي حاتم موصولا من طريق أبي الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري عن أبي امامة عن أبيه
وذكره أبو داود عن أبي الوليد مختصرا
و أخرج الفريابي و عبد بن حميد من طريق مجاهد نحوه و عبد من طريق قتادة ذكر لنا أن الرجل كان يكون له حائطان على عهد نبي الله فينظر إلى أردئهما تمرا فيتصدق 226 به و يخلط به الحشف فعاب الله ذلك عليهم و تلا هذه الآية و عن يعلى بن عبيد عن جويبر عن الضحاك كان ناس من المنافقين يجيئون بصدقاتهم بأردىء ما عندهم من التمر فأنزل الله تعالى و لا يتمموا الخبيث ومن طريق الحسن نحوه
و أخرجه الثعلبي من طريق محمد بن مروان السدي الصغير في روايته عن الكلبي عن باذان عن ابن عباس أن رسول الله قال لهم إن لله في أموالكم حقا فإذا بلغ حق الله فأعطوا منه فكانوا يأتون أهل الصدقة بصدقاتهم و يضعونها في المسجد فإذا اجتمعت قسمها رسول الله فجاء رجل بعد ما رق أهل المسجد و تفرق عامتهم بعذق حشف فوضعه في أهل الصدقة فخرج رسول الله فأبصره فقال من جاء بهذا قالوا لا ندري فقال بئس ما صنع صاحب هذا و أمر به فعلق فكل من رآه من الناس يقول بئس ما صنع صاحب هذا الحشف فأنزل الله هذه الآية قلت و ذكره مقاتل بن سليمان بمعناه لكن قال في أوله إن النبي أمر
بالصدقة قبل أن تنزل آية الصدقات
محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري أن رجلا من قومه أتى بصدقته يحملها إلى النبي أنواع من التمر من الجعرور و نحوه مما لا خير فيه من التمر فردها رسول الله و أنزل الله تعالى هذه الآية
161 - قوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي و إن تخفوها و تؤتوها الفقراء فهو خير لكم الآية 271
1 - قال الواحدي قال 227 ابن الكلبي لما نزل قوله تعالى وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه قالوا يا رسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية فأنزل إن تبدوا الصدقات الآية
و ذكره الثعلبي بغير إسناد
2 - قول ز آخر أخرج ابن أبي حاتم نا أبي نا الحسين بن زياد مؤدب محارب نا موسى بن عمير عن الشعبي في قوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي الآية قال أنزلت في أبي بكر و عمر أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه للنبي
وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد يخفيه من نفسه حتى دفعه للنبي وقصة إتيان أبي بكر و عمر بالمال وردت من طريق موصولة و لكن ليس فيها ذكر نزول الآية أخرجها أبو داود و صححها الترمذي و الحاكم من رواية زيد ين أسلم عن أبيه عن عمر به
162 - قوله تعالى ليس عليك هداهم و لكن الله يهدي من يشاء الآية 272
1 - قال الفريابي في تفسيره نا سفيان عن الاعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانوايكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فرخص لهم فنزلت هذه الآية ليس عليك هداهم إلى قوله وأنتم لا تظلمون
واخرجه النسائي و الطبراني من طريق الفريابي و كذا هو في تفسير الثوري رواية أبي حذيفة
و أخرجه عبد بن حميد عن أبي داود عمر بن سعد الحفري عن سفيان وأخرجه الطبري من طريق الحفري موصولا أيضا
ومن طريق أبي أحمد الزبيري و عبد الله بن المبارك عن سفيان كذلك و لفظ رواية ابن المبارك كان أناس من الانصار لهم 228 أنسباء و قرابة من قريظة و النضير و كانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم و يريدون أن يسلموا فنزلت ليس عليك هداهم الآية
وأخرج الثعلبي من تفسير الكلبي نحوه و زاد فأعطوهم بعد نزولها
ورواه أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير مرسلا و خالف في سياقه و لفظه قال رسول الله لا تصدقوا إلا على أهل دينكم فنزل قوله تعالى ليس عليك هداهم فقال رسول الله تصدقوا على أهل الأديان
أخرجه هكذا إسحاق في تفسيره عن جرير عنه
وأخرجه الواحدي من طريق سهل بن عثمان عن جرير
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الدشتكي عن أشعث فوصله بذكر ابن عباس و لفظه كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية فأمرنا بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين
و أخرجه الطبري من طريق يحيى بن يمان عن أشعث مرسلا بلفظ كان النبي لا يتصدق على المشركين فنزلت فتصدق عليهم
و ذكره الثعلبي عن سعيد بن جبير بغير إسناد و لفظه كانوا يتصدقون على
فقراء أهل الذمة فلما كثر فقراء المسلمين قال رسول الله فذكر نحو الدشتكي وزاد فمنعوهم ليدخلوا في الإسلام
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق يزيد بن أبي حبيب المصري إنما نزلت هذه الآية وما تنفقوا من خير يوف إليكم في النفقة على اليهود و النصارى فكأنه يشير إلى هذا التفسير المذكور عن سعيد بن جبير و عن ابن الكلبي
طريق آخر أخرج عبد بن حميد و الطبري من طريق سعيد عن قتادة 229 ذكر لنا أن ناسا من أصحاب رسول الله قالوا أنتصدق على من ليس من أهل ديننا قال قتادة فأنزل الله ليس عليك هداهم الآية
طريق آخر و أخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه و بين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج فلا يتصدق عليه يقول ليس من أهل ديني فأنزل الله عز و جل ليس عليك هداهم الآية
طريق آخر أخرج الواحدي من طريق سهل بن عثمان العسكري عن ابن نمير عن حجاج عن سالم المكي عن ابن الحنفية كان المسلمون يكرهون أن يتصدقوا على فقراء المشركين حتى نزلت هذه الآية فأمروا أن يتصدقوا عليهم
قول آخر أخرج الثعلبي من تفسير ابن الكلبي قال اعتمر رسول الله عمرة القضاء و كانت معه في تلك العمرة أسماء بنت أبي بكر فجاءتها أمها قتيلة وجدتها يعني لأمها تسألانها و هما مشركتان فقالت لا أعطيكما شيئا حتى أستأمر رسول الله فإنكما لستما على ديني فاستأمرته في ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله بعد نزول هذه الآية أن تتصدق عليهما فأعطتهما انتهى
و قال مقاتل بن سليمان نزلت في أسماء بنت أبي بكر سألت النبي عن صلة جدها أبي قحافة فنزلت
قلت وهذا متوجه إن كان ما نقله ابن الكلبي ثابتا فإنه حينئذ يحتمل أن تكون أسماء سألت عن حكم صلة جدها أبي قحافة بعد أن دخلت مكة في العمرة 230 المذكورة و المحفوظ لأسماء أن أمها قدمت عليها المدينة تسألها كما سيأتي بيانه في تفسير سورة الممتحنة
وقال ابن ظفر قيل إن عبد الرحمن بن أبي بكر كان مشركا بمكة فكتب إلى أبيه يستوصله فكره أن يصله بشيء لشركه و إن أسماء بنت أبي بكر قدمت عليها امها قتيلة مشركة تستوصلها فحجبتها و منعتها فنزلت الآية إذنا في الصدقة على الكفار
قلت و قصة أسماء أشرت إليها وأما عبد الرحمن فما عرفت سلفه فيه
163 - قوله ز تعالى للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله الآية 273
قال مقاتل هم اهل الصفة منهم أبو هريرة و ابن مسعود و الموالي أربعمئة رجل لا أموال لهم بالمدينة فإن كان الليل أووا إلى الصفة فأمر الله بالنفقة عليهم
و قال ابن ظفر قال ابن عباس نزلت في الفقراء أهل الصفة مهاجرة الأعراب
وقال الثعلبي كانوا نحوا من أربعمئة رجل لا مساكن لهم بالمدينة ولا عشائر أووا إلى صفة المسجد فيجيئون السوق بالنهار و يتعلمون القرآن بالليل و قالوا نخرج في كل سرية فحض الله الناس على فكان الرجل إذا كان عنده فضل أتاهم به
وذكره ابن ظفر عن ابن عباس بنحوه وزاد في آخره حين يمسي
164 - قوله تعالى الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار سرا و علانية 274
1 - قال مقاتل نزلت في علي بن أبي طالب لم يملك غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا و بدرهم نهارا وبدرهم سرا و بدرهم علانية فقال له النبي ما حملك على ذلك قال حملني عليه طلب ما وعد الله فقال لك ذلك فأنزل الله الذين ينفقون أموالهم 231 بالليل و النهار سراو علانية
و نقل الواحدي هذا بعينه عن الكلبي و قد رويناه موصولا من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في الطبراني
و أسند ابن مردويه و الثعلبي من طريق أيوب عن مجاهد عن ابن عباس كان عند علي فذكره إلى قوله علانية
و قد أخرجه الطبري و ابن أبي حاتم من طريق عبد الوهاب بن مجاهد
عن أبيه كان لعلي أربعة دراهم فذكره و عبد الوهاب ضعيف
و قد أخرجه عبد الرزاق عنه فوصله بذكر ابن عباس فيه وأخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق بذلك و ينظر في رجال سنده و ذكر بقيته الكلبي في تفسيره
2 - قول آخر أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و الواحدي من طريق ابن مهدي عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده عن النبي
نزلت هذه الآية الذين ينفقون اموالهم بالليل و النهار الآية في أصحاب الخيل
و أخرجه عبد بن حميد من طريق قيس بن حجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس قال على الخيل في سبيل الله و أخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه بلفظ الذين يعلفون الخيل في سبيل الله وأخرج الطبري من طريق العجلان بن سهيل عن أبي أمامة في تفسير هذه الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار الآية نزلت في أصحاب الخيل فيمن لم يرتبطها لخيلاء ولا مضمار
ومن طريق الأوزاعي مثله من قوله
165 - قوله ز تعالى قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع و حرم الربا الآية 275
أخرج والطبري من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول لك كذا و كذا و تؤخر عني
ومن طريق سعيد 232 عن قتادة إن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل إلى أجل مسمى فإذا حل الأجل و لم يكن عند صاحبه قضاء زاد وأخر عنه
وقال الثعلبي كان أهل الجاهلية إذا حل مال أحدهم على غريمه فطالبه يقول زدني في الأجل و أزيدك في مالك فيفعلان ذاك و يقولان سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند محل المال لأجل التأخير فأكذبهم الله فقال و أحل الله البيع و حرم الربا
وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير نحوه
وأخرج الطبري من طريق ليث عن مجاهد كانوا إذا حل دين بعضهم فلم يجد ما يعطي زاده و أخره فنهوا عن ذلك
166 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي نزلت هذه الآية في العباس بن
عبد المطلب و رجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية فيسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني عميرة وهو بنو عمرو بن عمير فجاء الإسلام و لهما أموال عظيمة في الربا فنزلت
وأخرج الواحدي من طريق السدي أول هذا الخبر وسمى الرجل من بني المغيرة خالد بن الوليد بن المغيرة فذكره إلى قوله فجاء الإسلام فقال في سياقه و لهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله هذه الآية فقال النبي ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب
قلت وهذا الحديث الآخر ثابت في الصحيحين و غيرهما دون ما قبله من رواية جابر وغيره 233 في خطبة حجة الوداع
ومن طريق ابن جريج كانت ثقيف قد صالحت رسول الله على أنه لهم ربا على الناس فهو لهم وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل رسول الله على مكة عتاب بن أسيد و كانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام و لهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو بن عمير يطلبون رباهم فأبى بنو
المغيرة أن يعطوهم في الإسلام فرفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد فكتب عتاب بن أسيد إلى رسول الله فنزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إلى يظلمون فكتب رسول الله إلى عتاب فقال إن رضوا وإلا فأذنهم بحرب قال ابن جريج وذكر عكرمة أن بني عمرو بن عمير كانوا يأخذون الربا على بني المغيرة ويزعمون أنهم مسعود وعبد ياليل وحبيب و ربيعة بنو عمرو بن عمير فهم الذين كان لهم الربا فأسلم عبد ياليل و حبيب وربيعة ومسعود و هلال
قلت لم يتقدم لهلال ذكر في الإخوة الأربعة فيحتمل أن يكون أخاهم فعد خامسا و يحتمل أن لا يكون أخاهم بل كان ممن له ربا من ثقيف فأسلم و سلم الحكم
ووقع في الرواية إشكال لأن ظاهرها أن إسلام ثقيف ومصالحهم كان قبل فتح مكة و ليس كذلك و لعل معنى الكلام أن الفاء في قوله فلما كان فتح مكة معقبة لشي محذوف وإنما ذكر فتح مكة هنا لما وقع في القصة أنهم تحاكموا إلى عتاب 234 فبين سبب كونه حاكما ثم أكمل القصة
وقد ساق مقاتل بن سليمان في تفسيره سياقا واضحا فقال نزلت يعني يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا في أربعة إخوة من ثقيف فسماهم و نسبهم كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم فلما أظهر الله نبيه على الطائف اشترطت ثقيف فذكر الشرط واختصامهم إلى عتاب
فقال بنو المغيرة أجعلنا أشقى الناس بالربا وقد وضع عن الناس فقالت ثقيف إنا صالحنا على ذلك فكتب عتاب الحديث
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان نحوه وزاد كلهم أخوة وهم الطالبون و بنو المغيرة المطلوبون و ذكر سياق القصة التي ذكرها ابن جريج و فيه كتب لهم في الشرط ما كان لهم من ربا إلى آخره و زاد و لهم ما للمسلمين و عليهم ما عليهم فلما طلبوهم قالت بنو المغيرة و الله لا نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله فرفعوا شأنهم لمعاذ بن جبل و يقال عتاب بن أسيد و أحدهما عامل رسول الله على مكة فكتب بقصتهم فأنزل الله على نبيه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فكتب إلى معاذ بن جبل أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب
وأخرج أبو يعلى في مسنده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير فذكر القصة بطولها نحوه
وذكر ابن ظفر أن بعضهم ذهل فسمى ابن المغيرة الوليد وزيفه بأن الوليد ما مات 235 حتى سلبه الله المال الممدود
قلت وأقوى في الرد من ذلك أنه كان مات لأن أهل الطائف إنما أسلموا بعد فتح مكة لأن الوليد مات قبل ذلك بدهر طويل و النبي يومئذ بمكة
167 - قوله تعالى وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم 279
قال الواحدي قال عطاء و عكرمة نزلت في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان وكانا قد أسلفا في التمر فلما حضر الجذاذ قال لهما صاحب التمر لا يبقى لي ما يكفي عيالي إن أنتما أخذتما حقكما كله فهل لكما أن تأخذا النصف و تؤخرا النصف وأضعف لكما ففعلا فلما حل الأجل طلب الزيادة فبلغ رسول الله فنهاهما عن ذلك و أنزل الله تعالى هذه الآية فقالا سمعا و طاعة وأخذا رؤوس أموالهما
168 - قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة الآية 280
نقل الواحدي عن ابن الكلبي قال بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة هاتوا رؤوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم فقال بنو المغيرة نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن ندرك التمر فأبوا ان يؤخروهم فأنزل الله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
وأخرج الطبري من طريق مغيرة عن إبراهيم النخعي في قوله فنظرة إلى
ميسرة قال ذاك في الربا ومن طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس قال نزلت في الدين
ومن طريق ابن جريج قال لي عطاء ذلك في الربا و في الدين في كل ذلك
169 - قوله ز تعالى ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله 282
أخرج ابن أبي حاتم بعد نقله عن مجاهد و السدي وجوب الكتابة على ذلك أن سبب 236 ذلك ما أسنده إلى بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال
الكاتب يعني في زمانه إذا كانت له حاجة ووجد غيره يذهب في حاجته و يلتمس غيره و ذلك أن الكتاب في ذلك الزمان كانوا قليلا
170 - قوله ز تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا الآية 282
أخرج عبد بن حميد والطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال كان الرجل يطوف في الحواء
العظيم فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله هذه الآية
وأخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال كان الرجل مثله قال في القوم بدل الحواء العظيم و قال فأنزل الله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا
171 - قوله ز تعالى و لا يضار كاتب ولا شهيد 282
قال الطبري حدثت عن عمار نا ابن أبي جعفر يعني الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس قال لما نزلت هذه الآية ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول له اكتب لي فيقول إن لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه و يقول إنك قد أمرت أن تكتب لي ولا يدعه و يضارره بذلك وهو يجد غيره وذكر نحو ذلك في الشاهد فأنزل الله تعالى ولا يضار كاتب و لا شهيد
وأسند عن مجاهد وطاووس والضحاك و عكرمة والسدي
وغيرهم نحوه لكن ليس فيه فأنزل الله إلى آخره
172 - قوله ز تعالى فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته الآية 283
أخرج ابن ابي حاتم من طريق عبد الملك بن أبي نضرة عن أبيه عن أبي سعيد 237 قال نسخت هذه الآية ما تقدم من الأمر بالإشهاد والرهن
ومن طريق الشعبي لا بأس إذا ائتمنه أن لا يكتب و لا يشهد
173 - قوله ز تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله 284
قيل نزلت في كتمان الشهادة
أسند الطبري من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال نزلت في كتمان الشهادة
هذه رواية الثوري عن يزيد عن مقسم
وفي رواية محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن ابن عباس يعني في الشهادة و سند صحيح عن عكرمة قال في الشهادة إذا كتمها
ومن طريق الشعبي نحوه
ومن طريق جويبر عن عكرمة في كتمان الشهادة وأدائها على وجهها
174 - قوله تعالى آمن الرسول بما انزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن الآية إلى آخر قوله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء 285
أخرج مسلم وأحمد وابن حبان من رواية العلاء بن عبد الرحمن بن
يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله لله ما في السماوات و ما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله اشتد ذلك على أصحاب رسول الله فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق من الصلاة والصيام والصدقة و قد أنزلت هذه الآية ولا نطيقها فقال أتريدون أن تقولوا كما قال اهل الكتابين من قبلكم سمعنا و عصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك 238 المصير فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها آمن الرسول بما انزل إليه من ربه إلى قوله وإليك المصير
175 - قوله ز تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها 286
أخرج مسلم وأحمد وابن حبان في الحديث الذي قبله فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز و جل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة وزاد على التلاوة بعد قوله أو أخطأنا قال نعم وكذا بعد قوله من قبلنا وكذا بعد قوله طاقة لنا به وكذا بعد قوله وارحمنا وكذا في آخر السورة
ووقع في رواية الطبري من وجه آخر عن العلاء بعد أن ساق هذا الحديث باختصار عند قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال العلاء قال أبي قال أبو هريرة قال رسول الله قال الله نعم ربنا لا تحمل علينا إصرا فساق الآية إلى آخرها قال أبي قال أبو هريرة قال رسول الله قال الله نعم
قلت وقضيته أن في سياق رواية مسلم إدراجا وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من رواية محمد بن إبراهيم البوشنجي عن أمية بن بسطام شيخ مسلم فيه ولفظه
قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا فلما ذلت بها ألسنتهم أنزل الله التي بعدها آمن الرسول إلى قوله إن نسينا أو أخطأنا قال لا أؤاخذكم وساق إلى قوله ما لا طاقة لنا به قال لا أحملكم إلى قوله واغفر لنا وارحمنا
حديث آخر عن ابن عباس أخرج أحمد ومسلم و الطبري من طريق آدم بن سليمان عن سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال لما نزلت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه 239 يحاسبكم به الله دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم مثله فقال رسول الله قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا فألقى الله الإيمان في
قلوبهم فأنزل الله تعالى آمن الرسول إلى آخر السورة
وفي رواية مسلم لما تلا إلى قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال قد فعلت وأعاد بعد قوله من قبلنا وبعد قوله أنت مولانا
طريق أخرى عن سعيد بن جبير أخرج الطبري من طريق ورقاء ومحمد بن فضيل فرقهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لما نزلت آمن الرسول بما أنزل إليه قرأها رسول الله فلما انتهى إلى قوله غفرانك ربنا قال الله قد غفرت لكم فلما قرأ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال الله لا أؤاخذكم فلما قرأ ولا تحمل علينا إصرا قال لا أحمل عليكم فلما قرأ ولا تحملنا ما لا طلقة لنا به قال الله لا أحملكم فلما قرأ واعف عنا قال الله قد عفوت عنكم فلما قرأ واغفر لنا قال الله قد غفرت لكم فلما قرأ وارحمنا قال الله قد رحمتكم فلما قرأ وانصرنا على القوم الكافرين قال الله قد نصرتكم عليهم
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق أخرى عن عطاء بن السائب
4 - 649
- نحوه وأخرجه الفريابي في تفسيره عن الثوري عن عطاء بن السائب مقرونا برواية الثوري عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم النخعي وروايته مختصرة
طريق أخرى عن ابن عباس قال عبد الرزاق أنا معتمر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال دخلت على ابن عباس فقلت يا أبا عباس كنت عند ابن عمر فقرأ 240 هذه الآية فبكى قال أية آية فقال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال ابن عباس إن هذه الآية لما نزلت غمت أصحاب رسول الله غما شديدا و غاظتهم غيظا شديدا وقالوا هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا ولا نعمل فأما قلوبنا فليست بأيدينا فقال لهم رسول الله قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا قال فنسختها هذه الآية آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون إلى ما اكتسبت وتجوز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال
وأخرجه الطبري من طريق إسحاق بن سليمان عن عبد الرزاق عن جعفر ابن سليمان نحوه طريق أخرى عن ابن عباس قال الطبري حدثني أبو الرداد
المصري عبد الله بن عبد السلام نا أبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول
قال ابن شهاب حدثني سعيد بن مرجانة قال جئت عبد الله بن عمر فتلا هذه الآية إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية ثم قال ابن عمر لئن أخذنا بهذه الآية لنهلكن ثم بكى ابن عمر حتى سالت دموعه ثم جئت ابن عباس فذكرت له فقال ابن عباس يغفر الله لأبي عبد الرحمن لقد فرق أصحاب رسول الله منها كما فرق ابن عمر منها فأنزل الله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها الآية فنسخ الله الوسوسة وأثبت القول و الفعل
ثم أخرج عن يونس عن ابن وهب عن يونس عن الزهري مثله وقال فيه ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه فقمت حتى أتيت ابن عباس وقال فيه لعمري لقد وجد المسلمون منها 241 حين أنزلت مثل ما وجد فأنزل بعدها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها وصار الأمر إلى أن قضى الله عز و جل أن اللنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول و الفعل
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قرأها ابن عمر فذكر مرسلا وفيه فقام رجل من عنده فأتى ابن عباس فذكر نحوه
طريق أخرى أخرج الطبري من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم أن أباه قرأ إن تبدوا ما في أنفسكم الآية فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن فذكر نحوه باختصار و أخرجه من طريق ابن جريج عن الزهري قال قال ابن عباس لما نزلت ضج المؤمنون ضجة فذكره مختصرا و قال فيه إنكم لا تستطيعون أن تمتنعوا عون الوسوسة
وأخرج الطبري من طريق بيان عن حيكم بن جابر قال لما أنزل على النبي آمن الرسول بما انزل إليه من ربه الآية إلى المصير قال له جبريل إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك فسل تعطه فسأل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة يعني فأجاب سؤاله
وأخرج الطبري من طريق السدي قال يوم نزلت هذه الآية كانوا يؤاخذون بما وسوست أنفسهم وما عملوا فشكوا ذلك إلى النبي وقالوا والله ما نملك الوسوسة فنسخها الله بهذه الآية التي بعدها
قلت وأنكر بعضهم نسخها وقالوا يؤاخذهم بها بأن يسألهم عنها يوم القيامة و قيل غير ذلك و ليس من شرط هذا الكتاب
وأخرج الطبري من طريق جويبر عن الضحاك نحو رواية عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس التي تقدمت لكن قال في أوله أتى جبريل فقال يا محمد قل ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا فقالها فقال جبريل قد فعل و ساق البقية يقول في الجواب فقال جبريل قد فعل ولم يستوعب التفصيل في كل كلمة ومن طريق أسباط عن السدي نحوه
وأخرج عبد بن حميد من طريق إسرائيل عن السدي حدثني من سمع عليا يقول لما نزلت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله أحزنتنا فقلنا يحدث أحدنا نفسه فنحاسب فلا ندري من يغفر له منا ومن لا يغفر له فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
وأخرج البخاري القصة عن ابن عمر باختصار وكأنه قال ذلك بعد أن سبق من قول ابن عباس ما تقدم ولفظه عن مروان الأصغر عن رجل من أصحاب النبي احسبه ابن عمر قال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه
يحاسبكم به الله قال نسختها الآية التي بعدها
واخرج ابن ابي حاتم من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه نسختها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت
طريق أخرى قال محمد بن يوسف الفريابي نا الثوري وقال عبد بن حميد نا قبيصة نا سفيان عن موسى بن عبيدة عن خالد بن مرثد عن محمد بن كعب قال ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا انزل عليه إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء فكانت الأمم تأبى ذلك على أنبيائها فيكفرون ويضلون فلما نزلت على النبي اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم 243 فقالوا يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا و لم تعمله جوارحنا قال نعم فاسمعوا وأطيعوا فذلك قوله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح
وقال الثعلبي روت الرواة بألفاظ مختلفة فقال بعضهم لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر و عمر و عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار فجثوا على الركب وقالوا والله يا رسول الله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه فقال هكذا أنزلت فقالوا هلكنا وكلفنا من العمل بما لا نطيق قال فلعلكم تقولون كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا فمكثوا بذلك حولا فأنزل الله آية الفرج والراحة لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
قال الثعلبي وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وابن عباس ومن التابعين وأتباعهم فسرد جماعة انتهى وهذا من عيوب كتابه ومن تبعه عليه يجمعون الأقوال عن الثقات وغيرهم ويسوقون القصة مساقا واحدا على لفظ من يرمى بالكذب أو الضعف الشديد ويكون أصل القصة صحيحا والنكارة في ألفاظ زائدة كما في هذه القصة من تسمية الذين ذكروا وفي كثير من الألفاظ التي نقلت والسياق في هذه بخصوصها إنما هو لبعضهم
طريق أخرى عن ابن عباس تخالف جميع ما تقدم
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال ذاك سر عملك و علانيته يحاسبه الله به و ليس من عبد 244 مؤمن يسر في نفسه خيرا فيعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات وإن هو لم يعمل به كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن وإن كان أسر في نفسه سوءا وحدث به نفسه اطلع الله عليه وأخبره به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل لم يؤاخذه الله به وإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال أولئك الذين
نتقبل عنهم أحسن ما عملوا و نتجاوز عن سيئاتهم
ومن طريق مقاتل بن حيان أنه بلغه إن ابن عباس كان يقول إذا دعي الناس إلى الحساب يحاسب العبد بما عمل و ينظر في عمله فيخبره الله بما أبدى منه و بما أخفاه في نفسه و لم يعمله و لم تكن الملائكة تطلع عليه و لكن الله حاسبهم بما أسروا في أنفسهم فلم يطلع عليه أحد
176 - قوله تعالى ولا تحمل علينا إصرا 286
قال ابن الكلبي كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئا مما أمروا به أو أخطأوا عجلت لهم العقوبة فحرم عليهم شيء من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الذنب فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق فيض بن إسحاق الرقي قال قال الفضيل في قوله تعالى لا تحمل علينا إصرا الآية قال كان الرجل من بني إسرائيل إذا أذنب الذنب قيل له توبتك أن تقتل نفسك فيقتل نفسه فوضعت الآصار عن هذه الأمة
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح في قوله كما حملته على الذين من قبلنا قال لا تمسخنا قردة وخنازير
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد قال لا تلزمنا ذنبا لا توبة فيه ولا كفارة
ومن طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عمه قال المراد به الغلمة
244 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الوليد بن مسلم عن ابن شابور عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال الأنعاظ
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف إلى الثوري عن منصور عن إبراهيم النخعي قال ما لا طاقة لنا به هو الحب قال الثعلبي وقيل الفرقة وقيل القطعية وقيل شماتة الأعداء انتهى
والأولى كما قال الطبري الحمل على العموم لكن فيما كان ألزم به من كان قبلنا من التكاليف والله أعلم
قال الطبري عن المثنى بن إبراهيم نا أبو نعيم نا سفيان عن أبي إسحاق أن معاذا كان إذا فرغ من هذه السورة فقال وانصرنا على القوم الكافرين قال آمين
آخر ما في سورة البقرة
سورة آل عمران
177 -
ذكر سبب نزول صدرها
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس أن النصارى أتوا النبي يخاصمونه في عيسى بن مريم فادعوا الكذب وقالوا من أبوه فقال لهم النبي ألستم تعلون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه إباه قالوا بلى قال ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء قالوا بلى قال ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلأه ويحفظه ويرزقه قالوا بلى قال فهل يملك عيسى شيئا من ذلك قالوا لا قال ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء قالوا بلى قال أفكذلك عيسى قالوا لا قال فإن ربنا صير عيسي في الرحم كيف شاء ألستم تعلمون أن أمه حملته كما تحمل المرأة ووضعته كما تضع المرأة ثم غذي بالطعام كما يغذى الصبي
245 - ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث والله بخلاف ذلك قالوا بلى قال فكيف الذي زعتم فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا وأنزل الله عز و جل ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم إلى قوله العزيز الحكيم
وأخرجه الطبري من طريق سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير نحوه وأتم منه وفيه تسمية رؤساء وفد نجران
178 - قوله ز تعالى إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد الآية 4
قال مقاتل بن سليمان نزلت في اليهود منهم حيي وجدي وأبو ياسر بنو أخطب وكعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وزيد بن التابوت
179 - قوله ز تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله الآية
7 - ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس المتشابه حروف التهجي في اوائل السور ولك أن رهطا من اليهود حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظراءهما أتوا النبي فقال له حيي بلغنا أنه أنزل عليك ألم أنشدك الله أأنزلت عليك قال نعم قال فإن كان ذلك حقا فإني أعلم مدة ملك أمتك هو إحدى وسبعون سنة فهل أنزل عليك غيرها قال نعم المص قال هذه أكثر من تلك هي إحدى وستون ومئة سنة فهل غيرها قال نعم الر قال هذه اكثر هي مائتان وإحدى وثلاثون سنة فهل غيرها قال نعم المر قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وسبعون سنة ولقد خلطت
246 - علينا فلا ندري بقليله نأخذ أم بكثيره ونحن لا نؤمن بهذا فأنزلالله عز و جل هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات الآية
وقال مقاتل بن سليمان في قوله وأخر متشابهات قال هي الكلمات الأربع ألم والمص والمر والر شبه على اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين قال والراسخون في العلم هم عبد الله بن سلام وأصحابه يقولون آمنا به وهم الذين قالوا ربنا لا تزع قلوبنا إلى قوله الميعاد
2 - قول آخر قال مقاتل بن حيان هم وفد نجران خاصموا النبي في عيسى فقالوا ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه قال بلى قالوا فحسبنا فأنزل الله تعالى هذه الآية
3 - قول آخر أخرج البخاري من طريق يزيد بن إبراهيم عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة قالت تلا رسول الله هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات إلى أولي الألباب وقالت قال رسول الله فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ثلاثتهم عن القعنبي عن يزيد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي الوليد عن يزيد وحماد بن سلمة عن
ابن أبي مليكة بلفظ سئل رسول الله عن قول الله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه فقال إذا رأيتم فذكره
وأخرجه الترمذي عن بندار عن أبي الوليد بدون ذكر حماد وقال تفرد يزيد بذكر القااسم فيه بين عائشة 247 وابن أبي مليكة ورواه غير واحد ابن أبي مليكة عن عائشة ولم يذكروا فيه القاسم
قلت وقد وافقه حماد بن سلمة في إحدى الروايتين عنه كما تقدم من طريق ابن أبي حاتم
وكذا أخرجه الطبري من طريق يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة وقد أغرب الوليد بن مسلم فرواه عن حماد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أخرجه الطبري من طريقه ومن طريقه أيضا عنه عن نافع بن عمر عن ابن أبي ملكية عن عائشة والذي يظهر أن حماد بن سلمة كان يتنوع في إيراده
فإن كان حفظه فالطرق كلها صحيحة وأخرج الإمام أحمد عن أبي كامل عن حماد بن سلمة عن أبي غالب سمعت أبا أمامة يحدث عن النبي في قوله تعالى فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه قال هم الخوارج
وأخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق حميد الخياط عن أبي غالب عن أبي أمامة كذلك
وأصله عند الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة وفيه قصة نصب رؤوس الخوارج على درج دمشق وهذا من علامات النبوة فإن الخوارج أول من
تبع ما تشابه منه وابتغوا بذلك الفتنة فقتلوا من أهل الإسلام ما لا يحصى كثرة وتجنبوا قتل أهل الشرك وأخبارهم في ذلك شهيرة ولك ورد في عدة أحاديث صحيحة أنهم شر الخلق والخليقة وذكر الخوارج نبه به الحديث المذكور على من ضاهاهم في اتباع المتشابه وابتغاء تأويله فالآية شاملة لكل مبتدع سلك ذلك المسلك
قال ابن جرير المراد بالذين في قلوبهم زيغ كل مبتدع بدعة تخالف ما مضى
عليه رسول الله
248 - فتأول بعض الآيات المحتملة التأويل ما يشيد به بدعته
ثم أسند عن قتادة نحو ذلك
ثم أسند من طريق الحارث بن يعقوب عن أيوب عن ابن أبي ملكية عن عائشة قالت قرأ رسول الله هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الآية كلها فقال رسول الله إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه والذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم
ورجح الطبري قول من قال من المفسرين إن المراد باتباع الفتنة في الآية اتباع الشبهات واللبس ليروج بذلك الباطل الذي ابتدعه وأطلق على ذلك فتنة
لأنه يؤول إليها نسأل الله السلامة والعافية
180 - قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد 12
1 - قال ابن إسحاق في المغازي رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد مولي زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس لما أصاب رسول الله قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال يا معشر اليهود احذروا من الله ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم فقالوا يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة أما والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس فأنزل الله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون الآية
وقال ابن إسحاق أيضا في رواية سلمة بن الفضل عنه عن عاصم بن عمر ابن قتادة قال فلما أصاب الله قريشا 249 يوم بدر جمع رسول الله يهود في سوق بني قينقاع حين قدم المدينة فذكر نحوه
وفي تفسير سنيد حدثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة في هذه الآية
قل للذين كفروا ستغلبون قال فنحاص اليهودي في يوم بدر لا يغرن محمدا إن غلب قريشا وقتلهم قريشا لا تحسن القتال فنزلت
وقال ابن ظفر يحسن أن يقال لما شمت اليهود بالمسلمين يوم أحد قيل لهم ستغلبون وتحشرون إلى جهنم يعني على القراءة بالياء المثناة التحتانية فيهما
قول آخر وقال الثعلبي قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وأخرج عبد بن حميد من طريق قتادة ومن طريق مجاهد قالا أنزلت في محمد وأصحابه ومشركي قريش يوم بدر أن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله المشركين يوم بدر هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى ونجده في كتابنا بنعته وصفته وأنه لا ترد له راية وأرادوا اتباعه فقال بعضهم لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى فلما كان يوم أحد ونكب أصحابه شكوا وقالوا ما هو به فغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا وكان بينهم وبينه عهد فنقضوه وانطلق كعب بن الأشرف إلى أبي سفيان بمكة فوافقهم أن يكونوا كلمة واحدة ثم رجعوا إلى المدينة فنزلت
وقال مقاتل بن سليمان في
قوله تعالى
قد كان لكم آية في فئتين التقتا نزلت في بني قينقاع من اليهود توعدوا المسلمين بالقتال فنزلت
181 - قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء الآية والتي بعدها 14 - 15
قال ابن ظفر قيل إن وفد نجران لما دخلوا المدينة تزينوا بأحسن زي 250 فتشوقت نفوس رجال من فقراء المسلمين إليهم فنزلت
وقال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير دخلوا المسجد العصر وهم في جمال رجال بني الحارث وعليهم الحبرات
182 - قوله تعالى قل أؤنبئكم بخير من ذلكم الآية 15
أخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عن أبي بكر بن حفص قال لما نزلت زين للناس حب الشهوات الآية قال عمر الآن يا رب زينتها لنا فنزلت قل أؤنبئكم
183 - قوله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو الآية 18
ذكر الثعلبي عن ابن الكلبي قال قدم حبران من أحبار الشام على النبي فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان فلما دخلا عليه عرفاه بالصفة والنعت فقالا أنت محمد قال نعم قالا وأنت أحمد قال أنا محمد وأحمد قالا فإنا نسألك عن شيء فإن أخبرتنا به آمنا بك وصدقناك قال سلا قالا فأخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله عز و جل فأنزل الله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو فأسلم الرجلان
184 - قوله تعالى وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم الآية 19
1 - أخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس في هذه الآية قال قال أبو العالية بغيا أي طلبا للملك قال الربيع وذلك أن موسى عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين حبرا من أحبار بني إسرائيل فاستودعهم التوراة وجعلهم أمناء عليه كل حبر جزءا منه واستخلف موسى يوشع بن نون فلما مضى القرن الأول
والثاني والثالث وقعت الفرقة بينهم من أبناء 251 السبعين حتى اهراقوا الدماء بينهم ووقع الشر والاختلاف وكان ذلك كله من قبل الذين أوتوا العلم بغيا بينهم على الدنيا وطلبا لسلطانها وزخرفها فسلط الله عليهم الجبابرة
قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ابن الزبير في هذه الآية قال المراد بهم النصارى وسيأتي بقية كلامه في التي بعدها
3 - ونقل الثعلبي عن بعضهم إن المراد أهل الكتاب في نبوة محمد بعد أن وجدوا نعته وصفته في كتبهم فكفروا به حسدا
4 - قول آخر نقل الثعلبي عن ابن الكلبي قال نزلت في اليهود والنصارى حين تسموا بهذين الاسمين وتركوا اسم الإسلام
185 - قوله تعالى فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني الآية 20
قال ابن الكلبي لما نزلت إن الدين عند الله الإسلام قالت اليهود والنصارى لسنا على ما تسمينا به يا محمد إنما اليهودية والنصرانية ليست لنا والدين هو الإسلام ونحن عليه فأنزل الله تعالى فإن حاجوك أي خاصموك في الدين فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم قال فقالوا أسلمنا فقال لليهود أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله فقالوا لا فنزلت وإن تولوا فإنما عليك البلاغ
186 -
قوله ز تعالى
ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس الآية
21 -
أخرج عبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين قال كان الوحي يأتي بني إسرائيل ولم يكن يأتيهم كتاب فيقوم الذين يوحى إليهم فيذكرون قومهم فيقتلونهم فيقول رجال ممن اتبعهم وصدقهم 252 فيذكرون قومهم فيقتلونهم فنزلت فيهم ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من
الناس
قال مقاتل بن سليمان كان الذي يصنع ذلك ملوك بني إسرائيل وفي حديث أبي عبيدة بن الجراح أن النبي قال قتلت بنو إسرائيل في ساعة واحدة من أول النهار ثلاثة وأربعين نبيا فقام مئة واثنا عشر رجلا من عبادهم فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله في كتابه وأنزل الآية فيهم
أخرجه الطبري وابن أبي حاتم والثعلبي كلهم من طريق محمد بن حمير الحمصي
عن أبي الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عنه وقد ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه ما نصه أبو الحسن الأسدي روى عنه أبو كريب مجهول فما أدري هو هذا أو غيره
187 - قوله تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم الآية23
1 - قال ابن إسحاق في المغازي رواية يونس بن بكير عنه عن محمد عن سعيد وعكرمة عن ابن عباس قال دخل رسول الله بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد على أي دين أنت يا محمد فقال فقالا على ملة إبراهيم ودينه فقالا إن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما فهلموا إلى التوراة فهي بدينا وبينكم فأبيا عليه فأنزل الله ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب الآية
أخرجه الطبري وهكذا ذكره الثعلبي عن سعيد وعكرمة عن ابن عباس والصواب أن هذه الرواية ترد دائما بالشك وهو من ابن إسحاق أو من شيخه محمد بن أبي محمد 253
2 - قول آخر نقل الطبري عن قتادة وابن جريج أن المراد بالكتاب القرآن ثم ساق الرواية عنهما بذلك ولفظهما الكتاب وهو يحتمل أن يراد به التوراة فيرجع إلى الأول نعم وقع في تفسير جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية قال جعل الله القرآن حكما فيما بينهم وبين رسول الله فحكم القرآن على اليهود والنصارى أنهم على غير الهدى فأعرضوا عنه وهم يجدونه مكتوبا عندهم
3 - قول آخر أخرج الطبري من طريق السدي قال دعا النبي اليهود إلى الإسلام فقال له نعمان بن أبي أوفى هلم يا محمد نخاصمك إلى الأحبار فأنزل الله تعالى هذه الآية
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في كعب بن الأشرف وكعب بن أسيد ومالك بن الصيف و نعمان بن أبي أوفى وبحري بن عمرو وأبو نافع بن
قيس وأبو ياسر بن أخطب وذلك أن النبي قال لهم أسلموا فقالوا نحن أهدى وأحق بالهدى منكم وما أرسل الله نبيا بعد موسى فقال آخرجوا التوراة نتبع نحن وأنتم ما فيها فأبوا فنزلت هذه
4 - قول آخر قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس إن رجلا وامرأة من أهل خيبر زنيا فذكر القصة الآتية في سورة المائدة وفيها فحكم عليهما بالرجم فقال له نعمان بن أبي أوفى وبحري بن عمرو جرت علينا يا محمد فقال بيني وبينكم التوراة القصة وفيها ذكر ابن صوريا وفي آخرها فأنزل الله تعالى ألم تر إلى لذين أوتوا نصيبا من الكتاب إلى قوله وهم معرضون
188 - قوله تعالى قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات 24
تقدم في تفسير سورة 254 البقرة
189 - قوله تعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء الآية 26
قال إسحاق بن راهوية وعبد بن حميد جميعا عن روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ذكر لنا أن نبي الله سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في
أمته فأنزل الله عز و جل هذه الآية
وبهذا جزم مقاتل بن سليمان فقال سأل رسول الله ربه أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته
وذكر الثعلبي عن ابن عباس قال لما افتتح رسول الله مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قال المنافقون واليهود هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم فنزلت
وذكر الثعلبي هنا حديث عمرو بن عوف المزني في قصة ضرب الصخرة بالخندق وفي آخره ونزل قوله تعالى وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا في ذلك ونزل قوله تعالى قل اللهم مالك الملك في ذلك
قلت وحديث عمرو أخرجه البيهقي وغيره وليس في آخره ونزل قوله
تعالى اللهم مالك الملك ونورده في تفسير سورة الأحزاب
190 - قوله تعالى لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين الآية 28
1 - ذكر الثعلبي عن ابن عباس كان الحجاج بن عمرو وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبى أولئك النفر مباطنتهم وملازمتهم 255 فأنزل الله عز و جل فيهم هذه الآية
2 - قول آخر قال مقاتل بن سليمان نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره كانوا يظهرون المودة لكفار مكة فنهاهم الله عن ذلك
3 - قول آخر قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في عبد الله ابن أبي وأصحابه كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار يرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله فأنزل الله تعالى هذه الآية ونهى المؤمنون عن مثل
فعلهم
4 - قول آخر ذكر جويبر في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس نزلت في عبادة بن الصامت كان له حلفاء من اليهود فلما خرج النبي يوم الأحزاب قال عبادة يا نبي الله إن معي خمسمئة رجل من اليهود وقد رأيت أن أستظهر بهم على العدو فأنزل الله عز و جل لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الآية
191 - قوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الآية 31
1 - قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس إن اليهود لما قالت نحن أبناء الله وأحباؤه أنزل الله تعالى قل إن كنتم تحبون الله الآية فلما نزلت عرضها رسول الله فأبوا أن يقبلوها
وقال مقاتل بن سليمان لما دعا النبي كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ولنحن أشد حبا لله مما تدعونا إليه فنزلت قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
2 - قول آخر قال محمد بن إسحاق في المغازي حدثني محمد بن جعفر ابن الزبير قال نزلت في نصارى أهل نجران وذلك أنهم قالوا إنما نعظم المسيح ونعبده
حبا لله وتعظيما له 256 فقال الله قل إن كنتم
3 - قول آخر ذكر سنيد في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال زعم أقوام على عهد رسول الله أنهم يحبون الله فقالوا يا محمد إنا نحب ربنا فنزلت وجعل اتباع نبيه علما لحبه
4 - قول آخر ذكر جوبير في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال وقف النبي على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل فقالوا يا محمد إنا نعبد هذه حبا لله ليقربونا إلى الله زلفى
فقال أنا رسول الله إليكم وأنا أولى بالتعظيم من الأصنام
قلت وهذا من منكرات جويبر فإن آل عمران مدنية وهذه القصة إنما كانت بمكة قبل الهجرة ولعل الذي نزل فيهما في أوائل الزمر
192 - قوله ز تعالى قل أطيعوا الله والرسول الآية 32
1 - نقل الثعلبي أن عبد الله بن أبي لما نزل قوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني قال لأصحابه إن محمدا يجعل طاعته كطاعة الله ويأمرنا أن نعبده كم تعبد النصارى عيسى بن مريم فنزلت قل أطيعوا الله والرسول الآية
2 - وقال مقاتل بن سليمان نزلت في اليهود
قلت وهذا هو الراجح
193 - قوله تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم الآية 59
قال عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة عن عوف الأعرابي عن الأزرق بن قيس قال جاء أسقف نجران والعاقب إلى رسول الله فعرض عليهما الإسلام فقالا قد كنا 257 مسلمين قبلك فقال كذبتما منع الإسلام منكما ثلاث قولكما اتخذ الله ولدا وسجودكما للصليب وأكلكما لحم الخنزير قالا فمن أبو عيسى فلم يرد عليهما فأنزل الله عز و جل إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب الآية
وعن سعيد عن قتادة ذكر لنا أن سيدي أهل نجران قالا لكل آدمي أب فما بال عيسى لا أب له فنزلت
وأسند الطبري وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال إن رهطا من أهل نجران فيهم السيد والعاقب قدموا على النبي فقالوا ما شأنك تذكر صاحبنا أي عيسى تزعم أنه عبد الله قال أجل إنه عبد الله قالوا فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به ثم خرجوا من عنده فجاءه جبريل بأمر الله فقال قل لهم إذا أتوك إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب الآية
ومن طريق مغيرة عن عامر هو الشعبي قال كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى في عيسى قولا فكانوا يجادلون النبي فيه فنزلت
ومن طريق أسباط عن السدي قال لما سمع أهل نجران بالنبي أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم منهم العاقب والسيد وماسرجس وما ربحن فسألوه ما تقول في عيسى فقال هو عبد الله وروحه وكلمته فقالوا ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمره فهل رأيت قط إنسانا خلق من غير أب فنزلت
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج بلغنا أن نصارى أهل نجران قدم
وفدهم فيهم السيد والعاقب وهما 258 سيداهم يومئذ فقالا يا محمد فيم تشتم صاحبنا عيسى تزعم أنه عبد فقال أجل إنه عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم فغضبوا وقالوا إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيى الموتى ويبرىء الأكمه ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه لكنه الله فسكت حتى أتاه جبريل فقال يا محمد لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم فقال يا جبريل إنهم سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى فقال إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب الآية
ومن طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال
فإن قالوا كيف خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب بتلك القدرة من غير ذكر ولا أنثى فكان كما جاء عيسى لحما ودما وشعرا وبشرا فليس خلق عيسى من غير ذكر باعجب من خلق آدم وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مبارك بن فضالة سمعت الحسن البصري يقول أتى راهبا نجران رسول الله فذكر نحو رواية الأزرق بن قيس لكن قال فنزل عليه ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر
الحكيم إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم الآية إلى الممترين
وسمى مقاتل بن سليمان فيهم الحارث وقيسا وابنيه وخالدا وخليدا وعمرا
194 - قوله تعالى فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم الآية 61
قال ابن إسحاق في السيرة الكبرى رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن جعفر بن الزبير فذكر قصة وفد أهل نجران وما قالوه ونزل فيهم إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم إلى قوله فمن حاجك 259 فيه إلى قوله بالمفسدين قال فلما أتى رسول الله الخبر من الله وفصل القضاء بينه وبينهم وأنهم إن ردوا ذلك لاعنهم دعاهم إلى ذلك فقالوا يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فانصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم فقالوا يا عبد المسيح ماذا ترى فقال والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم قط نبيا فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه الاستئصال منكم إن فعلتم فإن أبيتتم إلا إلف دينكم والإقامة عليه فوادعوا هذا الرجل وانصرفوا فأتوا النبي فقالوا قد رأينا أن لا نلاعنك فذكر قصة بعثه معهم أبا عبيدة بن الجراح ليفصل بينهم في أمور اختلفوا فيها من أموالهم
ولابن إسحاق في هذه القصة سند آخر موصول أخرجه أبو بكر بن مردويه في
التفسير من طريق أخرى عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله فذكر القصة وفيها أن أشرافهم كانوا اثني عشر رجلا
وأخرج البخاري أصل هذه القصة في الصحيح في أواخر المغازي من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال جاء السيد والعاقب صاحبا نجران إلى رسول الله يريد أن يلاعناه فقال أحدهما لصاحبه لا تفعل فوالله إن كان نبيا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا قالا نعطيك ما سألتنا فابعث معنا رجلا أمينا الحديث
260 - وأخرج الحاكم في المستدرك من طريق علي بن مسهر وابن شاهين وابن مردويه في التفسير من طريق بشر بن مهران كلاهما عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر قال قدم على النبي العاقب والطيب فدعاهما
إلى الملاعنة فوعداه على أن يغادياه الغداة فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا وأقرا له بالخراج فقال والذي بعثني بالحق لو قالا لأمطر عليهم الوادي نارا قال جابر فيهم نزلت فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم الحديث
ولأخره شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الحاكم في أثناء حديث أصله البخاري والترمذي والنسائي
ولفظه عند الحاكم ولو خرج الذين يباهلون رسول الله لرجعوا لا يجدون إبلا ولا مالا
ولفظ معمر لو خرج الذين يباهلون مثله
وفي تفسير سئيدة عن ابن جريج والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحد إلا أهلكه الله
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة قصة وفد نجران والملاعنة مطولة في نحو ورقة كبيرة من طريق يونس بن بكير في المغازي من زياداته على ابن إسحاق قال يونس عن سلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده وكان نصرانيا فأسلم إن رسول الله كتب إلى أهل نجران يدعوهم إلى الإسلام وفيه إرسالهم وفدا اختاروهم وفيه فساءلهم وسألوه إلى أن انتهت به المسألة أن قالوا ما تقول في عيسى فقال أقيموا حتى أخبركم فافتتح الصلاة وأنزل الله عليه إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم إلى قوله فنجعل 261 لعنة الله على الكاذبين فقصها عليهم فأبوا أن يقروا بذلك فأصبح رسول الله فأقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة فذكر أنهم رضوا أن يحكموه ورضوا بما حكم به عليهم من المال في كل سنة
ومن مستغربات مقاتل بن سليمان أنه نقل في هذه القصة أن عمر قال للنبي لو لاعنتهم بيد من كنت تأخذ قال بيد علي وفاطمة والحسن والحسين وعائشة وحفصة
وقد ساق الطبري آخر هذه القصة بما فيها من الزيادة عما قبلها فأخرج من طريق مغيرة عن عامر وهو الشعبي قال فلما أمر النبي بملاعنتهم بقوله فمن حاجك فيه فتواعدوا أن يلاعنوه الغد فانطلق السيد والعاقب ومن تبعهما إلى رجل منهم عاقل فذكروا له ما عزموا عليه فقال بئس ما صنعتم وندمهم وقال إن كان نبيا ثم دعا عليكم لا يعصيه الله فيكم وإن كان ملكا فظهر عليكم لا يستبقيكم قالوا فكيف بنا وقد واعدنا قال إذا غدوتم عليه فعرض عليكم الملاعنة فقولوا نعوذ بالله فلعله يعفيكم قال فغدا النبي محتضنا حسينا آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي ملتفة فدعاهم إلى الذي فارقوه عليه بالأمس فقالوا نعوذ بالله ثم دعاهم فقالوا نعوذ بالله مرارا قال فإن أبيتم فأسلموا فإن أبيتم فأعطوا
الجزية عن يد وأنتم صاغرون فإن أبيتم فإني أنبذ إليكم على سواء فقالوا لا طاقة لنا بحرب العرب ولكن نؤدي الجزية قال فجعل عليهم ألفي حلة ألفا في رجب وألفا في صفر 262 وقال النبي لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة
ومن طريق السدي قال فأخذ النبي بيد الحسن والحسين وفاطمة وقال لعلي اتبعنا فلم يخرج النصاري وصالحوه فقال رسول الله لو خرجوا لاحترقوا ومن طريق علباء بن أحمد اليشكري فقال شاب منهم لا تلاعنوا أليس عهدكم بالأمس بإخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير
195 - قوله تعالى قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم الآية 64
قال الثعلبي قال المفسرون قدم وفد نجران فالتقوا مع اليهود فاختصموا في إبراهيم فقالوا يا محمد إنا اختلفنا في إبراهيم فزعمت اليهود أنه كان يهوديا وهم على دينه وهم أولى الناس به وزعمت النصارى أنه كان نصرانيا وهم على دينه وهم أولى الناس به فقال النبي كلا الفريقين بريء من إبراهيم ودينه بل كان حنيفا ومسلما فقالت اليهود يا محمد ما نريد أن نتخذك ربا كما اتخذت النصارى عيسى ربا فأنزل الله عز و جل قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم انتهى وإطلاقه على قائل هذا مع ضعفه أنه قول المفسرين مما ينكر
عليه فإن هذه الآية الأولى أنزلها الله في قصة وفد نجران قبل أن يقع اجتماعهم باليهود فلما أبوا وبذلوا الجزية واطمأنوا اجتمعوا بيهود المدينة عند النبي أو فيما بينهم فتجادلوا إلى أن ذكروا إبراهيم ونزلت الآيات التي بعدها في إبراهيم وسيأتي سياق ذلك واضحا 263 في الذي بعده
196 - قوله ز تعالى قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده إلى قوله ولكن كان حنيفا مسلما 65 - 67
1 - قال ابن إسحاق في السيرة دعا النبي أهل نجران إلى النصف وقطع عنهم الحجة قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلى قوله مسلمون فأبوا فنزل ما بعدها
ثم أسند عن محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند النبي فتنازعوا عنده فقال الأحبار ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فنزلت يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم الآية
ومن طريق السدي نحوه ولم يذكر مكان اجتماعهم
2 - وأخرج عبد بن حميد والطبري من طريق قتادة ذكر لنا أن نبي الله دعا يهود أهل المدينة إلى الكلمة السواء وهم الذين حاجوه في إبراهيم وزعموا أنه كان يهوديا فأكذبهم الله تعالى ونفاهم منه فقال يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مقاتل بن حيان قال قال كعب يعني ابن الأشرف وأصحابه إن إبراهيم منا وموسى منا والأنبياء منا فأنزل الله عز و جل ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا الآية وبنحوه ذكر مقاتل بن سليمان وقال قال رؤساء اليهود كعب بن الأشرف وأبو ياسر وأبو الحقيق وزيد بن تابوت ونصارى نجران كان إبراهيم والأنبياء على ديننا القصة
وأخرج سنيد من طريق ابن جريج قال بلغنا أن نبي الله 264 دعا يهود المدينة إلى الإسلام وقوله تعالى تعالوا إلى كلمة سواء بينناا وبينكم فأبوا عليه فجاهدهم أخرجه الطبري
ومن طريق الربيع بن أنس ذكر لنا أن النبي دعا اليهود إلى كلمة السواء واختار الطبري أنها نزلت في الفريقين معا يهود المدينة وأهل نجران
وقال الطبري حدثني إسحاق بن شاهين نا خالد الواسطي عن داود هو بن أبي هند عن عامر هو الشعبي قال قالت اليهود إبراهيم على ديننا وقالت النصارى إبراهيم على ديننا فأنزل الله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا فبرأه الله منهما
197 - قوله تعالى إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي الآية 68
1 - نقل الثعلبي والواحدي عن ابن عباس إن رؤساء اليهود قالوا يا محمد لقد علمت أنا أولى بإبراهيم منك ومن غيرك وأنه كان يهوديا وما بك إلا الحسد فأنزل الله تعالى إن أولى الناس بإبراهيم الآية
2 - وأخرج عبد بن حميد من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أنه لما أن خرج أصحاب رسول الله إلى النجاشي انتدب لهم عمرو بن
العاص وعمارة بن أبي معيط كذا قال وإنما هو عمارة بن الوليد بن المغيرة أرادوا عنتهم والبغي عليهم فقدموا على النجاشي فأخبروه أن هؤلاء الرهط وصادرهم الذين قدموا عليك من أهل مكة إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك ويشتموا ربك فأرسل إليهم فذكر القصة مطولة وفيها إن الذي خاطبهم من المسلمين حمزة وعثمان بن مظعون فقال النجاشي لما سمع كلامهم لا دهوره 265 أي لا خوف على حزب إبراهيم فقال عمرو من هم حزب إبراهيم قال هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن أتبعه فأنزلت ذلك اليوم يوم خصومتهم على رسول الله إن أولى الناس بإبراهيم للذين أتبعوه وهذا النبي الآية
قلت وقصة عمرو بن العاص وجعفر بن أبي طالب عند النجاشي مروية من طرق متعددة
منها في السيرة لابن إسحاق من طريق محمد بن مسلم الزهري
ومنها في الثعلبي مطولة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
ومنها في الطبراني من طريق جعفر بن أبي طالب
وليس في شيء منها نزول هذه الآية في هذه القصة وقد خلط الثعلبي رواية الكلبي برواية شهر مع رواية ابن إسحاق وساقها بطولها مساقا واحدا وهو من عيوب كتابه حيث يخلط الصادق بالكاذب بالمحتمل فيوهم أن الجميع من رواية الصادق وليس كذلك
198 - قوله تعالى ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم 69
تقدم في قوله تعالى في سورة البقرة ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا الآية حكاه الثعلبي وقال مقاتل بن سليمان نزلت في عمار بن ياسر وحذيفة وذلك أن اليهود جادلوهما ودعوهما إلى دينهم وقالوا إن ديننا خير من دينكم ونحن أهدى سبيلا فنزلت
199 - قوله تعالى يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل 71
قال محمد بن إسحاق في السيرة حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد 266 ولا الحارث بن عوف بعضهم لبعض تعالوا نجيء نؤمن بما أنزل الله على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع ويرجعون عن دينهم فأنزل الله تعالى فيهم لم تلبسون الحق بالباطل
وقال مقاتل بن سليمان قال كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف لسفلة اليهود آمنوا معهم نهارا فذكر القصة
300 - قوله تعالى وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين أمنوا وجه النهار وأكفروا آخره لعلهم يرجعون 72
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي قال كان أحبار
قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا لبعضهم ادخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا نشهد أن محمدا حق صادق فإذا كان آخر النهار فاكفروا به وقولوا إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا أنه كاذب وليس على شيء وإنكم لستم على شيء وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون يقولون هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم فأخبر الله عز و جل رسوله بذلك
ومن طريق أبي مالك الغفاري نحوه باختصار وفي آخره فاطلع على سرهم وأنزل وقالت طائفة من أهل الكتاب الآية
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك نحو الأول بتمامه
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال كانوا يكونون مع النبي أول النهار يكلمونه ويمارونه فإذا أمسوا وحضرت الصلاة
كفروا به وتركوه
ومن طريق العوفي عن 267 ابن عباس قال طائفة من اليهود لبعضهم إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا وإذا كان آخر النهار فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهو أعلم منا لعلهم ينقلبون عن دينهم
201 - قوله تعالى قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء الآية 73
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال الله تعالى لنبيه قل إن الهدى هدى الله تقول اليهود فعل الله بنا كذا وكذا من إكرامه حتى أنزل المن والسلوى فنزل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء
202 - قوله تعالى ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك الآية 75
قال مقاتل بن سليمان الفرقة الأولى مؤمنو أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه والفرقة الثانية كفار اليهود كعب بن الأشرف وأصحابه يقول منهم من يؤدي الأمانة ولو كثرت ومنهم من لا يؤدي الأمانة ولو قلت
وعن جويبر بن الضحاك عن ابن عباس الأول عبد الله بن سلام أودعه رجل ألفا ومئتي أوقية من ذهب فأداه إليه فمدحه الله والثاني فنحاص بن عازورا أودعه رجل من قريش دينارا فخانه فيه
وقال الثعلبي قال أكثر المفسرين نزلت في اليهود وقد علم أن الناس كلهم كذلك فيهم الأمين والخائن وإنما حذر الله المؤمنين أن يغتروا بأهل الكتاب لأنهم يستحلون مال المؤمن
قلت وسيأتي بيان ذلك في الذي بعده قال وفي بعض التفاسير إن الذي يؤدي الأمانة هم النصارى وإن الذي لا يؤديها هم اليهود
203 - قوله تعالى ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم 278 يعلمون 75
أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس إن أهل الكتاب كانوا يقولون ليس علينا جناح فيما أصبنا من أموال هؤلاء لأنهم أميون
أخرج سنيد من طريق ابن جريج قال بايع اليهود ورجال في الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم فقالوا ليس لكم علينا أمانة ولا قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا أنهم وجدواا ذلك في كتابهم قال الله تعالى ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني اليهود
وهو عند مقاتل بن سليمان بنحوه
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ليس علينا في الأميين يعنون من ليس من أهل الكتاب أخرجه الطبري من طريقه هكذا مختصرا ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قالت اليهود ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل
ومن طريق السدي كان يقال له مالك لا تؤدي أمانتك فيقول ليس علينا حرج في أموال العرب قد أحلها الله لنا
ومن طريق القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير لما نزلت ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل قال النبي كذب أعداء الله كل شيء
موضوع إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر
204 - قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية 77ة
1 - قال مقاتل بن سليمان يعني رؤوس اليهود
وقال الحسين بن داود المعروف بسنيد في تفسيره حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قال نزلت هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة الآية في أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وكعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وغيرهم 269 من رؤوس اليهود كتموا ما عهد الله إليهم في التوارة من نبوة محمد وكتبوا بأيديهم غيره وحلفوا أنه من عند الله لئلا تفوتهم المآكل التي كانت لهم على اتباعهم
2 - وبه إلى ابن جريج قال وقال آخرون إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجل إلى رسول الله في أرض كانت في يده لذلك الرجل أخذها بتعززه في الجاهلية فقال النبي للرجل أقم بينتك فقال ليس يشهد لي أحد على الأشعث قال فلك يمينه فقدم الأشعث يحلف فأنزل الله هذه الآية فنكل الأشعث وقال إني أشهدكم الله وأشهد له إن خصمي صادق فرد إليه أرضه وزاده من أرض
نفسه زيادة كثيرة مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه فهي لعقب ذلك الرجل بعده
قلت كذا وقع في هذه الرواية المرسلة والحديث مخرج في الصحيحين والسنن الأربعة ومسند أحمد من طرق عن منصور والأعمش وغيرهما عن شقيق عن الأشعث منها لأحمد نا أبو معاوية نا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال قال رسول الله من حلف على يمين هو فيها فاجر الحديث فقال الأشعث في والله كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي فقال لي ألك بينة قلت لا فقال لليهودي احلف فقلت يا رسول الله إذا يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية
وفي رواية عاصم عن شقيق فجاء الأشعث فقال ما يحدثكم أبو عبد الرحمن فحدثناه 270 فقال كان في والله هذا الحديث خاصمت ابن عم لي فذكره وفيه في بئر بدل أرض وفيه مالي بينه وإن تجعلها بيمينه يذهب ببئري إن خصمي رجل فاجر قال فقال من اقتطع مال امرىء مسلم الحديث وقرأ هذه الآية
ووقع نحو ذلك في حديث عدي بن عميرة عند النسائي ولفظه خاصم رجل من كندة امرأ القيس بن عابس الحضرمي في أرض الحديث وفيه فقال الحضرمي أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهب أرضي ورب الكعبة فذكر الحديث وتلا رسول الله إن الذين يشترون الآية وفي آخره فقال امرؤ القيس ما لمن تركها يا رسول الله قال الجنة قال فأشهدك أني قد تركتها
وهكذا في أكثر الطرق أن النبي تلا الآية عقب الحديث وصرح في
رواية الأعمش بقوله فأنزل الله تعالى وكذلك ذكرها جرير عن منصور عن شقيق عند البخاري وغيره كما صرح في رواية عكرمة المرسلة بذلك وللمتن شواهد من حديث أبي داود وأبي أمامة بن ثعلبة وغيرهما ليس فيه سبب النزول
3 - سبب أخر أخرج البخاري وأحمد والطبري من طريق العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة له في السوق 271 فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطه ليوقع رجلا من المسلمين فنزلت هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية
وله شاهد مرسل أخرجه الطبري من طريق الشعبي بسند صحيح إليه أن رجلا أقام سلعة أول النهار فلما كان آخره جاء رجل يشتري فحلف لقد منعها أول النهار من كذا ولولا المساء ما باعها به فأنزل الله هذه الآية وبه إلى داود عن رجل عن مجاهد نحوه
4 - سبب آخر قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس إن أناسا من علماء اليهود أولي فاقة كانوا ذوي حظ من علم التوراة فأصابتهم سنة فأتوا كعب بن
الأشرف يستميرونه فسألهم كعب هل تعلمون أن هذا الرجل يعني رسول الله في كتابكم قالوا نعم وما تعلمه أنت قال لا قالوا فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله قال كعب لقد قدمتم علي وأنا أريد أن أميركم وأكسوكم فحرمكم الله خيرا كثيرا قالوا فإنه شبه لنا فرويدا حتى نلقاه فانطلقوا فكتبوا صفة سوى صفته ثم أتوا النبي فكلموه ثم رجعوا إلى كعب فقالوا قد كنا نرى أنه هو فأتيناه فإذا هو ليس بالنعت الذي نعت لناا وأخرجوا النعت الذي كتبوه ففرح كعب بذلك ومارهم فأنزل الله تعالى هذه الآية وسبق نظيرها في البقرة إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار الآية
5 - وقال ابن الكلبي أيضا عن أبي صالح باذان عن ابن عباس نزلت في امرئ القيس 272 ابن عابس استعدى عليه عيدان بن أشوع في أرض ولم يكن له بينة فأمره رسول الله أن يحلف الحديث
205 - قوله ز تعالى وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب الآية 78
1 - نقل الثعلبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس نزلت في اليهود والنصارى حرفوا التوراة والإنجيل وضربوا كتاب الله بعضه ببعض وألحقوا به ماليس منه وأسقطوا منه الدين الحنيف
2 - وأخرج الطبري من طريق قتادة إنهم اليهود حرفوا كتاب الله وابتدعوا
فيه وزعموا أنه من عند الله
ومن طريق الربيع بن أنس مثله
ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه وقال كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل الله
وقال مقاتل بن سليمان هم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وأبو ياسر وحيي ابنا أخطب وسعية بن عمرو يلوون ألسنتهم بالكتاب يحرفونه كتبوا غير نعت محمد وحذفوا نعته ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله
206 - قوله تعالى ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله الآية 79
1 - أخرج الطبري من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال قال أبو نافع القرظي حين اجتمعت الأحبار
من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله ودعاهم إلى الإسلام أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى فقال رجل من أهل نجران يقال له الرئيس أو ذاك تريد يا محمد وإليه 273 تدعونا فقال معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني أو كما قال فأنزل الله في ذلك من قولهما ما كان لبشر
وذكره الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نحوه فقال معاذ الله أن نعبد غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني فنزلت
2 - ومن طريق سنيد ثم عن ابن جريج كان ناس من يهود يتعبدون الناس من دون ربهم بتحريفهم كتاب الله عن موضعه فنزلت
3 - قول آخر أخرج عبد بن حميد عن روح عن عوف عن الحسن بلغني أن رجلا قال يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك قال لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فأنزل الله عز و جل هذه الآية إلى قوله بأنا مسلمون
4 - قول آخر قال مقاتل بن سليمان ما كان لبشر يعني عيسى بن مريم و الكتاب الإنجيل ونقل الثعلبي عن الضحاك نحوه وزاد نزلت في نصارى نجران
207 - قوله تعالى أيأمركم بالكفر 80
يعني بعبادة عيسى وعزير
قال مقاتل نزلت ردا على كردم بن قيس والأصبغ بن زيد
208 - قوله تعالى أفغير دين الله يبغون 83
نقل الثعلبي عن ابن عباس اختصم أهل الكتاب إلى رسول الله فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم كل فرقة زعمت أنه أولى بدينه فقال النبي كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم فغضبوا وقالوا والله ما نرضى بقضائك ولا بدينك
فأنزل الله تعالى أفغير دين الله يبغون
209 - قوله تعالى قل آمنا بالله وما أنزل علينا الآية 84
274 - قال ابن ظفر لما تكلم اليهود بما قالوه والنصارى بما ليس لهم أمر الله نبيه أن يقول للمسلمين قل آمنا بالله وما أنزل علينا الآية فأخبر أنهم يؤمنون بجميع الأنبياء ولا يفرقون بين أحد منهم
210 - قوله ز تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه الآية 85
أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين الآية فأنزل الله بعد ذلك ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه
وقال مقاتل نزلت في طعمة بن أبيرق من الأوس ارتد عن الإسلام ولحق بكفار مكة
211 - قوله تعالى كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم الآية 86
1 - أخرج النسائي والطبري وصححه ابن حبان والحاكم من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله هل لي من توبة فسألوا فقالوا إن صاحبنا قد ندم وإنه قد أمرنا أن نسأل هل له توبة فنزلت كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم إلى قوله إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم فأرسل إليه فأسلم
وفي رواية فلما قرئت عليه قال والله ما كذبني قومي على رسول الله ولا كذب رسول الله والله تعالى أصدق الثلاثة فرجع تائب فقبل منه
هذا لفظ الطبري عن محمد بن عبد الله بن بزيع عن يزيد بن زريع عن داود وأخرجه البزار عن ابن بزيع هذا فقال في أوله إن قوما أسلموا ثم ارتدوا 275 ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون فذكره
والبزار كان يحدث من حفظه فيهم والمحفوظ ما رواه ابن جرير ومن وافقه
وقال عبد بن حميد نا أبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة أن رجلا ارتد عن الإسلام فذكر نحوه ولم يذكر ابن عباس
وروى حميد الأعرج عن مجاهد قال كان الحارث بن سويد قد أسلم وكان مع رسول الله ثم لحق بقومه وكفر فأنزل الله تعالى كيف يهدي الله قوما الآية فحملها إليه رجل من قومه فقرأهن عليه فقال الحارث والله إنك ما علمت لصادق
وإن رسول الله لصدوق وإن الله لأصدق الثلاثة ثم رجع فأسلم إسلاما حسنا أخرجه مسدد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه
وأخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق جميعا عن جعفر بن سليمان عن حميد به وذكر ابن إسحاق في السيرة الكبرى إن الحارث بن سويد بن صامت كان منافقا فخرج يوم أحد مع المسلمين فلما التقى الناس غدا على مسلمين فقتلهما ثم لحق بمكة بقريش ثم بعث إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة فأنزل الله فيه هذه الآيات وذكر إن المقتول هو المجذر بن ذياد وقيس بن زيد من بني ضبيعة
وتعقب ابن هشام ذكر قيس بن زيد فإنه لم يعد في قتلى أحد
وأورد الطبري من طريق أسباط عن السدي نحور رواية حميد الأعرج
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هو رجل من بني عمرو بن عوف فذكره مختصرا ولم يسمه
وذكر سنيد عن حجاج عن ابن جرير عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال لحق رجل بأرض الروم فتنصر ثم كتب إلى قومه أرسلوا لي هل لي من توبة الحديث
وبه إلى ابن جريج قال قال عكرمة في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح بن الأسلت في اثني عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا 276 بقريش ثم كتبوا إلى أهليهم هل لنا من توبة فنزلت إلا الذين تابوا من بعد ذلك
وساق مقاتل بن سليمان من أسماء الاثني عشر طعمة بن أبيرق أوسي
ومقيس بن صبابة ليشى وعبد الله بن أنس بن حنظل تيمي ووحوح ابن الأسلت أوسي وأبو عامر الراهب أوسي والحارث بن سويد أوسي ثم ذكر ندم الحارث بن سويد ومكاتبته أخاه الجلاس
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس كيف يهدي الله قوما الآية هم أهل الكتاب عرفوا محمدا ثم كفروا به
وبسند حسن عن الحسن قال
اليهود والنصارى نحوه وزاد عرفوه فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فكذبوه وأنكروه
ومن طريق معمر عن الحسن نحوه باختصار
212 - قوله تعالى إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا الآية 90
أخرج الطبري من طريق عباد بن منصور عن الحسن قال هم اليهود والنصارى
ومن طريق معمر عن قتادة نحوه قال وقال عطاء الخراساني مثل ذلك وذكره الثعلبي عن عطاء الخراساني بلفظ نزلت في اليهود كفروا بعيسي ثم ازدادوا كفرا بمحمد
وأخرج عبد بن حميد عن روح عن الثوري عن داود عن أبي العالية وعن روح عن سعيد عن قتادة هم اليهود نحو الأول قال أبو العالية تابوا من الذنوب ولم يتوبوا من الكفر
وأخرجه الطبري من طريق داود بن أبي هند عن رفيع وهو أبو العالية قال ازدادوا كفرا ازدادوا ذنوبا وهم كفار فلن تقبل توبتهم من تلك الذنوب ما كانوا على كفرهم وضلالتهم
وأخرج سنيد من طريق ابن جريج عن مجاهد ثم ازدادوا كفرا تموا على كفرهم 277 قال ابن جريج لن تقبل توبتهم يقول إيمانهم أول مرة لن ينفعهم
وأخرج الطبري من طريق السدي ازدادوا كفرا أي ماتوا وهم كفار وعند موته لا تقبل توبته
وقال ابن الكبي نزلت في الأحد عشر رفقة الحارث بن سويد لما رجع الحارث
قالوا نقيم بمكة ما بدا لنا فمتى أردنا رجعنا فنزل فينا ما نزل في الحارث فلما افتتحت مكة دخل في الإسلام من دخل منهم فقبلت توبته ونزلت فيمن مات منهم كافرا هذه الآية
ونقل مقاتل بن سليمان نحوه لكن في آخره فأخرجوا من مكة
213 - قوله ز تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون 92
يؤخذ من قصة إسرائيل في تحريمه على نفسه أحب الطعام إليه وأحب الشراب إليه كما سيأتي في الذي بعده أنه كان في شرعهم التقرب بترك بعض المباحات تحريما فشرع الله تعالى لهذه الأمة أن يتقربوا إلى الله بالصدقة بما يحبون فيحصل التوافق في الترك لكن كان أولئك إذا حرموه اقتصروا على عدم تناوله من غير أن يقترن بذلك بذله لغيرهم فيحصل لهم ثواب ذلك الإنفاق مضافا إلى التورع عن تناول ذلك ومن هنا يظهر أن مجرد ترك المباح لا يستقل بالاستحباب وبالله التوفيق
214 - قوله تعالى كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة الآية 93
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال قالت اليهود إنما نحرم ما
حرم إسرائيل على نفسه وإنما حرم إسرائيل العروق وكن يأخذه عرق النساء كان يأخذه بالليل ويتركه بالنهار فحلف لئن الله عافاه منه لا يأكل عرقا أبدا 278 فحرمه الله عليه ثم قال فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين يعني فإن فيها أنه ما حرم عليكم هذا غيري ببغيكم على أنفسكم وأنتم تحرمونه كتحريم إسرائيل له وهو كقوله في سورة النساء فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم
هذا قول السدي وقد خالفه الضحاك في بعضه وأخرجه الطبري أيضا من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك فذكر صدر الكلام في تحريم إسرائيل ثم قال كان ذلك قبل نزول التوراة فسأل نبي الله اليهود ما هذا الذي حرم إسرائيل على نفسه فقالوا نزلت التوراة بتحريم الذي حرم فقال الله لمحمد قل فأتوا بالتوراة إلى قوله هم الظالمون فكذبوا وافتروا لم أنزل التوراة بذلك
ومن طريق العوفي عن ابن عباس فذكر نحو الضحاك لكن قال لئن عافاني الله منه لا يأكه لي ولد وليس تحريمه مكتوبا في التوراة فسأل النبي نفرا من أهل الكتاب فقال ما شأن هذا حراما عندكم قالوا هو حرام علينا من قبل التوراة
فأكذبهم الله فقال كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل الآية
وأخرجه سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس فذكر نحوه وفيه فقال اليهود نزلت التوراة بتحريمه كذبوا ليس في التوراة
ثم ذكر الطبري بسند صحيح إلى ابن عباس في قوله تعالى إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قال كان به عرق النساء فجعل على نفسه لئن شفاه الله منه لا يأكل لحوم الإبل قال فحرمته اليهود وتلا قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين أي أن 279 هذا كان قبل التوراة ومن هذا الوجه أيضا كان حرم العروق على نفسه ولحوم الإبل وكان أكل من لحومها فبات ليلة يرزقو فحلف أن لا يأكله أبدا
ونقل الثعلبي عن الكلبي وأبي روق إن النبي لما قال أنا على ملة إبراهيم قالت اليهود كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها فقال النبي إن ذلك حلا لإبراهيم فنحن نحله فقالت اليهود كل شيء نحرمه فإنه كان محرما على نوح وإبراهيم وهلم جرا حتى انتهى إلينا فأنزل الله تعالى تكذيبا لهم كل الطعام كان حلا
ونقل أيضا من طريق جويبر عن الضحاك إن يعقوب كان نذر إن وهب الله
له اثني عشرا ولدا وأتى بيت المقدس صحيحا أن يذبح آخرهم فتلقاه ملك فقال له يعقوب هل لك في الصراع فعالجه فلم يصرع واحد منهما صاحبه وغمزه الملك غمزة فعرض له عرق النساء من ذلك وقال له أما أني لو شئت أن أصرعك لصرعتك ولكني غمزتك هذه الغمزة لأنك كنت نذرت إن أتيت بيت المقدس صحيحا ذبحت آخر ولدك وقد جعل الله لك بهذه الغمزة مخرجا فلما قدمها يعقوب أراد ذبح ولده ونسي قول الملك فقال له قد وفيت بنذرك فدعه لا تذبحه
تنبيه
تقدم في أوائل البقرة في الكلام على قوله تعالى قل من كان عدوا لجبريل الآية شيء يتعلق بقصة يعقوب في تحريمه لحوم الإبل وألبانها وأنه كان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فنذر إن شفاه الله أن يحرمهما وبذلك جزم مقاتل بن سليمان ينبغي أن يستحضرهنا 280
214 - قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة 96
ذكر الثعلبي وتبعه الواحدي وابن ظفر عن مجاهد تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود بيت المقدس أفضل لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة وقال المسلمون مكة أفضل فأنزل الله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة الآية
هكذا ذكره الثعلبي بغير إسناد ولم أر له عن مجاهد ذكرا وإنما ذكره مقاتل ابن سليمان
فقال إن المسلمين واليهود اختصموا في أمر القبلة فقال المسلمون القبلة الكعبة وقالت اليهود القبلة بين المقدس فأنزل الله عز و جل أن الكعبة أول مسجد كان في الأرض والكعبة قبلة لأهل المسجد الحرام والمسجد الحرام قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض
215 - قوله ز تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا الآية 97
أخرج الفاكهي في كتاب مكة من طريق ابن جريج عن عكرمة ومن طريق ابن أبي نجيح سمعت عكرمة قال لما نزلت ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه قالت اليهود فنحن على الإسلام فما يبتغي منا محمد فأنزل الله عز و جل حجا مفروضا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا الآية فقال النبي كتب عليكم الحج
زاد ابن أبي نجيح عن عكرمة فقال الله تعالى لنبيه حجهم أي اخصمهم فقال لهم حجوا فقالوا لم يكن علينا فأنزل الله فمن كفر فإن الله غني عن العالمين فأبوا وقالوا ليس علينا حج
وهو عند الفريابي وعبد بن حميد والطبري 281 من طريق ابن أبي نجيح عن عكرمة ولفظه لما نزلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا قال الملل نحن مسلمون فنزلت فحج المسلمون وقعد الكفار
وقال سعيد بن منصور في السنن نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عكرمة فذكره إلى قوله قيل لهم حجوا فإن الله فرض على المسلمين حج البيت من استطاع إليه سبيلا فقالوا لم يكن علينا وأبوا أن يحجوا قال الله ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
ومن طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال آية فرقت بين المسلمين وأهل الكتاب لما نزلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه قالت اليهود قد أسلمنا فنزلت ولله على الناس حج البيت الآية فقالوا لا نحجه أبدا
ومن طريق ليث ابن أبي سليم أيضا لما قالوا إن إبراهيم كان على ديننا قال لهم إن إبراهيم كان يحج البيت وأنتم تعلمون ذلك فنزل في ذلك قوله تعالى ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
وروى أبو حذيفة النهدي من تفسير سفيان الثوري عن أبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن جعفر قال قال سعيد بن المسيب نزلت في اليهود حيث قالوا الحج إلى مكة غير واجب فأنزل الله تعالى ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
وأخرج الطبري من طريق جويبر عن الضحاك قال لما نزلت آية الحج جمع رسول الله أهل الأديان كلهم فخطبهم فقال يا أيها الناس أن الله كتب عليكم الحج فحجوا فآمنت به ملة واحدة وهم من صدق به وآمن وكفرت به خمس ملل قالوا لا نؤمن به ولا نستقبله ولا نصلي إليه فأنزل الله تعالى ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
216 - قوله تعالى قل يا أهل 282 الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعلمون إلي قوله صراط مستقيم 98 - 101
قال الطبري ذكر أن هاتين الآيتين قل يا أهل الكتاب لم تكفرون وما بعدهما إلى قوله وأولئك لهم عذاب عظيم نزلت في رجل من اليهود حاول الإغراء بين الأوس والخزرج بعد الإسلام ليراجعوا ما كانوا عليه في الجاهلية من العداوة والبغضاء فعنفه الله تعالى بفعله ذلك وقبح له ما فعل ونهى عن الافتراق وأمرهم بالاجتماع
ثم ساق من طريق محمد بن إسحاق حدثني الثقة عن زيد بن أسلم قال مر شأس بن قيس وكان شيخا عظيم الكفر قد عسا في الجاهلية شديد الضغن على المسلمين والحسد لهم بنفر من أصحاب رسول الله من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من إلفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال قد اجتمع ملأ ابني قيلة بهذه البلاد ولا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملأهم بها من قرار فأمر فتى
شابا من يهود وكان معه فقال اعمد إليهم فاجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار وكان يوم بعاث اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس ففعل فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان على الركب وهما أوس بن قيظي من الأوس وجبار بن صخر من الخزرج فقال أحدهما لصاحبه إن شئتم والله رددناها جذعة وغضب 283 الفريقان جميعا وقالوا قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة فخرجوا إليها وتحاوز الناس فانضمت الأوس بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله فخرج إليهم في من معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال يا معشر المسلمين الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى الإسلام وألف به بينكم ترجعون إلي ما كنتم عليه كفارا فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدوهم شأس بن قيس وما صنع وفي شأس بن قيس وأوس بن قيظي وجبار بن صخر
نزلت الآيات المذكورات الخبر بطوله وفي آخره قال جابر ما من كان طالع أكره إلينا منه فأومأ إلينا بيده فكففنا وأصلح الله ما بيننا فما كان شخص أحب إلينا منه وما رأيت يوما قط أوحش أولا ولا أطيب وأحسن آخرا من ذلك اليوم
217 - قوله ز تعالى قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا الآية 99
تقدم في نظيرتها أنها نزلت في حذيفة وعمار بن ياسر حين دعوهما إلى دينهم
218 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردونكم بعد إيمانكم كافرين الآية 100 وما بعدها
تقدم ما فيه قبل فصل وأخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره 284
عن مؤمل بن إسماعيل وعبد بن حميد عن سليمان بن حرب وابن أبي حاتم عن أبيه عن عارم محمد بن الفضل ثلاثتهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال كان بين هذين الحيين الأوس والخزرج قتال في الجاهلية فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم فجلس يهودي مجلسا فيه نفر من الأوس والخزرج فأنشد شعرا قاله أحد الحيين في حربهم فكأنهم دخلهم من ذلك فقال الآخرون قد قال شاعرنا يوم كذا كذا وكذا فقالوا تعالوا نرد الحرب جذعة كما كانت فنادى هؤلاء يا للأوس ونادى هؤلاء يا للخزرج فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب الآية فجاء النبي حتى قام بين الصفين فرفع صوته يقرؤها فلما سمعوا صوته أنصتوا وجعلوا يستمعون له فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا وجثوا يبكون
طريق آخر قال عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن
مجاهد قال كان بين الأوس والخزرج حرب وشنآن ودماء حتى من الله عليهم بالإسلام وبالنبي فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم وألف بين قلوبهم فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج يتحدثان ومعهما يهودي جالس فذكرهما أيامهما حتى استبا ثم انفتلا فنادى هذا قومه وهذا قومه فخرجوا بالسلاح وصفوا للقتال ورسول الله شاهد بالمدينة يومئذ فجاء فلم يزل يمشي بينهم ليسكتهم حتى رجعوا ووضعوا 285 السلاح وأنزل الله تعالى هذه الآية
وأخرجه الطبري من طريقه
طريق آخر الأشجعي في تفسير سفيان الثوري عن سفيان
وأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع كلاهما عن الأغر عن خليفة بن حصين عن أبي نصر عن ابن عباس قال كان الأوس والخزرج يتحدثون فغضبوا حتى كان بينهم حرب فأخذوا السلاح ومشى بعضهم إلى بعض فنزلت وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله إلى قوله فأنقذكم منها
وفي رواية قيس بن الربيع شر في الجاهلية فذكروا ما بينهم فثار بعضهم إلى
بعض بالسيوف فأتى رسول الله فذهب إليهم فنزلت
وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع أيضا
سياق آخر أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب الآية نزلت في ثعلبة بن عنمة الأنصاري كان بينه وبين أناس من الأنصار كلام فمشى بينهم يهودي من بني قينقاع فحمل بعضهم على بعض حتى همت الطائفتان من الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح فيتقاتلوا فأنزل الله هذه الآية
سياق آخر ذكر الثعلبي عن عطاء أن رسول الله صعد المنبر فقال يا معشر المسلمين مالي أوذى في أهلي يعني عائشة في قصة الإفك فذكر الحديث ومراجعة السعدين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فثار الحيان حتى هموا أن يقتتلوا فلم يزل رسول الله حتى سكنهم فأنزل الله تعالى يا أيها الذين 286 آمنوا اتقوا الله حق تقاته إلى قوله فأصبحتم بنعمته إخوانا
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج قال نزل قوله إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فيما كان بين الأوس والخزرج في شأن عائشة
وأخرجها الطبري من هذا الوجه أتم منه
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال نزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته الآية بعد الآيات المذكورة قال فتقدم إلى المؤمنين من
الأنصاري فقال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وما بعدها
219 - قوله ز تعالى واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا الآية 103
قال عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة لقي رسول الله نفر من الأنصار فآمنوا به وصدقوه وأراد أن يذهب معهم فقالوا يا رسول الله إن بين قومنا حربا وإنا نخاف إن جئت على هذه الحال أن لا يتهيأ لك الذي تريد فواعدوه العام المقبل وقالوا نذهب يا رسول الله لعل الله يصلح تلك الحرب ففعل فأصلح الله تلك الحرب وكانوا يرون أنها لا تصلح أبدا يعني بعد يوم بعاث فلقي رسول الله منهم سبعين رجلا فذلك قوله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا قال فهداهم الله إلى الإسلام من الضلال ووسع عليهم في الرزق ومكن لهم في البلاد
وقال الثعلبي يشير بذلك إلى قصة إسلام الأوس والخزرج ومبايعتهم
النبي بالعقبة ثم ساقها بطولها من السيرة النبوية
وقد ذكر قبله الطبري وأخرج القصة من طريق سلمة بن الفضل عن محمد ابن إسحاق 287 حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه فذكرها وفي أولها إن إبتداء ذلك أن سويد بن الصامت أحد بني عمرو بن عوف من الأوس قدم مكة حاجا أو معتمرا فتصدى لرسول الله فسمع منه فدعاه إلى الإسلام فقال لعل الذي معك مثل الذي معي فقال وما الذي معك قال حكمة لقمان فعرضها عليه فقال إن هذا لكلام حسن ولكن معي أفضل من هذا قرآن أنزله الله علي نورا وهدى وتلا عليه فقال إن هذا القول حسن ولم يبعد من الإسلام فانصرف إلى المدينة فلم يلبث أن قتله الخزرج قبل يوم بعاث وكان قومه يقولون إنه أسلم ثم قدم أبو الحيسر أنس بن رافع ومعه فتية من بني عبد الأشهل من الأوس أيضا فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على الخزرج فأتاهم النبي فجلس إليهم وقال لهم هل لكم إلى خير مما جئتم فيه فذكر لهم أن الله أرسله وأنزل عليه الكتاب ودعاهم إلى الإسلام وتلا عليهم القرآن فقال إياس بن معاذ وكان غلاما حدثا أي قوم هذا والله خير مما جئتم له فأخذ أبو الحيسر كفا من البطحاء فضرب بها وجه إياس بن معاذ وقال دعنا عنك فلعمري لقد جئنا لغير هذا
فسكت عنه وانصرفوا إلى المدينة فكانت وقعة بعاث فحج نفر من الأوس والخزرج فلقيهم رسول الله كعادته في الموسم يعرض نفسه على القبائل فلقي ستة نفر منهم أسعد بن زرارة فجلس معهم وكلمهم ودعاهم إلى الإسلام وتلا عليهم القرآن وكان مما صنع الله أنهم كانوا أصحاب أوثان ومعهم ببلادهم طوائف من اليهود أهل كتاب وعلم 288 فإذا كان بينهم منازعة قالوا لهم إن نبيا يبعث قد أظل زمانه فإذا بعث تبعناه ونقتلكم معه قتل عاد فلما كلمهم النبي قالوا وهذا والله النبي الذي توعدنا به يهود فاستبقوهم إليه ففعلوا فسمعوا منه القرآن ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا وأذعنوا وأراد أن يتوجه معهم إلى بلادهم وقالوا له إنا تركنا وراءنا قوما لا قوم بينهم من العداوة والبغضاء والشر ما بينهم فعسى الله أن يجمعهم بك وسندعوهم إليك فإن أجابوا فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا مسلمين فدعوا قومهم إلى الإسلام فلم يبق دار من دور الأوس والخزرج إلا وفيها ذكر رسول الله حتى إذا كان العام المقبل وافي الموسم اثنا عشر رجلا فيهم عبادة بن الصامت وغيره من الخزرج وعويم بن ساعدة وغيره من الأوس وفيهم من الستة الأول أسعد بن زرارة
وغيره فاجتمعوا بالنبي بالعقبة فبايعوه وهذه هي العقبة الأولى ثم رجعوا ففشا الإسلام في المدينة
ثم وافى الموسم أهل العقبة الثانية ليدعوا من استطاعوا من عشائرهم إلى الإسلام فدعوهم وهم اثنان وسبعون رجلا فبايعوه وأرسل معهم مصعب بن عمير يفقههم فنزل على أسعد بن زرارة ثم دخل في الإسلام أكابر الأوس ثم الخزرج وأذن الله لنبيه في الهجرة فهاجر المسلمون أولا فأولا إلى أن هاجر النبي في شهر ربيع الأول فجمع الله على دينه الأوس والخزرج وأزال الشر الذي بينهم وارتفعت الحرب والشر والبغضاء عنهم وصاروا إخوانا متآلفين بعد الفرقة فوقعت 289 الإشارة في الآية إلى ذلك
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة في هذه الآية إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا الآية قال كان هذا شأن العرب أبين الناس ضلالة وأشقاه عيشا وأعراه جلدا وأجوعه بطنا فزال ذلك عنهم كله بالإسلام
220 - قوله ز تعالى ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد الآية 105
قال الثعلبي قال أكثر المفسرين هم اليهود والنصارى وقال بعضهم هم المبتدعة من هذه الأمة
قلت أخرج الطبري الأول عن الربيع بن أنس والحسن والبصري وغيرهما وأخرج الثاني عن السدي بمعناه
ومن طريق أبي غالب عن أبي أمامة قال هم الخوارج
221 - قوله تعالى فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم 106
قال يونس بن أبي مسلم سألت عكرمة عنها فقال لو فسرتها لم أخرج من تفسيرها ثلاثة أيام ولكن سأجمل لك هؤلاء قوم أهل من الكتاب كانوا مصدقين بأنبيائهم وبمحمد قبل أن يبعث فلما بعث كفروا به ذكروا الثعلبي
وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع عن يونس عن أبي سلمة قال قدم علينا عكرمة فأمرني رجل أن أسأله عن هذه الآية فقال لو فسرتها لم أتفرغ من تفسيرها ثلاثة أيام ولكني سأجمل لك هؤلاء قوم من أهل الكتاب كانوا مصدقين بأنبيائهم مصدقين لهم وبمحمد فلما بعث كفروا به فذلك قوله تعالى أكفرتم بعد إيمانكم
قال أبو سلمة فأخبرت الذي أرسلني بذلك فقال صدق
222 - قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية 110
قال الثعلبي قال عكرمة ومقاتل نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب 290 ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهوذا قالا لهم إن ديننا خير مما تدعونا إليه ونحن خير وأفضل منكم فأنزل الله هذه الآية
قلت أما عكرمة فأخرجة سنيد في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال قال عكرمة نزلت فذكره ولم يذكر وذلك أن مالك بن الصيف إلى آخره
أما مقاتل فإن لفظه بعد أن ذكر الآية وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهوذا قالا لعبد الله بن مسعود إلى آخره فعلى هذا فنسبة الكلام إلى عكرمة ومقاتل المراد بها التوزيع فإن كلا منهما ذكر النصف وهو خلاف ما يتبادر والله المستعان
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وصححه الحاكم
والطبري كلهم من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمع النبي يقوله في قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس قال أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز و جل
وأخرج الطبري من طريق قتادة قال بلغنا أن عمر حج فرأى من الناس رعة سيئة وقرأ هذه الآية كنتم خير أمة أخرجت للناس ثم قال قال من سره أن يكون منهم فليؤد شرط الله فيها
223 - قوله تعالى لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار الآية 111
قال مقاتل بن سليمان عمد رؤساء اليهود كعب يعني ابن الأشرف وعدي وبحري والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وكنانة وابن صوريا إلى عبد الله بن سلام ومن أسلم من اليهود فآذوهم بالقول لكونهم أسلموا فأنزل الله عز 291 وجل هذه الآية
والمراد بالأذى الطعن باللسان أو الدعاء إلى الضلال فإن المسلم يتأذى بسماع ذلك وأما لو اتفق بينهم قتال فإنهم يخذلون
224 - قوله تعالى ليسوا سواء الآية 113
قال الثعلبي عن ابن عباس ومقاتل لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت اليهود ما آمن بمحمد إلا شرارنا وقالوا لابن سلام وأصحابه لقد خسرتم حين استبدلتم بدينكم وقد عاهدتم الله أن لا تتركوا دينكم فنزلت
قلت أما مقاتل فهو موجود في تفسيره
وأما ابن عباس فأخرجه الطبري من طريق العوفي عنه بنحوه
وأخرج الطبري أيضا من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة وأسيد ابنا سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قال أهل الكفر من
أحبارهم ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم فأنزل الله عز و جل ليسوا سواء الآية
ونقل الثعلبي عن عطاء قال نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران من العرب واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى فلما بعث محمد صدقوا به وكان في الأنصار منهم عدة قبل الهجرة منهم أسعد بن زرارة والبراء بن معرور ومحمد بن مسلمة وصرمة بن قيس كانوا موحدين ويغتسلون من الجنابة ويقومون بما عرفوا من الحنيفية
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال أمة قائمة هم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سلام أخوه وسعية 292 ومبشر وأسد وأسيد ابنا كعب
225 - قوله تعالى من أهل الكتاب أمة قائمة الآية 113
1 - قال ابن جرير مقتضى كلام ابن عباس وقتادة وابن جريج إن الكلام فيما يتعلق بأهل الكتاب تم عند قوله ليسوا سواء وإن قوله من أهل الكتاب أمة قائمة خبر مبتدأ عن مدح من آمن منهم بمحمد
2 - وأخرج أحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة من طريق عاصم عن
زر بن حبيش عن ابن مسعود قال أخر النبي ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال
أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال ونزلت هذه الآيات من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله إلى قوله بالمتقين
وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع عن عاصم وقال فيه لا أعلم أحدا من أهل الأديان إلى آخره
وأخرجه ابن جرير من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن سليمان عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال احتبس عنا رسول الله
ذات ليلة عند بعض أهله ونسائه فلم يأتنا لصلاة العشاء حتى ذهب ثلث الليل فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع فبشرنا فقال إنه لا يصلي أحد هذه الصلاة من أهل الكتاب فأنزلت ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة إلى قوله يسجدون
سياق آخر أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر بلغني أنها نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء رجاله ثقات وهو مقطوع أو موقوف
226 - قوله تعالى إن الذين كفروا لن تغني 293 عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا إلى قوله ولكن أنفسهم يظلمون 116 - 117
قال مقاتل بن سليمان وهي نفقة سلفة اليهود على علمائهم ورؤسائهم كعب بن الأشرف وأصحابه
وقال ابن ظفر لما تضمن قوله تعالى فيما قبله وصف المؤمنين ذكر بعدها ما اعتمده الكفار وأهل الكتاب من إنفاق أموالهم في الصد عن سبيل الله وإن ذلك لا يغني عنهم شيئا
وعن مجاهد المراد نفقات الكفار وصدقاتهم أخرجه الطبري
وعن يمان بن المغيرة نفقة أبي سفيان وأصحابه ببدر وأحد على عداوة الرسول
227 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا الآية 118
قال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس نزلت في قوم مؤمنين كانوا يصافون المنافقين ويواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من القرابة والصداقة والحلف والجوار والرضاعة فنزلت هذه الآية
فنهوا عن مباطنتهم خوف الفتنة عليهم
وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نزلت في المنافقين من أهل المدينة ينهى المؤمنين أن يتولوهم
وأخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال نزلت هذه الآيات في المنافقين
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال كانوا إذا رأوا من المؤمنين جماعة وائتلافا ساءهم ذلك وإذا رأوا منهم افتراقا واختلافا فرحوا وقال مقاتل بن سليمان دعا اليهود منهم أصبغ ورافع ابنا حرملة وهما من رؤوسهم عبد الله بن أبي ومالك بن دخشم إلى اليهودية 294 وزينا لهم ترك الإسلام حتى أرادوا أن يظهروا الكفر فأنزل الله تعالى هذه الآية يحذر من اتباع اليهود ويبين عداوتهم لهم
228 - قوله تعالى وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال الآية 121
قال يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده نا عبد الله بن جعفر
المخرمي عن ابن عون عن المسور بن مخرمة قال قلت لعبد الرحمن بن عوف أي خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد قال اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال إلى قوله من بعد الغم أمنة نعاسا
أخرجه ابن أبي حاتم والواحدي من طريقه وليس في هذا سبب نزول وإنما كتبته تبعا له
229 - قوله ز تعالى إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما الآية 122
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو
ابن دينار سمعت جابر بن عبد الله يقول فينا نزلت إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما قال نحن الطائفتان بنو حارثة وبنو سلمة وما نحب أنها لم تنزل لقول الله والله وليهما
وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية قال هم بنو حارثة وكانوا من نحو أحد وبنو سلمة وكانوا من نحو سلع وذلك يوم الخندق كذا قال
ومن طريق قتادة كان ذلك يوم أحد
وقال الطبري اختلف في يوم التبوئة الذي عني بقوله وإذ غدوت من أهلك
ثم أسند من طريق العوفي عن ابن عباس قال كان ذلك يوم أحد
ومن طريق ابن أبي نجيح 295 عن مجاهد قال مشى النبي ذلك اليوم على رجليه
ومن طريق قتادة ومن طريق الربيع بن أنس غدا النبي من أهله إلى أحد ومن طريق أسباط عن السدي نحوه
ومن طريق عباد بن راشد عن الحسن البصري كان ذلك يوم الأحزاب ويوافقه قول مجاهد الآتي بعد
وبذلك جزم مقاتل بن سليمان فقال قوله تعالى وإذ غدوت من أهلك أي على راحتلك يوم الأحزاب توطن للمؤمنين مقاعد في الخندق قبل أن يسبق إليه الكفار ثم قال إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا قال هما حيان من الأنصار من بني حارثة ومنهم أوس بن قيظي وأبو عمير بن أوس وابن يامين ومن بني سلمة بن جشم هما بترك المركز من الخندق
كذا قال ورجح الطبري الأول فإنه لا خلاف بين أهل المغازي أن الطائفتين اللتين همتا أن تفشلا كان ذلك يوم أحد
وقال ابن إسحاق في المغازي حدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو وغيرهم من علمائنا أن رسول الله راح حين صلى الجمعة إلى أحد وقد لبس لأمته وكان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء فأقاموا به إلى أن خرج النبي فوصل إلى الشعب يوم السبت النصف من شوال وكان استشار أصحابه في الخروج إليهم فقال أكثر الأنصار اقعد يا رسول الله فإن دخلوا علينا قاتلناهم وإن رجعوا رجعوا خائبين وقال من كان غاب عن بدر وهو يرغب في الشهادة اخرج بنا إليهم فخرجوا فندموا وسألوا أن يقيم فقال لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل 296
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي نحو ذلك وعندهما إن الذين خرجوا معه كانوا ألفا فرجع عبد الله بن أبي بن سلول بثلاثمئة فناداهم عبد الله بن عمرو بن حرام ليرجعوا وناشدهم فأبوا وقالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم وقالوا لترجعن معنا وكان كل من عبد الله بن أبي وعبد الله بن عمرو من الخزرج فهمت بنو سلمة وهم من الخزرج وبنو حارثة وهم من الأوس أن يرجعوا أيضا ثم قوى الله
عزمهم فمضوا إلى أحد
230 - قوله ز تعالى ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة إلى قوله إن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين 123
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن عامر وهو الشعبي قال حدث المسلمون يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق ذلك على المسلمين فقيل لهم ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف الآيات قال فبلغت كرزا الهزيمة فرجع فلم يمدوا بالخمسة ولا بالثلاثة
ومن طريق عبيد الله بن موسى عن أبي إدام سليمان عن عبد الله بن أبي أوفى قال حاصرنا قريظة ما شاء الله فلم تفتح لنا فرجعنا فدعا رسول الله بغسل فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبريل فقال وضعتم أسلحتكم ولم تضعها الملائكة فلف رسول الله رأسه ثم نادى فينا فقمنا كالين حتى أتينا قريظة فيومئذ أمدنا الله بثلاثة آلاف من الملائكة وفتح الله لنا فتحا يسيرا فانقلبنا بنعمة من الله
وفضل
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قال لم يصبروا يوم أحد فلم يمدوا بالملائكة ولو مدوا بالملائكة لما انهزموا
قال وحدثنا ابن بشار نا عبد الرحمن هو ابن مهدي 297 انا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمعت عكرمة يقول لم يمدوا بملك واحد
ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال وعد رسول الله يوم أحد إن المؤمنون صبروا أمددتهم بخمسة آلاف من الملائكة ففروا فلم يمدوا
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم شرط عليهم إن صبروا أن يمدهم فلم يصبروا
ورجح الطبري هذه المقالة ثم قال
إن في القرآن دلالة على أنهم أمدوا يوم بدر بألف بخلاف أحد فإن الظاهر أنهم وعدوا بالمدد بشرط فلما تخلف الشرط لم يوجد المدد
231 - قوله تعالى ليس لك من الأمر شيء 128
1 - الجمهور على أنها نزلت في الدعاء على المشركين
أخرج البخاري والنسائي من طريق معمر عن الزهري حدثني سالم هو ابن عبد الله ابن عمر عن أبيه سمع رسول الله يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الثانية من الفجر اللهم العن فلانا وفلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فأنزل الله تعالى ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم الآية
زاد البخاري وعن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله كان رسول الله يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت
هكذا ذكره مرسلا ووصله أحمد من طريق عمر بن حمزة عن عمه سالم عن أبيه سمعت رسول الله يقول اللهم العن صفوان بن أمية فنزلت قال فتيب عليهم كلهم
ومن طريق محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر نحوه وقال فهداهم الله
للإسلام
وفي رواية كان يدعو على رجال من المشركين يسميهم بأسمائهم حتى نزلت
سياق آخر قال أحمد حدثنا هشيم نا حميد عن أنس إن النبي كسرت رباعيته يوم أحد وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله تعالى ليس لك من الأمر شيء
وأخرجه الفريابي عن أبي بكر بن عياش عن حميد عن أنس لما كان يوم أحد فذكره وفيه فقال وهو يمسح الدم عن وجهه كيف فذكره
وأخرج مسلم من رواية حماد عن ثابت عن أنس نحوه
وأخرج الطبري من طريق مطر الوراق عن قتادة قال كسرت رباعيته وفرق
حاجبه وعليه درعان والدم يسيل فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح الدم فأفاق وهو يقول كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم فنزلت
وأخرج عبد بن حميد عن روح عن عوف عن الحسن بلغني أن رسول الله لما انكشف عنه أصحابه يوم أحد وكسرت رباعيته وجرح وجهه قال وهو يصعد على أحد كيف يفلح يوم خضبوا وجه نبيهم
وأخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال نزلت هذه الآية على النبي يوم أحد وقد شج في وجهه وكسرت رباعيته فهم أن يدعو عليهم وقال كيف يفلح إلى آخره وهم أن يدعو عليهم فأنزل الله تعالى ليس لك من الأمر شيء فكف عن الدعاء عليهم
ونقل الثعلبي نحوه عن ابن الكلبي وزاد لعلمه أن كثيرا منهم سيؤمن
قلت هذا مردود لما ثبت في الصحيح أنه دعا عليهم 299
وقد أخرج الطبري من طريق مقسم أن النبي دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسرت رباعيته اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا فما حال عليه الحول حتى مات كافرا
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال عكرمة أدمى عبد الله بن قمئة
وجه رسول الله فدعى عليه فكان حتفه أن سلط الله عليه تيسا فنطحه فقتله
ويمكن الجمع بأن المنفي الدعاء على الجميع بهلاك يعمهم والثابت دعاء على قوم منهم بغير الهلاك وذلك بين في الذي بعده
سياق آخر أخرج الشيخان من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال لما رفع رسول الله رأسه من الركعة الثانية قال اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر الحديث
وفي رواية يونس بن يزيد عن الزهري عن سعد وأبي سلمة عن أبي هريرة وكان يقول حين يفرغ في صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم انج الوليد فذكره وزاد اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب وفي لفظ اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله قال ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل الله عليه ليس لك من الأمر شيء الآية
قلت وفي هذا نظر لأن ظاهر الآثار الماضية أن الآية نزلت أيام أحد وقصة بئر
معونة متراخية عن ذلك بمدة لكن يمكن الجمع بأن نزولها تأخر حتى وقعت بئر معونة فكان يجمع في الدعاء بين من شج 300 وجهه بأحد ومن قتل أصحاب بئر معونة فنزلت الآية في الفريقين جميعا فترك الدعاء على الجميع وبقي بعد ذلك الدعاء للمستضعفين إلى أن خلصوا وهاجروا وهذه أولى من دعوى النزول مرتين
2 - وقد جزم مقاتل بن سليمان بأن قوله ليس لك من الأمر شيء إنما نزلت في القراء أصحاب بئر معونة ولفظه نزلت هذه الآية في أهل بئر معونة وكانت في صفر سنة أربع بعثهم رسول الله ليعلموا الناس فقتلوا وهذا سبب آخر
وقال الزبير بن بكار في ترجمة بني نوفل بن عبد مناف من كتاب النسب ومطعم وأم طعيمة بن عدي بن نوفل فاختة بنت عباس بن عامر من بني
رعل بن عوف بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم وكان بنو رعل وأخوتهم بنو ذكوان أنجدوا عامر بن الطفيل على أصحاب رسول الله الذين قتلوا ببئر معونة من أجل قتل طعيمة يوم بدر
قال الزبير ولقتل أصحاب بئر معونة دعا رسول الله أربعين ليلة على رعل وذكوان وعصية حتى نزلت عليه ليس لك من الأمر شيء فأمسك عنهم
3 - سبب آخر نقل الثعلبي عن عبد الله بن مسعود أراد رسول الله أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك وتاب عليهم وأنزل هذه الآية
4 - سبب آخر ذكر ابن إسحاق وغير واحد إن المسلمين لما رأوا ما صنع المشركون بمن قتل من المسلمين من جدع أنوفهم وغير ذلك حزنوا وقالوا لئن أدالنا الله عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها واحد من العرب بأحد فأنزل الله هذه الآية
وحكاه الثعلبي أيضا عن 301 الشعبي وغيره
5 - سبب آخر ذكر الثعلبي عن عطاء قال أقام رسول الله بعد أحد أربعين يوما يدعو على أربعة من ملوك كندة حمد ومشرح ونحى والمعمودة وهي أختهم وعلى بطن من هذيل يقال لها لحيان وعلى بطون من سليم هم رعل وذكوان وعصية والقارة فأجاب الله دعاءه وقحطوا فلما انقضت الأربعون نزلت هذه
الآية
232 - قوله ز تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة الآية 130
أخرج أبو داود من طريق حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية فكره أن يسلم حتى يأخذه فجاء يوم أحد فقال أين بنو عمي قالوا بأحد قال فأين فلان قالوا بأحد قال فلبس لأمته وركب فرسه وتوجه قبلهم فلما رآه المسلمون قالوا إليك عنا يا عمرو قال إني قد آمنت فقاتل حتى جرح فحمل إلى أهله جريحا فجاء سعد بن معاذ فقال لأخته سليه حمية لقومك وغضبا لهم أو غضبا لله عز و جل فقال بل غضبا لله ورسوله قال فمات فدخل الجنة وما صلي لله صلاة
قلت ما زلت أبحث عن مناسبة ذكر آية الربا في وسط ذكر قصة أحد حتى وقفت على هذا الحديث فكأنها نزلت فيه فترك الربا وخرج إلى الجهاد فاستشهد أو أن ورثته طالبوا بما كان له من الربا فنهوا عنه بالآية المذكورة
233 - قوله ز تعالى وسارعوا إلى مغفرة من ربكم الآية 133
قال إسحاق بن راهوية وعبد بن حميد في تفسيريهما أنا روح بن عبادة نا محمد بن عبد الملك بن جريج عن أبيه عن عطاء 302 إن المسلمين قالوا للنبي بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه في عتبة بابه مكتوبة أجدع أذنك افعل كذا فسكت النبي فنزل والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية فقال النبي ألا أدلكم ألا أخبركم بخير من ذلكم فقرأ هذه الآيات
وهذا سند قوي إلى عطاء
وقد ذكره الثعلبي عن عطاء بغير إسناد ولكن قال فسكت النبي ونزلت وسارعوا إلى مغفرة أي سابقوا إلى الأعمال التي توجب المغفرة
وجدته في تفسير سنيد عن حجاج عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح فذكره إلى قوله فنزلت وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة إلى قوله والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم فقال رسول الله ألا أخبركم بخير من ذلك فقرأ هؤلاء الآيات
وأخرج سنيد أيضا عن عمر بن أبي خليفة عن علي بن زيد بن جدعان قال قال ابن مسعود كانت بنو إسرائيل إذا أذنبوا أصبح مكتوبا على بابه الذنب وكفارته فأعطينا خيرا من ذلك هذه الآية
234 - قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية 135
1 - نقل الثعلبي عن عطاء قال نزلت هذه الآية في نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فهل لك فيه
قالت نعم فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها فقالت له اتق الله فتركها وندم على ذلك فأتى النبي وذكر له ذلك فنزلت هذه الآية
قلت 303 وهو من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو كذاب
والمشهور في هذه القصة نزول إن الحسنات يذهبن السيئات وسيأتي في تفسير هود
2 - وذكره مقاتل بن سليمان فقال خرج رجل غازيا وخلف في أهله رجلا فتعرض له الشيطان فهوي المرأة فكان منه ما ندم عليه فأتى أبا بكر فذكر ذلك له فقال أما علمت أن الله يغار للمغازي فأتى عمر فذكر له فقال له مثل ذلك فأتى النبي فذكر ذلك له فأنزل الله هذه الآية فقال له النبي إنك ظلمت نفسك فاستغفر الله ففعل
ثم قال وقيل نزلت في عمر بن قيس ويكنى أبا مقبل قصة تأتي في سورة هود
3 - سبب آخر عن الثعلبي قال آخى رسول الله بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على نفسه فاشترى لهم اللحم ذات يوم فلما أرادت المرأة أن تأخذ منه دخل على أثرها فدخلت
المرأة بيتا فتبعها فأتقته بيدها فقبل يدها ثم ندم وانصرف فقال له والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك فخرج الأنصاري ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله فقالت لا أكثر الله في الإخوان مثله ووصفت له الحال والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا فطلبه الثقفي حتى وجده فأتى به أبا بكر رجاء أن يجد عنده راحة وفرجا فقال له الأنصاري هلكت قال وما أهلكك فذكر له القصة فقال له أبو بكر ويحك 304 أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم ثم لقيا عمر فقال مثل ذلك فأتيا النبي فقال له مثل مقالتهما فأنزل الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة الآية
وذكره الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رجلين أنصاريا وثقفيا آخى بينهما رسول الله فكانا لا يفترقان فخرج النبي في بعض مغازيه وخرج معه الثقفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته فكان يتعاهد أهل الثقفي فأقبل ذات يوم فأبصر امرأة صاحبه قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها فوقعت في نفسه فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها فذهب ليقبلها فوضعت كفها على وجهها فقبل ظاهر كفها ثم ندم واستحيا فأدبر راجعا فقالت سبحان الله خنت أمانتك وعصيت ربك ولم تصب حاجتك فندم على صنيعه فخرج يسيح في الجبال ويتقرب إلى الله من ذنبه حتى وافى الثقفي فأخبرته أهله بفعله فخرج يطلبه حتى دل عليه فوفقه ساجدا وهو يقول رب ذنبي قد خنت أخي فقال له يا فلان قم فانطلق إلى رسول الله فسله عن ذنبك لعل الله أن يجعل لك فرجا وتوبة فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة فكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل بتوبته فتلا على رسول الله
والذين إذا فعلوا فاحشة إلى قوله ونعم أجر العاملين فقال عمر يا رسول الله أخاص هذا به أم للناس عامة قال بل للناس عامة في التوبة
235 - قوله تعالى ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون الآية 139
أخرج الطبري 305 من طريق ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال كثر في أصحاب محمد القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرىء منهم اليأس فأنزل الله تعالى القرآن فآسى فيه المؤمنين بأحسن ما أسى به قوما من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية فقال ولا تهنوا ولا تحزنوا إلى قوله تعالى لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم
236 - قوله تعالى وأنتم الأعلون 139
أخرج سنيد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج في قوله ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون قال انهزم الصحابة في الشعب فنعى بعضهم بعضا وتحدثوا أن النبي قد قتل فكانوا في وهم وحزن فبينا هم كذلك إذ علا خالد بن الوليد الجبل بخيل المشركين فوقهم وهو أسفل في الشعب فلما رأوا النبي فرحوا وقال النبي اللهم لا قوة لنا إلا بك وليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر
وثاب نفر فلقوا النبي فصعدوا الجبل وفيهم رماة فرموا خيل المشركين حتى أزاحوهم وعلا المسلمون الجبل ونزلت وأنتم الأعلون
وعند الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أقبل خالد بن الوليد لما انهزم الصحابة يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي اللهم لا يعلون علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك وثاب نفر من المسلمين فأنزل الله تعالى ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
237 - قوله تعالى إن يمسسكم قرح 140
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من رواية الحكم بن أبان عن عكرمة قال ندم المسلمون كيف خلوا بينه وبين رسول الله وصعد رسول الله الجبل فجاء أبو سفيان فقال يا محمد الحرب سجال الحديث قال ونام
المسلمون وبهم كلوم ففيهم نزلت إن يمسسكم 306 قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس
وذكر الثعلبي عن راشد بن سعد لما انصرف رسول الله من أحد كئيبا حزينا جعلت المرأة تجيء بزوجها وأبيها وابنها وهي تلتدم فقال رسول الله أهكذا يفعل برسولك فنزلت
238 - قوله ز تعالى ويتخذ منكم شهداء 140
قال ابن أبي حاتم عن أبيه عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن عكرمة لما أبطأ الخبر على النساء بالمدينة خرجن يستقبلن فإذا رجلان مقتولان على بعير فقالت امرأة من الأنصار من هذان قالوا فلان وفلان أخوها وزوجها أو زوجها وابنها فقالت ما فعل رسول الله قالوا حي قالت فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء قال فنزل القرآن على وفق ما قالت ويتخذ منكم شهداء هذا مرسل رجاله من رجال البخاري
239 - قوله ز تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم الآية 142
قال مقاتل بن سليمان سببها أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة لم تقتلون أنفسكم وتهلكون أموالكم فإن محمدا لو كان نبيا لم يسلطوا عليه فنزلت
240 - قوله ز تعالى ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه الآية 143
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس إن رجالا من أصحاب النبي كانوا يقولون ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد أو ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلي فيه خيرا ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق فأشهدهم الله أحدا فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم يقول الله عز و جل ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه
وأخرج عبد بن حميد من طريق فضيل 307 بن مرزوق عن عطية نحوه ليس فيه ابن عباس
وعند الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد غاب رجال عن بدر فكانوا يتمنون مثل يوم بدر ليصيبوا من الأجر والخير فلما كان يوم أحد ولى من
ولى منهم فعاتبهم الله بذلك
وأخرجه عبد بن حميد أيضا ومن طريق سعيد عن قتادة كان ناس من المسلمين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الشرف والفضل فذكر نحوه
وأخرجه الطبري من هذه الطرق كلها ومنها طريق ابن جريج قال ابن عباس كانوا يسألون الشهادة فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ منهم شهداء
ومن طريق الربيع بن أنس نحو رواية قتادة
ومن طريق هوذة عن عوف عن الحسن البصري قال بلغني أن رجالا من أصحاب النبي كانوا يقولون لئن لقينا مع النبي يعني عدوا لنفعلن ولنفعلن فابتلوا بذلك فوالله ما كلهم صدق فأنزل الله عز و جل هذه الآية
ومن طريق أسباط عن السدي كان ناس من الصحابة لم يشهدوا بدرا قالوا اللهم إنا نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر نحوه
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في الذين قالوا يا نبي الله أرنا يوما مثل يوم بدر فأراهم الله يوم أحد فانهزموا فعاتبهم الله
241 - قوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية 144
أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة ومن طريق الربيع بن أنس قالا لما فقدوا النبي يوم أحد وتناعوه قال ناس لو كان نبيا ما قتل وقال ناس قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم حتى يفتح الله عليكم 308 او تلحقوا به فنزلت
زاد الربيع ذكر أن رجلا من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال أشعرت أن محمدا قتل فقال الأنصاري إن كان محمد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزلت
ومن طرق أسباط عن السدي لما كان يوم أحد فذكر القصة وفيه وفشا في الناس أن محمدا قد قتل فقال بعضهم ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي يأخذ
لنا أمانا من أبي سفيان يا قوم ارجعوا إلى قومكم قبل أن تقتلوا فقال أنس بن النضر يا قوم إن كان محمد قتل فإن رب محمد لم يقتل فقاتلوا على دينكم وانطلق رسول الله حتى أتى الصخرة فاجتمع عليه ناس فنزل في الذين قالوا إن محمدا قد قتل وما محمد إلا رسول
ومن طريق ابن إسحاق حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري من بني عدي بن النجار أن أنس بن النضر مال إلى نفر من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم قالوا قتل رسول الله فما تصنعون بالحياة بعده موتوا على ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل
ومن طريق جويبر عن الضحاك لما انهزم الصحابة نادى مناد إن محمدا قتل فأنزل الله الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس نحوه
وذكر مقاتل بن سليمان نحوه ووقع في النسخة التي نقلت منها من رواية الهذيل أبي صالح عنه بشر بن النضر عم أنس وهو تحريف وإنما هو أنس
242 - قوله ز تعالى انقلبتم على أعقابكم 145
قال ابن ظفر روي سفيان بن عيينة عن الزهري قال لما نزلت ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم قالوا يا رسول الله قد علمنا أن الإيمان 309 يزيد فهل ينقص
قال أي والذي بعثني بالحق فقيل هل لذلك دلالة قال فتلا هذه الآية انقلبتم على أعقابكم فالانقلاب نقصان ولا كفر
243 - قوله تعالى سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا الآية 151
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة ندموا فقالوا بئس ما صنعتم أنكم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا وقالوا له إن لقيت محمدا فأخبره ما قد جمعنا لهم فأخبر الله رسوله فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فأنزل الله في ذلك يذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع وما قذف في قلبه من الرعب سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب الآية
وذكر مقاتل بن سليمان نحوه فقال ألقى الله في قلوب المشركين الرعب بعد هزيمة المسلمين فرجعوا إلى مكة من غير شيء
244 - قوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه الآية 152
أخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس قال لما كان يوم أحد قال لهم النبي إنكم ستظهرون فلا أعرفن ما أصبتم من غنائمهم شيئا حتى تفرغوا
فتركوا أمره الذي عهد إليهم وتنازعوا فوقعوا في الغنائم وتركوا العهد الذي عهد إليهم فانصرف عليهم عدوهم من بعد ما أراهم فيهم ما يحبون
ومن طريق العوفي عن ابن عباس أن رسول الله بعث ناسا فكانوا من ورائهم فقال كونوا ها هنا فردوا وجه من نفر وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا ولما هزم المشركون 310 رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم فقالوا انطلقوا ندرك الغنيمة قبل أن نسبق إليها وقالت طائفة بل نطيع رسول الله ونثبت مكاننا فذلك قوله فمنكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة فلما تنازعوا وخالفوا الأمر جدلوا قال فالذين انطلقوا يريدون الغنيمة هم أصحاب الدنيا
والذين قالوا لا نخالف الأمر أرادوا الآخرة فنزلت الآيات في ذلك
ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك نحوه وزاد فكان ابن مسعود يقول ما شعرت أن أحدا من أصحاب رسول الله كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد ومن طريق السدي عن عبد خير عن ابن مسعود نحوه ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال كان ابن مسعود يقول فذكره
وأخرج البخاري من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال أجلس النبي يوم أحد جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير وقال لا تبرحوا وإن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقيناهم هزموا حتى رأينا النساء يسندن في الجبل يرفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة فقال لهم عبد الله بن جبير عهد النبي إلينا أن لا نبرح فأبوا فصرف الله وجوههم فأصيب منهم سبعون قتيلا وأشرف أبو سفيان فقال أفي القوم ابن أبي قحافة فقال لا تجيبوه فقال أفي القوم ابن الخطاب فقال لا تجيبوه فقال إن هؤلاء قتلوا ولو كانوا 311 أحياء
لأجابوا فلم يملك عمر نفسه أن قال كذبت يا عدو الله فقد أبقى الله لك ما يخزيك فقال أعل هبل الحديث
وأخرج عبد بن حميد من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن عبد الرحمن بن أبزي قال وضع رسول الله خمسين من الرماة يوم أحد وأمر عليهم عبد الله بن جبير أخا خوات وأقعدهم إزاء خالد بن الوليد وكان على خيل المشركين فلما انهزم المشركون قال طائفة منهم نلحق بالناس لا يسبقونا بالغنائم وقالت طائفة عهد إلينا النبي أن لا نزيغ من مكاننا حتى يأتينا أمره فمضى أولئك فرأى خالد رقتهم فحمل عليه فقتلهم ونزلت ولقد صدقكم الله وعده الآية وكانت معصيتهم توجههم عن مكانهم وقوله من يريد الدنيا أي الغنيمة والآخرة الشهادة
ومن طريق عطية العوفي نحوه
وأخرج أحمد والطبري والحاكم من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال ما نصر الله في موطن كما نصر في يوم أحد
قال فأنكرنا ذلك فقال بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه والحس القتل حتى إذا فشلتم وإنما عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي أقامهم في موضع ثم قال احموا ظهرنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا فلما انهزموا أكب الرماة في العسكر ينهبون وانتشب العسكران وشبك بين أصابعه فدخلت خيل المشركين من ذلك الموضع فضرب بعضهم بعضا وقتل من المسلمين ناس كثير وصاح الشيطان قتل محمد وشكوا أنه حق 312 فذكر قصة أبي سفيان وأخرج أحمد من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال كان النساء يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبرأ أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى نزلت الآية فلما خالف الرماة ما أمروا به يعني
وانهزم الناس أفرد رسول الله في تسعة سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم الحديث
وفي حديث عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر عند النسائي والبيهقي في الدلائل انهزم الناس عن النبي يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة 245 قوله تعالى فأثابكم غما بغم 153
قال مقاتل بن سليمان لما تراجع المسلمون من الهزيمة حصل لهم غم عظيم لما أصابهم من الهزيمة ولما فاتهم من الفتح والغنيمة فأشرف عليهم خالد بن الوليد من الشعب في الجبل فلما عاينوه أنساهم ما كانوا فيه من الغم الأول فأنزل الله تعالى لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم قال وغشي النعاس سبعة منهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة وسهل بن
حنيف ورجلين من الأنصار أيضا
قلت ثبت في الصحيح ذكر أبي طلحة فيمن غشيه النعاس وهو أنصاري
246 - قوله تعالى وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية الآية 154
قال الزبير بن بكار قائل ذلك هو معتب بن قشير شهد عليه بذلك الزبير بن العوام هكذا أخرجه الطبراني عن علي بن عبد العزيز عن الزبير بن بكار
قلت وأخرج ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه حدثه عن أبيه 313 عن عبد الله بن الزبير قال قال الزبير لقد رأيتني مع رسول الله حين أشتد الخوف علينا أرسل الله علينا النوم فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره قال فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم يقول لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا
وأخرجه إسحاق بن راهوية وابن أبي حاتم من هذا الوجه
247 - قوله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان الآية 155
قال عبد بن حميد حدثنا يوسف بن بهلول عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق قال قال عكرمة مولى ابن عباس جاءت فاختة بنت غزوان امرأة عثمان بن عفان ورسول الله وعلي يغسلان السلاح من الدماء فقالت ما فعل ابن عفان أما والله لا تجدونه الأم القوم فقال لها علي ألا إن عثمان فضح الذمار اليوم فقال له رسول الله مه وكان ممن ولى دبره يومئذ عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان إخوان من الأنصار من بني زريق حتى
بلغوا الجلعب فرجعوا بعد فقالت فقال لهم رسول الله لقد ذهبتم بها عريضة قال الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم الآية
وأخرجه الطبري من رواية سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق وقال في روايته الجلعب جبل بناحية المدينة مما يلي الأحوص أقاموا به ثلاثا ثم رجعوا
وأخرج سنيد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال قال عكرمة إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان نزلت 314 في رافع بن المعلى وغيره من
الأنصار وفي أبي حذيفة بن عتبة وآخر ولقد عفا الله عنهم إذ لم يعاقبهم
248 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض الآية 156
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه
وجزم مقاتل بن سليمان بأن الذي قال ذلك عبد الله بن أبي
249 - قوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم 159
اتفقوا على أنها نزلت في حق الذين انهزموا يوم أحد فإنه لم يغلظ على الذين خالفوا أمره حتى كانوا سببا لقتل من قتل من المسلمين
250 - قوله تعالى وشاورهم في الأمر 159
قال مقاتل بن سليمان
كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله نبيه أن يشاور أصحابه إكراما لهم فيكون أطيب لأنفسهم
251 - قوله تعالى وما كان لنبي أن يغل الآية 161
1 - أخرج عبد بن حميد والترمذي والطبري وأبو يعلى وابن أبي حاتم من طريق خصيف عن مقسم حدثني ابن عباس إن هذه الآية نزلت وما كان لنبي أن يغل في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس أخذها محمد وأكثروا في ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة
لفظ الطبري وفي رواية أبي يعلى فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين فقال ناس لعل رسول الله أخذها فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل قال خصيف فقلت لسعيد بن جبير وما كان لنبي أن
يغل يعني بفتح الغين فقال بل يغل ويقتل
وفي رواية الطبري قلت لسعيد بن جبير كيف تقرأ أن يغل أو يغل قال أن يغل يعني بضم الغين قد كان والله يغل ويقتل
قال الترمذي حسن غريب وقد رواه عبد السلام بن حرب عن خصيف
قلت هي رواية الطبري من طريقه
قال ورواه بعضهم عن خصيف عن مقسم فأرسله
قلت هي رواية شريك عنه عند عبد بن حميد
315 - وأخرج الطبراني من طريق أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان ينكر على من يقرأ أن يغل يعني بفتح الغين ويقول كيف لا
يكون له أن يغل وقد كان يقتل قال الله عز و جل ويقتلون الأنبياء لكن المنافقين اتهموا رسول الله في شيء من الغنيمة فأنزل الله عز و جل وما كان لنبي أن يغل
وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن خصيف فقال عن عكرمة بدل مقسم
وفي رواية عن عكرمة وسعيد بن جبير والرواية المفصلة أثبت
وأخرجه من طريق حميد الأعرج عن سعيد بن جبير قال نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر لم يذكر ابن عباس
قال الطبري في ذكر وعيد أهل الغلول في بقية الآية دليل واضح على صحة قراءة الجمهور
قلت أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وما كان لنبي أن يغل قال يغله أصحابه
وأخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال وما كان لنبي أن يغل بضم أوله
أن يغله أصحابه الذين معه ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت يوم بدر وقد غل طوائف من المسلمين
وكذا أخرجه الطبري من طريق الربيع بن أنس ثم شرع الطبري في رد هذه القراءة واستشهد للمشهورة بحديث أبي هريرة المخرج في الصحيح ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة الحديث
2 - قول آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وما كان لنبي أن يغل أي يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة فيجور في القسمة ولكن يقسم بالعدل ويأخذ فيه بأمر الله فإذا فعل ذلك استنوا به
3 - قول آخر أخرج الطبري من طريق 316 سلمة بن نبيط عن
الضحاك بن مزاحم قال بعث رسول الله طليعة وغنم النبي فقسمها بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئا وقدمت الطلائع فقالوا لم يقسم لنا فنزلت وما كان لنبي أن يغل قرأها بضم الغين أي يعطي غير من قاتل
4 - قول آخر ذكر جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي لما وقعت في يده غنائم هوازن يوم حنين غله رجل في مخيط فنزلت
قلت وهذا من تخليط جويبر فإن هذه الآية نزلت في يوم أحد اتفاقا
5 - قول آخر قال مقاتل بن سليمان نزلت في الذين طلبوا الغنيمة يوم أحد يعني الرماة فتركوا المركز وقالوا نخشى أن يقول النبي من أخذ شيئا فهو له ونحن ها هنا وقوف فلما رآهم النبي قال ألم أعهد إليكم أن لا تبرحوا من المركز حتى يأتيكم أمري قالوا تركنا بقية إخواننا وقوفا قال أو ظننتم أنا نغل فنزلت وما كان لنبي أن يغل
وكذا ذكره الكلبي في تفسيره بنحوه لكن قال فقالوا نخشى أن لا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر وزاد بعد قوله إنا نغل ولا نقسم لكم
252 - قوله تعالى 317 أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم 165
1 - قال الثعلبي روى عبيدة بن عمرو السلماني عن علي قال جاء جبريل إلى النبي فقال يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسرى وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء علي أن يقتل منهم فذكر ذلك رسول الله فقالوا يا رسول الله عشائرنا وإخواننا لا بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على عدونا ويستشهد منا عدتهم وليس في ذلك شيء نكره فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر
قال الثعالبي فمعنى قوله على هذا التأويل من عند أنفسكم أي بأخذكم الفداء واختياركم القتل
قلت حديث علي هذا أخرجه الحسين بن داود المعروف بسنيد في تفسيره عن إسماعيل بن علية عن ابن عون وعن حجاج بن محمد عن جرير بن حازم كلاهما عن محمد بن سيرين عنه
وأخرجه الطبري من طريق سنيد وأصله عند الترمذي والنسائي من رواية يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن الثوري عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ولفظه أن جبريل هبط عليه فقال له خيرهم في أسارى بدر القتل أو الفداء
على أن يقتل منهم قابل مثلهم قالوا الفداء ويقتل منا
قال الترمذي حسن غريب من حديث الثوري ورواه أبو أسامة عن هشام نحوه وروى ابن عون عن ابن سيرين عن عبيدة بن عمرو مرسلا
قلت أخرجه الطبري عن الدورقي عن ابن علية عنه مرسلا ومن طريق أشعث بن سوار عن ابن سيرين 318 كذلك
وقد وصل سنيد رواية ابن عون كما ترى وزاد رواية جرير وخالف في سياق المتن وقد تكلموا فيه
حديث آخر قال الإمام أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما
جميعا حدثنا قراد أبو نوح واسمه عبد الرحمن بن غزوان ثنا عكرمة بن عمار نا سماك الحنفي حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم أحد من العام المقبل عوضوا بما صنعوه يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر القوم عن النبي وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله عز و جل أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم بأخذكم الفداء
لفظ أبي بكر وسياق أحمد أتم وأصل الحديث في صحيح مسلم من هذا الوجه وأوله لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين الحديث بطوله وفيه فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وفيه أن النبي استشار أبا بكر وعمر في الأسرى وفيه أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى وسيأتي في سورة الأنفال
حديث آخر مرسل أخرج ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور سألت
الحسن عن قوله تعالى أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قال لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا من أين هذا ما كان للكفار أن يقتلوا منا فأخبرهم الله تعالى إن ذلك بالأسرى الذين أخذوا منهم الفداء يوم بدر فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة 319 ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة
2 - قول آخر قال الطبري في المراد بقوله قل هو من عند أنفسكم قال بعضهم تأويله ما وقع من خلافكم على نبيكم حين أشار عليكم فأبيتم إلا أن يخرج ويصحر لهم ويقاتلهم
ثم أسند عن قتادة قال ذكر لنا أن النبي قال إنا في جنة حصينة فقال أناس من الأنصار فذكر القصة وقوله ما كان النبي أن يلبس لأمته ثم يضعها حتى يقاتل
253 - قوله تعالى وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم 167
اتفقوا على أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأتباعه الذين رجعوا قبل القتال
254 - قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون الآية 169
1 - قال إسحاق بن راهويه أنا وكيع عن سفيان عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء قال لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وغيرهما يوم أحد ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا ليت إخواننا علموا ما أصبنا من الخير كي يزدادوا رغبة في الجهاد فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء إلى قوله أجر المؤمنين أخرجه الطبراني من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن سالم الأفطس به
وأخرج أبو داود وعبد بن حميد والطبري وأبو يعلى والحاكم من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل 320 من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب قال الله أنا أبلغهم عنكم قال الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية
طريق آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن دينار عن سعيد بن جبير قال
لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة قالوا يا ليت إخواننا في الدنيا يعلمون ما نحن فيه فإذا شاهدوا القتال باشروه بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبهم ما أصبنا من الخير فأخبر الله تعالى نبيه بأمرهم وما هم فيه من الكرامة فاستبشروا بذلك
طريق آخرى قال الفريابي نا قيس بن الربيع أنا سعيد بن مسروق عن أبي الضحى في هذه الآية قال نزلت في قتلى أحد حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان وهؤلاء الأربعة من المهاجرين ومن الأنصار ستة وستون رجلا نزل فيهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
وعن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال لما أصيبوا فرأوا الرزق والخير تمنوا أن أصحابهم يعلمون بما هم فيه ليزدادوا رغبة في الجهاد فقال الله أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآية
وأخرجه عبد بن حميد عن أبي الوليد عن أبي الأحوص وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل كلاهما عن سعيد بن مسروق
حديث آخر أخرج الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان
والحاكم والطبراني من طريق موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري سمعت طلحة 321 بن حراش يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول لقيني رسول الله فقال ما لي أراك منكسرا قلت يا رسول الله توفي أبي استشهد بأحد وترك علي دينا وعيالا قا بل أفلا يسرك بما لقي الله به أباك قال بلى يا رسول الله قال يا عبدي تمن علي قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية قال إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون قال فأنزلت هذه الآية
قال الترمذي حسن غريب وقد رواه علي بن عبد الله وغيره من الكبار عن موسى وروى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئا من هذا
قلت رواية علي في الطبراني ورواية ابن عقيل عن أحمد وأبي يعلى
والطبري وغيرهما ولفظه قال لي رسول الله أعلمت أن الله أحيا أباك فقال ما تحب يا عبد الله قال يا رب أحب أن تردني إلى الدنيا فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى
وأخرج سنيد عن حجاج بن محمد بن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال قالوا يعني شهداء أحد يا رب لا رسول لنا يخبر النبي بما أعطيتنا قال الله أنا رسولكم فأمر جبريل أن يأتي بهذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية
وأخرج مسلم وغيره أصل الحديث عن عبد الله بن مسعود قال أرواح الشهداء عند الله كطير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث
شاءت فاطلع ربك طلاعة فقال ما تشتهون قالوا تعيد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى
وفي رواية عند عبد الرزاق تقرئ عنا نبينا السلام وتخبره أن قد رضيت عنا ورضينا وليس في شيء من طرقه ذكر نزول الآية
2 - قول آخر 322 أخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي قالوا يا ليتنا نعلم ما فعل إخواننا الذين قتلوا يوم أحد
ومن طريق قتادة نحوه
3 - قول آخر ذكر ابن إسحاق في المغازيي قصة قتلى بئر معونة مطولا وأصلها أن أبا براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة قدم على النبي فعرض عليه الإسلام فقال إن أمرك هذا الذي تدعو إليه حسن جميل فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد رجوت أن يستجيبوا لك فقال إني أخشى عليهم فقال أبو براء أنا لهم جار فبعث المنذر بن عمرو الساعدي في سبعين رجلا من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان وعروة بن أسماء ونافع بن بديل
وعامر بن فهيرة فذكر قصة قتلهم بإشارة عامر بن الطفيل لطائفة من بني سليم قال فأنزل الله تعالى في شهداء بئر معونة قرآنا بلغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ثم نسخت فرفعت بعد ما قرآناها زمانا وأنزل الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية
وأخرج الطبري من طريق عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني أنس في قصة أصحاب بئر معونة قال لا أدري أربعين أو سبعين وكان علي الماء عامر بن الطفيل فخرج أولئك النفر حتى أتوا الماء فقالوا أيكم يبلغ رسالة رسول الله فخرج يعني حرام بن ملحان خال أنس حتى أتى حواء منهم فاحتبى أمام البيوت ثم قال يا أهل بئرت معونة إني رسول الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله 323 فآمنوا بالله ورسوله فخرج رجل من كسر بيت برمح فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر فقال الله أكبر فزت ورب الكعبة فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه فقتلوهم قال أنس إن الله أنزل فيهم قرآنا فذكره وفيه فرفعت بعد أن قرأناها زمنا وأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
وأصل هذا الحديث عند مسلم
وفي الصحيحين من حديث أنس في قصة القنوت وفي آخره ما في آخر هذا الحديث
4 - قول آخر نقله الثعلبي عن بعضهم ولم يسمه أن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا وقالوا نحن في النعمة والسرور وأمواتنا في القبور فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا لهم وإخبارا عن أحوال قتلاهم
255 - قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح الآية 172
روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول إلى آخرها قالت لعروة يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله يوم أحد ما أصاب وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال من يذهب في أثرهم فانتدب منهم سبعون رجلا كان فيهم أبو بكر والزبير
هكذا أخرجه البخاري وأخرجه الحاكم من طريق أبي سعيد المؤدب عن هشام به وهم في استدراكه وأخرجه من طريق البهي عن عروة عن عائشة مختصرا وأخرجه سعيد بن منصور في السنن والحميدي في المسند كلاهما عن سفيان بن عيينة عن هشام
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قصة وقعة أحد وكانت في شوال قال ألقى الله في قلب 324 أبي سفيان الرعب فسار بمن معه إلي مكة وكان التجار يأتون بدرا الصغرى في ذي القعدة فندب رسول الله الناس لما شاع بين الناس أن الناس قد جمعوا لكم فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وابن مسعود وحذيفة في سبعين حتى بلغوا الصفراء فلم يلقوا كيدا فأنزل الله عز و جل الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح الآية
وقد ذكر ابن إسحاق أن أبا سفيان ومن معه ندموا على تركهم الإيقاع بالمسلمين وقالوا أصبنا حدهم وأشرافهم ثم نرجع ولم نستأصلهم وهموا بالرجوع وإن معبد بن أبي معبد الخزاعي لقي النبي بحمراء الأسد فعزاه فيمن أصيب من أصحابه وأمره أن يقصد أبا سفيان ويخذله عن الرجوع فرجع معبد إلى بلاده فلقي أبا سفيان فقال ما وراءك قال محمد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع ما رأيت مثله يتحرقون عليكم وقد آجتمع معه من كان تخلف عنه وندموا وأنشده في ذلك شعرا فأنثنى رأي أبي سفيان ومن معه عما هموا به واستمر ذهابهم لمكة
وقد ذكر ابن إسحاق القصة مطولة وفي آخرها أن أبا سفيان مر به ركب من عبد القيس فذكر القصة التي بعد هذه
256 - قوله ز تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم الآية 173
ذكر ابن إسحاق متصلا 325 بالقصة التي قبل هذه قال ومر به أي بأبي
سفيان ركب من عبد القيس فقالوا نريد المدينة نمتار منها فقال فجعل لهم جعلا على أن يبلغوا المسلمين رسالة عنه أنه يقول لهم قد أجمعنا المسير إليكم لنستأصل بقيتكم فمر الركب المسلمين وهم بحمراء الأسد فأخبروه بما قال أبو سفيان فقال حسبنا الله ونعم الوكيل
وقال مقاتل بن سليمان لما انصرف أبو سفيان ومن معه من أحد ولهم الظفر قال النبي إني سائر في أثر القوم وكان النبي يوم أحد على بغلة شهباء فدب ناس من المنافقين إلى بعض المؤمنين فقالوا أتوكم في دياركم فوطؤكم قتلا فكيف تطلبونهم وهم عليكم اليوم أجرا وأنتم اليوم أرعب فوقع في نفوس المؤمنين فقال النبي لأطلبنهم ولو بنفسي فانتدب معه سبعون رجلا حتى بلغوا صفراء بدر فبلغ أبا سفيان فأمعن السير إلى مكة ولقي نعيم بن مسعود الأشجعي متوجها إلى المدينة فقال يا نعيم بلغنا أن محمدا في أثرنا فأخبره أن أهل مكة قد جمعوا جمعا كبيرا من قبائل العرب وأنهم لقوا أبا سفيان فلاموه على رجوعه حتى هموا به فردوه قالوا يا نعيم فإن أنت رددت عنا محمدا فلك عندنا عشرة ذود من الإبل تأخذها إذا رجعت إلى مكة فلقي نعيم النبي بالصفراء فذكر له ذلك
وقال أتاكم الناس فقال النبي حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله الذين قال لهم الناس يعني نعيم بن مسعود إن الناس قد جمعوا لكم الجموع الآيات
وأخرج الطبري من طريق السدي قال لما تجهز رسول الله وأصحابه للمسير إلى بدر الموعد لميعاد أبي سفيان أتاهم المنافقون 326 فقالوا نحن إخوانكم الذين نهيناكم عن الخروج إليهم فعصيتمونا وقد أتوكم في دياركم فقاتلوكم وظفروا فإن توجهتم إليهم لا يرجع منكم أحد فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
وذكر الثعلبي عن أبي معشر أن وفدا من هذيل قدموا المدينة فسألوهم عن أبي سفيان فقالوا قد جمعوا لكم جموعا كثيرة فاخشوهم فنزلت واشتهر في كتب الأصول قصة نعيم بن مسعود وذكر الثعلبي أن عكرمة ومجاهدا وافقا مقاتلا
قلت أما عكرمة فأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره ومن طريق ابن أبي حاتم فقال عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال كانت بدر متجرا في الجاهلية فلما كان يوم أحد قال أبو سفيان للنبي موعدك عام قابل بدر فقال هو موعد لك فلما خرج النبي لموعدهم لقيهم رجل فقال إن بها جموعا من المشركين فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة التجارة وأهبة القتال وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ثم خرجوا حتى جاؤوها فتسوقوا بها ولم يجدوا عندها أحدا فأنزل الله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم الآية
وأما رواية مجاهد فأخرجها الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ذكر الآية فقال هذا أبو سفيان قال لمحمد موعدك بدر حيث قتلتم أصحابنا فقال النبي عسى أن ننطلق قال فذهب لموعده حتى نزلوا بدرا فوافوا السوق فابتاعوا فذلك قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
وأخرج عبد بن حميد من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزي قال جعل أبو سفيان للقوم جعلا على أن من لقي 327 منهم أصحاب محمد يخبرهم أن أبا سفيان قد جمع لكم جموعا فإذا قالوا لهم ذلك قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
وأخرج أبو بكر بن مردويه من طريق عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري عن أبي بكر بن عياش عن حميد عن أنس قال قيل للنبي يوم أحد إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
قلت والمحفوظ عن أبي بكر بن عياش ما أخرجه البخاري عن شيخه أحمد ابن يونس عن أبي بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال
حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم الآية
وكذا أخرجه النسائي من رواية يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر
وأخرج سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال عمد رسول الله لموعد أبي سفيان فجعلوا يلقون المشركين ويسألونهم عن قريش فيقولون قد جمعوا لكم يكيدونهم بذلك يريدون أن يرعبوهم فيقول الرسول حسبنا الله ونعم الوكيل حتى قدموا بدرا فوجدوا أسواقها عافية أي خالية من التجار فلم ينازعهم فيها أحد وقدم رجل من المشركين فسألوه عن المسلمين فقال
قد نفرت من رفقتي محمد ... وعجوة من يثرب كالعنجد
تهوي على دين أبيها الأتلد ... قد جعلت ماء قديد موعدي
وماء ضجنان لها ضحى الغد ...
257 - قوله تعالى فانقلبوا بنعمة من الله وفضل 174
تقدم قبل هذه عن مجاهد وغيره
258 - قوله ز تعالى إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم الآية 175
بقية القصة التي تقدمت
259 - قوله ز تعالى ولا يحزنك الذين يسارعون 328 في الكفر 176
تأتي في تفسير سورة المائدة
260 - قوله تعالى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب 179
قال الثعلبي في هذه الآية إشارة إلى أن الذي وقع للمسلمين من الهزيمة يوم أحد كان لتمييز من اندس فيهم من المنافقين فأظهر القتال نفاقهم و يميز الخبيث وهو المنافق من الطيب وهو المؤمن ورجح أن الخطاب للمؤمنين وأن المراد بما كانوا عليه اندساس المنافقين واختلاطهم بهم وتوقعهم بهم الجوائح فميزهم الله بالوقعة المذكورة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي قال حدث رسول الله أصحابه أن أمته عرضت عليه كما عرضت على آدم قال فأعلمت بمن يؤمن بي ومن يكفر بي فبلغ ذلك المنافقين فقالوا يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن
يكفر به ونحن معه ولا يعلم بنا فأنزل الله تعالى هذه الآية
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قالت قريش يا محمد تزعم أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان ومن اتبع على دينك فهو في الجنة والله عنه راض فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن لا يؤمن بك فنزلت
وقال مقاتل بن سليمان قال الكفار إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن منا ومن يكفر فنزلت
ونقل الثعلبي عن أبي العالية أنه قال سأل المؤمنين أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمن والمنافق فأنزل الله تعالى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه الآية
261 - قوله تعالى ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم الآية 180
1 - قال الواحدي أجمع جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة
قال وروى عطية العوفي 329 عن ابن عباس أنها نزلت في أخبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ونبوته والبخل على هذا كتمان العلم
وأخرج البخاري من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فأخذه بلهزمتيه يعني شدقيه يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله الآية
وأخرجه النسائي من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر نحوه قال النسائي هذا أثبت من رواية عبد الرحمن
قلت بل له أصل من رواية أبي صالح فقد أخرجه ابن حبان من رواية الليث عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح وله طريق أخرى عن أبي صالح
وابن أبي سلمة سلك الجادة وهذا من دقيق نظر البخاري ويحتمل أن يكون
عند عبد الله بن دينار بالوجهين ويؤيده أن رواية ابن عمر ليس فيها للآية ذكر
طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجها ابن مردوية والثعلبي من طريق محمد بن أبي حميد عن زياد مولى الخطميين عن أبي هريرة رفعه ما من عبد له مال فيمنعه من حقه ويضعه في غير حقه إلا مثل له فذكره وفيه فيقول أعوذ بالله منك فيقول لم تستعيذ مني وأنا مالك الذي كنت تبخل به فيطوقه في عنقه حتى يدخله جهنم ويصدق ذلك في القرآن فذكر الآية
ومحمد بن أبي حميد ضعيف
وفي الباب عن ابن مسعود له رفعه ما من عبد لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له شجاع أقرع يتبعه وهو يفر منه يقول أنا كنزك ثم قرأ عبد الله مصداقه من كتاب الله سيطوقون 330 ما بخلو به يوم القيامة الآية
أخرجه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم
وعن ثوبان أخرجه أبو يعلى وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وعن عند الطبراني وعن معاوية بن حيدة عند الطبري
وأخرج الطبري والثعلبي من طريق داود بن أبي هند عن أبي قزعة سويد بن حجير عن رجل من قيس رفعه ما من كبير رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله فيبخل عنه إلا أخرج له من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه ثم تلا ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله
ثم أخرجه الطبري من وجه آخر عن أبي قزعة عن أبي مالك العبدي ولم
يرفعه
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال نزلت في أهل الكتاب الذين بخلوا بما في أيديهم من الكتب المنزلة أن يبينوها
وذكره الثعلبي عنه بلفظ نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ونبوته قال وأراد بالبخل كتمان العلم
262 - قوله تعالى لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا الآية 181
قال الثعلبي ذكر الحسن قائل ذلك حيي بن أخطب
قلت أقوى من ذلك ما أخرج ابن أبي حاتم من طريق الدشتكي عن أشعث ابن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال
أتت اليهود محمدا حين أنزل الله من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فقالوا يا محمد افتقر ربك يسأل عباده القرض فأنزل الله لقد سمع الله الآية
طريق آخر أتم منه أخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أنه حدثه عن ابن عباس قال 331 دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد من اليهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر يقال له أشيع فقال له أبو بكر ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله جاء من عند الله بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل فقال فنحاص والله يا أبا بكر ما لنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه الأغنياء ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين
فذهب فنحاص إلى رسول الله فقال يا محمد أبصر ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله لأبي بكر ما حملك على ما صنعت فقال يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فغضبت لله مما قال فضربت وجهه فقال فنحاص ما قلت ذلك فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقا لأبي بكر لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء الآية وأخرجه ابن المنذر من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بطوله بغير سند لابن إسحاق وزاد في آخره ونزل في أبي بكر وغضبه من ذلك ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا إلى قوله من عزم الأمور
وذكر الثعلبي عن عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق 332 قالوا كتب النبي مع أبي بكر الصديق إلى يهود بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويقرضوا الله قرضا حسنا فدخل أبو بكر ذات يوم بيت مدارسهم فذكر نحو ما تقدم بطوله
وهذا الصدر ذكره مقاتل بن سليمان بلفظه واقتصر من القصة كلها على قول فنحاص إن الله فقير حين يسألنا القرض
وأما عكرمة فهو الذي أخرجه ابن إسحاق من طريقه لكن الثعلبي إنما أشار إلى ما أخرجه أبن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج قال مولى ابن عباس أن النبي بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده ونهى أبا بكر أن يفتات بشيء حتى يرجع فلما قرأ فنحاص الكتاب قد أحتاج ربكم فسنفعل سنمده قال أبو بكر فهممت أن أمده بالسيف وهو متوحشه ثم ذكرت قول النبي فنزلت لقد سمع الله إلى قوله آذى كثيرا في يهود بني قينقاع
وأما السدي فساق القصة كسياق محمد بن إسحاق وقال فنحاص بن عازورا وزاد بعد قوله والإنجيل فآمن وصدق وأقرض الله قرضا حسنا يدخلك الجنة ويضاعف لك الثواب والباقي سواء إلا أنه قال وما يستقرض إلا الفقير من الغني فإن كان ما تقول حقا إن الله إذا لفقير ونحن أغنياء ولم يتعرض لذكر الوفاق
وأخرج عبد بن حميد وغيره من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد نزلت في اليهود صك أبو بكر وجه رجل منهم وهو الذي قال أن الله فقير ونحن أغنياء وهو الذي قال يد الله مغلولة قال شبل بلغني أنه فنحاص اليهودي
وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة 333 لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال اليهودي إنما يقترض الفقير من الغني زاد ابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب
263 - قوله تعالى الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار الآية 183
قال الثعلبي قال المفسرون كانت الغنائم والقرابين لا تحل لبني إسرائيل فكانوا إذا قربوا قربانا أو قربوا غنيمة فتقبل منهم ذلك جاءت نار بيضاء من السماء وحفيف فتأكل ذلك القربان وتلك الغنم فيكون ذلك علامة القبول فإن لم تقبل تبقى على حالها
قلت
أخرج ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج قال كان من كان قبلنا من الأمم يقرب أحدهم القربان فإن تقبل منهم جاءت نار من السماء بيضاء فأكلته فإن لم يتقبل لم تأت تلك النار فيعرف أنه لم يقبل منهم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي يزيد النعمان بن قيس المرادي عن العلاء بن بدر قال كانت رسل تجيء بالبينات ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله فأنزل الله تعالى قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم الآية
قال قلت للعلاء كيف قال لهم فلم قتلتموهم وهم لم يدركوا ذلك قال لموالاتهم قتلة الأنبياء
ولابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس كان الرجل يتصدق فإذا تقبل منه نزعت عليه نار من السماء فأكلته
ومن طريق جويبر عن الضحاك قالوا يا محمد إن أتيتنا بقربان تأكله النار
أقسام الكتاب
1 2 3

السكني والنفقة و3 محطات وما بعد الطلاق

    محطات +س وج. طلاق سورة الطلاق 5هـ . {الشروع - التحقيق - ما بعد التحقيق اي ما بعد التطليق } بسم الله الرحمن الرحيم يمر طلاق سورة ...